زوجي عصبي بارد الطباع والمشاعر، فكيف أغيره؟

2025-12-24 00:55:54 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أود النصيحة؛ لأنني تعبت جدًا، ولا أريد الطلاق، فمعي ثلاثة أولاد.

زوجي فيه بعض المميزات، وبعض العيوب؛ من مميزاته أنه مهتم بالبيت والأولاد واحتياجاتهم على أكمل وجه، وهو أب لا يُعوَّض، ومعي في التعامل إلى حد ما، فلا يمد يده، ولا يسب، ولا يشتم، لكن في المقابل هو عصبي جدًا على أتفه الأسباب؛ فإذا تحدث معي في أمر ولم أستوعب يغضب، ويقول: "أنتِ غبية"، وإذا لم أسمع يغضب أيضًا، فهو يغضب في كل كبيرة وصغيرة.

أما الجانب العاطفي فلا يقول أي كلمة حلوة أبدًا، ولا يبادر بأي شعور تجاهي، ينام في غرفة، وأنا في غرفة أخرى، تحدثت معه كثيرًا أن الأمر يؤثر عليّ نفسيًا، وأنني حزينة ومتضايقة، وأحيانًا أضحك وأمزح، وأحيانًا أوضح له أنني متضايقة، ولكن دون جدوى.

العلاقة الزوجية لا يطلبني أبدًا، ودائمًا يقول لي: "أنتِ التي يجب أن تبادري، أنا أحب ذلك" فأقول له إنني أحتاج أن أشعر أن زوجي يرغب بي، فيرد: "لا، المرأة الذكية هي التي تفعل ما يريده زوجها"، وقد تشاجرنا كثيرًا بسبب هذا الأمر، ولأجل أن تسير الحياة، أحيانًا يبادر هو، لكنني أصبحت أشعر بالإهانة في الأمر؛ إذ يجلس أحيانًا يقلب في الهاتف وكأنه غير مستعجل، أو أن الأمر لا يهمه.

تحدثت معه كثيرًا، وأحيانًا أمتنع من نفسي؛ لأنه في كل الأحوال لا يطلبني، فيقول: "أنا عندي قدرة تحمل لا تتخيلينها، عادي أتحمل"، فأقول له: "لماذا كل هذا؟ ماذا فعلتُ ليكون ردك هكذا؟" فيرد: "هناك رجل عنده حياء"، فأقول له: "وهل المرأة ليس عندها حياء؟ الطبيعي أن الرجل هو الذي يبادر وليس المرأة"، فيقول: "أنتِ غبية، لا تفهمين زوجك واحتياجاته"، فأقول له: "وأين احتياجاتي أنا؟" لكن دون جدوى.

والله حاولت كثيرًا وضحيت كثيرًا، حتى أنني قلت له: "إذا نمتَ بجانبي في فراش واحد ستصبح الأمور طبيعية"، لكنه يرد: "نحن في نفس الشقة، هل أنام في مكان آخر؟"، حياته كلها جفاء في المشاعر والردود، وكثيرًا ما يُظهر أن الأمر لا يهمه، ويقول: "لا يفرق معي لو جلستِ سنة، عادي".

لقد تعبت ولم أعد أعرف كيف أتصرف، فقررت مع نفسي أن أبتعد، في البيت كل واحد ينام في مكان، وأنا أتفرغ لأولادي ولنفسـي، ولا أنتظر منه أي مشاعر أو مبادرة.

أحتاج نصيحتكم، وللعلم لقد حاولت بكل الطرق، لكنه مصرّ على موقفه، ويقول: "أنا لا أتغير، حتى لو تزوجتُ بغيرك سيكون تعاملي هكذا"، وإذا امتنعتُ، هل سيكون عليّ إثم وهو لا يطلبني أساسًا؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Om Adam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يخفّف عنك، ويجبر كسرك، ويكتب لك الخير حيث كان، ودعينا نجيبك أختنا من خلال هذه النقاط التي توضح بعض ما غاب عنك دون تهوين أو تهويل:

أوّلًا: توصيف الزوج بإنصاف:
الزوج الذي وصفته ليس رجلًا سيئًا ولا فاسدًا، بل فيه خير ظاهر يتمثّل في تحمّله مسؤولية البيت، وقيامه بحقوق أولاده، وعدم تعدّيه بالضرب، أو السبّ، أو الإهانة الفاحشة، وهذه صفات حسنة يجب ألا تغفل عنك.

