حصلت مشاكل في أسرتنا وقطع للرحم، فهل علي إثم في ذلك؟
2024-12-10 02:07:31 | إسلام ويب
السؤال:
أنا متزوجة من ابن خالي منذ عشر سنوات، ثم تزوج أخي الأصغر من بنت خالي، (أخت زوجي) ثم حدثت مشاكل وخلافات بينهما أدت إلى الطلاق، فتم طلاقها منه.
أمهم لسانها حاد في أهلي، وقامت بتوجيه زوجي وأخيه أن يمنعوا أهلي من زيارتي في بيتي، وتسببت في القطيعة بين زوجي وأهلي، وسعى أهلي أن يكلموه، ولكنه رفض، وقطع صلته بأمي، وهي عمتهم.
أنا الآن لا أريد أن أكلم أخوات زوجي اللاتي هن بنات خالي، فهن قطعن عمتهن (أمي) فهل علي ذنب؟ وهل أكون قاطعة رحم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
يؤسفنا أن تحدث هذه القطيعة بين الأرحام، وعلينا أن نُذكر الجميع بأن الإنسان يتحمل مسؤوليته، قال ربنا العظيم: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، ولذلك كل إنسان ينبغي أن يتذكر أنه سيقف بين يدي الله وحده، فإذا أخطأ الناس فما ينبغي أن يخطئ هو، لأن الله سيحاسبه على الخطأ، وهم سيحاسبون أيضًا على أخطائهم.
لذلك، لا تقابلي الخطأ بالخطأ، ولا تقابلي قطيعتهم بالقطيعة، وقومي بما عليك، وكوني داعية إلى الخير، واجتهدي في القيام بالوفاء لزوجك، والوفاء لأهله بقدر استطاعتك، فإن حيل بينك وبين الوصول إلى من يجب أن تصليه، فاطلبي من زوجك أن يأذن لك بالذهاب إليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.
نحن ننتظر من أمثالك من الفاضلات العاقلات، ننتظر ممن تتواصل معنا عبر هذا الموقع الشرعي أن تتقيد بأحكام هذا الدين، وعلينا أن نعلم أن أولى الناس بالصلة (الرحم الكاشح)، يعني النافر الذي لا يريدنا، هذا الذي ينبغي أن نتواصل معه، لنغيظ الشيطان ونرضي ربنا الرحمن سبحانه وتعالى، ولا شك أن الذي حدث ليس بالأمر السهل، ولكن إذا فعل الناس المعصية فلا تشاركيهم، وقومي بما عليك، واجتهدي دائماً في النصح لهم.
اعلمي أن تواصلك معهم وإن قطعوا، هذا مما سيؤثر في المستقبل، وتربحين به في الدنيا والآخرة، وهذا ما يكسر حدة العداوة، لأنهم سيصلون إلى درجة يشعرون معها أنهم في حرج، أنت تتواصلين وتقومين بما عليك، وتحسنين إلى زوجك، وتؤدين الذي عليك بقدر استطاعتك وهم يقصرون، لذلك نحن لا نريد أن نقابل القطيعة بالقطيعة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ -يعني واحدة بواحدة مثلًا بمثل- ولكن من إذا قطعت رحمه وصلها).
نذكر أنفسنا بقول الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، أحلم عنهم ويجهلون علي) لم يقل له النبي عاملهم بالمثل، وإنما قال نبي الرحمة والصلة والعفو: (لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم الأمل -يعني كناية عن الأذى الذي يدخل عليهم، والإثم الذي يدخل عليهم- ثم بشره فقال: ولا يزال معك من الله ظهير -معين- ما دمت على ذلك).
أبشري بالخير، وقومي بما عليك، ولا تسيئي وإن أساؤوا، ولا تقطعي رحمك حتى لو قطعوا رحمهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونبشرك بأن الإنسان عليه أن يقوم بما عليه وبما يستطيع، فإن الله (لا يكلف نفسًا إلا وسعها)، لكن نحن لا نترك الصلاة إذا تركها الآخرون، وكذلك صلة الرحم لا نقطع رحمنا، بحجة أن الآخرين قطعونا، أو قطعوا الوالدة أو الوالد، بل علينا أن نستمر فيما علينا، برًا بالآباء والأمهات، وصلة للأرحام، وحرصًا على طاعة رب الأرض والسماوات.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وننتظر من أمثالك من العاقلات أن يكون لهن دور في الإصلاح، حتى يتم طرد الشيطان، ونسأل الله أن يعين الجميع على طاعته.
والله الموفق.