هل يمكن أن تنتقل أحاسيسي ومشاعري لمن حولي؟
2024-12-03 22:49:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد الاستفسار عن شيء مهم أثر على حياتي، وهو أنني أشعر بشيء في مكان القلب، أحيانًا يكون هناك ألم، وأحيانًا لا يكون كذلك، هذا الإحساس يجعلني إذا صليت بجانب رجل، وفكرت فيه، أستطيع أن أنقل له إحساس الخوف والتوتر، لدرجة أني لاحظت ذلك كثيرًا، فهو أمر متكرر جدًا.
وهذا الإحساس أيضًا، لو مررت بجانب امرأة في الطريق، يجعلها كأنها تعجب بي، وقد لاحظت ذلك كثيرًا جدًا حتى أنه قد تكرر مع أناس أقاربي، مثلًا: لو جلست في مكان ما فيه امرأة وشعرت بهذا الإحساس، يجعل شهوتي تزيد، وهي أيضًا، وكذلك لو مررت مثلًا بجانبها).
فما توجيهكم لي -بارك الله فيكم-؟ فالأمر متكرر جدًا، وأنا -بحمد الله- محافظ على الصلاة، وكثيرًا ما أستمع إلى القرآن الكريم، وجزاكم الله خيرًا.
أرجو منكم أن تُفهموني حقيقة هذا الأمر، فإني أخشى من حقوق العباد بسبب هذا الأمر، فقد آذيت به كثيرًا من الناس، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، قيل لي إنه وسواس، وأنا متأكد أنه ليس كذلك، فهو يقين بالنسبة لي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، وأشكرك كثيرًا على إرسالك لهذه الرسالة؛ لأنها مهمة، وإن شاء الله الإجابة تفيدك، وتفيد غيرك من الناس.
ما ذكرته من مخاوف مزعجة هي مخاوف وسواسية، ولا شك في ذلك، وأنا أتفق معك أنها تزعج الإنسان، وأنها تسبب ألمًا نفسياً، خاصة للطيبين من أمثالك -أيها الفاضل الكريم-، فأنت رجل محافظ على الصلاة، وتقرأ وتسمع القرآن الكريم، وبالنسبة للمحتوى غير المريح للوساوس، فهذا يسبب لك نوعًا من التصادم الوجداني الداخلي، مما يزعجك كثيرًا.
أنا أبشرك أن الوساوس تعالج، لكن يجب أن تكون جادًا في علاجها، إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي، فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع -أيها الفاضل الكريم- فأنت تحتاج لعلاج دوائي، وأفضل علاج تتناوله، هو العقار الذي يعرف باسم فلوفكسمين، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا فافرين، وربما تجده في بلادكم تحت مسميات تجارية أخرى.
تبدأ في تناول الفلوفكسمين بجرعة خمسين مليجرام ليلًا، لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلًا، لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائتي مليجرام ليلًا، وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك، حيث إنك لا تحتاج للجرعة الكلية، وهي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، استمر على جرعة المائتي مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى مائة مليجرام ليلًا، لمدة شهرين آخرين، وهذه هي الجرعة العلاجية الوقائية، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسين مليجرام، وهي جرعة التوقف، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجلعها خمسين مليجرام يومًا بعد يوم، لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أخي الكريم: يجب أن تدعم الفافرين بدواء آخر يعرف باسم إريببرازول، تناوله بجرعة صغيرة، وهي خمسة مليجرام صباحًا، لمدة ثلاثة أشهر، كلا الدوائين من الأدوية السليمة الفاعلة وغير الإدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات الذكورية، ولا تؤدي إلى زيادة في الوزن، وهي فاعلة، لكن لتحصل على النتيجة الصحيحة من هذه الأدوية، يجب أن تكون ملتزمًا بتناولها حسب الجرعة المطلوبة.
بجانب العلاج الدوائي أرجو أن تحقر الوسواس، لا تناقشه، ولا تحاوره أبدًا، ويمكن أن تطبق علاجات سلوكية بسيطة، تتكون من ثلاثة تمارين:
التمرين الأول: هو التجاهل والتحقير.
التمرين الثاني: نسميه صرف الانتباه.
والتمرين الثالث: هو ما نسميه بالتنفير.
اكتب هذه الوساوس في ورقة، ابدأ بالفكرة الأقل، أو الأضعف، ثم بعد ذلك انتهِ بالفكرة الأشد، وطبق التمارين الثلاثة على كل فكرة، التطبيق يجب أن يكون داخل الغرفة، وفي مكان هادئ، والجلسة يفضل أن تستغرق حوالي نصف ساعة.
التمرين الأول: هو تمرين التجاهل، حقر الفكرة تحقيرًا شديدًا، وتجاهلها، وخاطب الفكرة، كأنك تخاطب إنسانًا أمامك، تقول مثلًا: أنت فكرة حقيرة، أنت فكرة وسواسية، أنا لن أتبعك أبدًا.
ثم تنتقل للتمرين الثاني: وهو صرف الانتباه، وفي تمرين صرف الانتباه يتم الإتيان بفكرة مخالفة، أو فعل مخالف تمامًا، يكون محببًا إلى النفس، تذكر شيئًا جميلاً، تصور أنك قد تخرجت من كلية الطب، وأصبحت طبيبًا متميزًا، هذا صرف انتباه، وحين نصرف الانتباه من خلال الإتيان بفكرة أو فعل مخالف، قطعًا سوف ينصرف الفكر أو الفعل الوسواسي.
والتمرين الثالث: هو التنفير، أن تربط الفكرة الوسواسية، والفعل الوسواسي بشيء لا تحبذه النفس، بل تكرهه وتتقزز منه، مثلاً: قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة، ويجب أن تحس بالألم بشدة، وتربط هذا الألم مع الفكرة، أو الفعل الوسواسي، هذا تمرين يكرر عشرين مرة متتالية.
إذًا هذه التمارين الثلاثة لو طبقتها على كل فكرة أو فعل وسواسي، سوف تجد -الحمد لله- أن الوساوس قد بدأت تضعف حتى تتلاشى.
وأيضًا من العلاجات الهامة: حسن إدارة الوقت، يجب أن تتخلص من الفراغ الزمني، والفراغ الذهني، وتحسن التواصل الاجتماعي، تتجنب السهر، هذا مهم جدًا، تجتهد في دراستك، تكون بارًا بوالديك، ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأيضًا ممارسة الرياضة، وكذلك تطبيق التمارين الاسترخائية، مثل: تمارين التنفس المتدرجة، علمًا بأنه توجد برامج ممتازة جدًا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.