أما العصبية، والجفاف العاطفي، وضعف التعبير بالمشاعر؛ فعيوب شائعة عند كثير من الرجال، وهي في الغالب ناتجة عن طبيعة شخصية، أو تربية أو فهم خاطئ للرجولة، لا عن قصد الإيذاء.

وأما قوله: «أنا لا أتغير» لا يعني بالضرورة العناد، بل قد يعني عجزًا عن التعبير أو ضيق أدوات، لا قدرة على التحوّل السريع.

ثانيًا: حقيقة الحياة الزوجية: الحياة الزوجية لا تقوم على التطابق في الطباع، ولا على تلبية كل توقّع نفسي، بل تقوم على التعايش والتنازل المتبادل، فلا يوجد زواج بلا نقص، ولا زوج بلا عيب، ولا زوجة بلا تقصير، وإنما الفارق بين البيوت هو قدرة الطرفين على الاحتواء.

كثير من النساء يعشن مع أزواج فيهم شدّة أعظم، أو تقصير مالي، أو سوء عشرة، أو غياب شبه كامل، ومع ذلك يصبرن حفاظًا على الأسرة والأولاد.

ثالثًا: في مسألة المبادرة والعلاقة الزوجية: طلب المرأة لزوجها ليس عيبًا، ولا نقصًا في الحياء إذا كان بأسلوب أنثوي لطيف، فإن كان الزوج يميل إلى أن تبادر الزوجة، فذلك طبعٌ عند بعض الرجال، ولا يدل على قلة رجولة، بل اختلاف في التلقّي.

ويمكن للزوجة أن تطلب بحياء من خلال: التزيّن، الكلمات اللطيفة، القرب الجسدي، الإشعار بالرغبة، وهذا من حسن التبعّل، لا من المهانة.

رابعًا: الفرق بين الكرامة والتنازل: التنازل ليس إهانة إذا كان باختيار واحتساب، والإهانة هي أن يكره الإنسان على ما يجرحه، أما التنازل الواعي لأجل استقرار البيت، فهو قوّة لا ضعف، وما تشعرين به من ضيق أمر متفهم، ولكنه حق في بعضه، لكن يمكن تحويله من شعور بالإهانة إلى: شعور احتساب، ونضج وإدارة حكيمة للاختلاف إذا ما وضعنا الحسنات والسيئات، واعتمدنا على تضخيم الخير وتقليل الشر.

خامسًا: الأولاد ميزان ثقيل: وجود ثلاثة أولاد مسؤولية عظيمة، واستقرارهم النفسي مرتبط باستقرار البيت، والطلاق ليس حلًا سهلًا ولا خاليًا من الآثار، حتى لو بدا مخرجًا مؤقتًا من الألم، أما الصبر هنا فعين النضج وهو ليس استسلامًا، بل إدارة مرحلة معقّدة بأقل الخسائر، خاصة والرجل فيه حسنات تذكر فتشكر.

سادسًا: النصيحة العملية المتوازنة لك:

- خففي من انتظار التعبير اللفظي، وركّزي على الأفعال، فبعض الرجال يحبّ بالفعل لا بالكلام.
- عامليه على ما يفهمه هو، لا على ما تتمنّينه أنتِ فقط.
- بادري أحيانًا بأسلوب أنثوي ناعم دون شعور بالذل.
- لا تفتحي ملف العلاقة كل مرة، بل اختاري وقتًا هادئًا متباعدًا.
- أشغلي نفسك بذاتك وأولادك وهواياتك، فالرجل يقترب غالبًا حين لا يشعر بالمطالبة الدائمة.

وختامًا: زوجك ليس الرجل الذي يجب عليك طلب الطلاق منه، بل فيه خير وعيوب، وما تعيشينه شائع في بيوت كثيرة، والمرأة العاقلة هي التي تتعامل مع الواقع، لا التي تعيش المثالية خاصة وأن عندها أولاداً منه، وهو على ما ذكرنا ليس بهذا السوء الفج.

لذا نود منك الجلسة الهادئة مع الزوج، والحوار الطبيعي معه على ما يسعدك ويسعده، والاجتهاد في وجود أرضية مشتركة بينكما.

هذا هو الطريق أختنا لحياة مستقرة بإذن الله، مع كثرة الدعاء لله، والمحافظة على الأذكار، نسأل الله أن يؤلّف بين قلبيكما، وأن يرزقك سكينة ترضيك، وحكمة تقوّيك، وأجرًا على ما تتحمّلين، والله الموفق.

www.islamweb.net