هل أخبر ابني بحقيقة أمه التي تركته أم لا؟
2024-10-21 01:04:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
كنت متزوجًا، وطلقت، وقد رزقت من هذا الزواج بطفل، وقد تركت طليقتي ابنها لي من أول يوم ولادته، ولم تفكر به، ولم ترضعه، ولم تسأل عنه، وقد اهتممت به أنا ووالدتي، وهو يظنها أمه، وقد بدأ يكبر، وقارب عمره على الست سنوات، فكيف أتعامل مع الوضع الجديد، وخاصةً أنه مقبل على الدراسة في المدرسة، فهل أخبره بحقيقة أمه التي تركته، أم أنه ليس أوان ذلك؟ كما أنني الآن أرغب بالزواج، فما نصيحتكم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما شاء الله، يبدو أنك تحملت مسؤوليةً كبيرةً منذ ولادة ابنك، وقيامك بتربيته مع والدتك، وهو أمر يُحتسب لك -بإذن الله-.
مواجهة هذا الوضع يتطلب حكمةً كبيرةً، وخاصةً أن الطفل بدأ يكبر، وسيبدأ في التساؤل عن أمه الحقيقية، وإليك بعض النصائح حول كيفية التعامل مع هذا الموقف:
- بما أن طفلك مقبل على دخول المدرسة، فمن المحتمل أن يبدأ في التساؤل عن علاقته بوالدته، فمن المهم أن تكون صريحاً معه، ولكن بطريقة تتناسب مع سنه ومستوى فهمه، ولا تحتاج إلى أن تخبره كل التفاصيل دفعةً واحدةً، ولكن يمكنك أن تشرح له بلطف أن هناك ظروفاً جعلت والدته الحقيقية غير قادرة على الاعتناء به، وأن جدته كانت ولا تزال أماً بديلةً له، وأنها أحبته كابن لها.
- من الأفضل أن تنتظر حتى يأتي هو بأسئلة واضحة عن أمه، وعندما يحدث ذلك، كن مستعدًا لإعطائه إجابةً صادقةً ومبنيةً على الحب والطمأنينة، ويُفضل أن تتجنب إظهار مشاعر سلبية تجاه والدته الحقيقية؛ حتى لا يربط بين العاطفة السلبية وفهمه لعلاقته بها.
- في هذه المرحلة، يجب أن يكون هدفك الأساسي هو حماية مشاعر طفلك، وأن تتجنب إيذاءه نفسيًا؛ فقد يكون من المناسب التشاور مع مختص نفسي للأطفال؛ لمساعدتك في كيفية تقديم هذا الموضوع بطريقة تحافظ على استقراره النفسي، وتطويره العاطفي.
- بما أن جدته كانت هي الشخص الذي قام بدور الأم طوال هذه السنوات، فيجب أن تعزز هذا الدور في ذهن الطفل، ويمكنك توضيح أن الجدة قامت بدور عظيم في حياته وأنها تحبه كأنه ابنها؛ وهذا يمكن أن يساعد في تقليل شعور الطفل بالنقص، أو الحيرة حول غياب والدته الحقيقية.
- إن كنت تفكر في الزواج مرةً أخرى، فمن المهم أن تأخذ وقتك في إعداد طفلك لهذا التغيير الجديد، والحديث عن الزواج يجب أن يكون في سياق إيجابي؛ حيث تُظهر له أن الزواج سيوفر لكما حياةً مستقرةً وسعيدةً، وأن الزوجة الجديدة ستكون إضافةً إيجابيةً في حياتكما، دون أن تؤثر على علاقة الحب والاهتمام التي يتلقاها.
- تجدر الإشارة إلى أهمية التفريق بين الأم البيولوجية (التي ولدت الطفل)، وبين الأم المربية (التي تربي الطفل)؛ ففي العادة تكون الأم البيولوجية هي الأم المربية إلا في ظروف خاصة كما هو الحال عندكم، وهنا لا بد من بيان أهمية الأمانة والرحمة في التعامل مع الأطفال، قال تعالى في الآية الكريمة: "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" (الإسراء: 24)، وهذه الآية تذكّرنا بأهمية الإحسان لمن قام برعايتنا، وهذه الرسالة ينبغي أن تصل إلى طفلك بطريقة مبسطة وهادئة، وهي أنك وإن فقدت التواصل مع أمك (التي ولدتك)، فلديك أم أخرى (جدتك) التي ربتك، ورعتك، فأنت لست مقطوعًا تمامًا من الأم.
- توجه إلى الله بالدعاء؛ لكي يفتح لك أبواب الخير، ويوجهك الله للطريق الصواب في تربية ابنك، واستعن بالدعاء مثل: "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء" (إبراهيم: 40).
بالمجمل: القرار يعود لك في كيفية التعامل مع هذا الموقف، ولكن الحكمة، والرحمة، والصدق التدريجي يعتبر من أهم الأدوات في هذا المسار.
يسر الله أموركم.