العلاج النفسي والعقاقير: أيهما أفضل في مواجهة الأزمات؟

2024-11-27 02:20:13 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رسالتي إلى الدكتور/ محمد عبد العليم، أنا أمر بحالة نفسية سيئة، عانيت منذ الطفولة من تلعثم شديد، وكنت منطويًا على نفسي في جميع المراحل التعليمية، ولا أذهب إلى أي مكان، استمر ذلك إلى الآن، وتعرضت للتنمر، كنت رافضًا لفكرة الذهاب إلى العيادة النفسية، بسبب نظرة المجتمع، ولكن في نهاية المطاف ذهبت.

بدأت رحلة العلاج عام 2013، واستمرت أكثر من عشر سنوات، من زيارات عيادات مختلفة، وجربت العديد من العقاقير، والتحسن كان بسيطًا جدًا، وعند السحب التدريجي للعلاج كنت أعاني من أعراض انسحابية شديدة، من أرق شديد، وضعف شهية، وأفكار ملحة وصلت إلى حد الجنون -أعاذكم الله-.

في عام 2020 تزوجت، واستمر الزواج سنتين، وكانت أسوأ أيام حياتي، -والحمد لله- لأن الزوجة كانت سليطة اللسان، وعديمة المسؤولية، عرفت أنني أتناول عقاقير، وأخفيت ذلك عنها منذ بداية الزواج بسبب خوفي من الرفض، وللأسف، أخبرت أهلها، وهنا زادت الخلافات يومًا بعد يوم، وحصل الطلاق.

يا دكتور: أنا في العقد الرابع من العمر، وحاليًا بدون وظيفة ولا زواج، ومدمر نفسيًا، بسبب مرضي الذي دمر حياتي، في الفترة الأخيرة عانيت من حالة غريبة من ارتفاع ضغط الدم، وضربات قلب سريعة بسبب كثرة التفكير، وكأنها النهاية!

أشعر بقرب الأجل، ودائمًا أفكر في ملك الموت وأخذ الروح، أفكار غريبة! حاليًا أتناول عقاقير للضغط المرتفع، أمامي فرصة سفر لإحدى الدول، ولكنني قلق من الوضع الأمني، والسكن المختلط، وأنا غير متعود، بسبب انطوائيتي الشديدة، وخائف من عدم القبول.

هل تنصحني بأخذ علاج، أم تكفي الجلسات النفسية (CBT)؟ هل أنا في عقاب أم ابتلاء شديد؟ أرجو نصيحة من القلب، آسف على الإطالة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، ونشكرك على رسائلك السابقة ورسلتك هذه.

ألاحظ منذ بدايةً رسالتك أن هنالك حالة من التشاؤم مطبقة عليك، وهذه -يا أخي- تزيد القلق، وتؤدي إلى المزيد من الاكتئاب، فلا تتشاءم -يا أخي- هذه نقطة مهمة جدًّا، كل شيء له علاج، وكل شيء له ترتيبات مختلفة عمَّا يعتقد الإنسان، خاصةً إذا كان الاعتقاد سلبيًا.

أخي الكريم: استفد من قوة الحاضر، ما مضى قد مضى، وأنت الآن يمكنك أن تبدأ حياة إيجابية جدًّا، وأهم شيء أن تحرص على العمل، أنت لديك طاقات نفسية كثيرة، طاقات قلقية، وهذه الطاقات لا بد من توجيهها التوجيه الصحيح، حتى لا تتراكم وتحتقن وتؤدي إلى نتائج سلبية.

إذًا عليك بالعمل إذا كان في بلدك، أو حتى إذا ذهبت إلى ذلك البلد، ليس هنالك أي مشكلة -أخي الكريم- تعيش مثل بقية الناس -وإن شاء الله تعالى- يطيب لك المقام هناك، وإن لم تكن مرتاحًا بعد أن تذهب، ليس هنالك ما يمنعك من أن ترجع إلى بلادك، الأمر في غاية البساطة، لا تجعل الأفكار المتناقضة تتجاذبك، وتؤدي إلى المزيد من الوسوسة والقلق السلبي، وكذلك الاكتئاب النفسي.

كن حازمًا جدًّا في اتخاذ القرارات، وعليك -كما ذكرت لك- بالعمل، عليك بحُسن إدارة الوقت، وعليك بالتواصل الاجتماعي، أن ترفّه على نفسك، أن تحرص على الصلاة في وقتها، وأن تبدأ برنامجاً لحفظ القرآن الكريم، أو أجزاء منه.

اجعل لحياتك معنىً، القلق يحتاج إلى أن نوجهه التوجيه الصحيح، وإن تركناه بدون أن نستفيد منه ونستهلكه كطاقة إيجابية يتحول كطاقة سلبية، ولا شك في ذلك.

أخي الكريم: علة ارتفاع ضغط الدم علة منتشرة جدًّا، وأنصحك بأن تحافظ على علاجك، وأن تجعل نمط حياتك إيجابيًا، وأن تتأكد من سلامة الفحوصات، خاصة مستوى الكوليسترول، وكذلك مستوى السكر.

وليس هنالك ما يمنع أن تتناول دواءً بسيطًا مثل الـ (ترازدون) مثلًا في بجرعة 50 مليجرامًا يوميًا ليلًا لمدة ستة أشهر، ثم تجعل الجرعة 50 مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله، ويمكنك أيضًا أن تدعم الترازودون بعقار (إريبيبرازول) خمسة مليجرام صباحًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

وطبعًا حين تطبق العلاج النفسي السلوكي، وتتناول معه الدواء، سوف تكون النتائج أفضل من أن تعتمد على العلاج الدوائي وحده، أو العلاج السلوكي وحده، فكل الأبحاث التي نشرت، تشير إلى أن الجمع بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي، يؤدي إلى نتائج علاجية رائعة جدًّا.

أسأل الله لك الصحة والعافية، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب.

www.islamweb.net