كلما تقدم لي خاطب لا أرتاح له.. هل الأمر نفسي أم ماذا؟
2023-03-15 02:47:36 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أستشيركم بخصوص الاستخارة، فقبل شهرين تقدم إلي شاب، وكان الكل مقتنعًا أنه جيد جداً من جميع النواحي، ولكني استخرت ربي كثيراً ولم أر أي رؤيا وتعبت كثيراً، وفي النهاية لم أشعر بأني قريبة منه، مع العلم أن أهلي يرفضون مبدأ قراءة الفاتحة لفترة، ورفضوا أن أجلس معه أو أحادثه لأشعر إذا كنت قريبة منه أم لا، فقد جاء مرة واحدة ورأيته ولكني لم أرتح، وبعد تعب شديد رفضت.
وأصبح أهلي يلومونني، ولا أنكر أنني شعرت أني قد أكون مخطئة ولكني توكلت على الله، وبعد فترة اكتشفنا أن الكثير من الأمور لم تكن صحيحة عنه، وأني كنت على صواب فارتحت!
وقبل أسبوعين تقدم لي شاب آخر، كل ظروفه جيدة وأفضل من السابق بكثير، ولكن عندما دخلت ورأيته لم أشعر بالارتياح أيضاً، ولكني صليت الاستخارة، وبعد الفجر رأيت أني أقول لأمي إني لا أريده، وسوف يجلب لنا المرض، وبعدها صليت ولم أر شيئاً، ولكن صديقتي استخارت لي، ورأت عقدا ثقيلاً من الفضة، ولكن من يلبسه سوف يمرض، رغم أني لم أقل لها شيئاً عن استخارتي!
وأمي حلمت دون استخارة بشجرة جرداء ليس عليها أي شيء سوى ليمونة صفراء، ولكنها اعتقدت أن ذلك لا دخل له بالموضوع، وكنت قد قررت أن أوافق رغم ذلك، وقلت لأهلي أن يفعلوا ما يريدونه، ولكن أصرت أمي أن تعرف رأيي، وعندما حان موعد الرد طلبت منها أن تفعل الشيء الذي يريحهم، ولكنها أصرت أن أقرر أنا فطلبت أن أجلس معه، وأن أعرفه، أو حتى أن نقرأ الفاتحة ولم يوافقوا فرفضت، وبعدها أصبحوا يلومونني كثيراً؛ حيث إنني الفتاة الكبيرة وهذا الشاب كان جيداً بنظرهم!
أشعر أن أهلي يريدونني أن أرتبط، ولكن ماذا أفعل؟ إنني لم أرتح لأي ممن تقدموا، ودائماً أشعر بأنه كلما تقدم لي شخص كأن هموم الدنيا على رأسي، لقد تعبت ولا أعرف ماذا أفعل! فهل أنا على خطأ؟
أنا متوسطة الجمال، وأبلغ 26 عاماً، يحاول الكثير من الشباب التقرب إلي، لكني أرفض أن أفتح مجالاً لأي منهم، مع أن هناك من أستطيع أن أوافق عليه، ولكني لا أريد أن أدخل بمتاهة! أريد نصيبي فقط، ولا أريد أن أجرح أي أحد برفضي، وأريد أن يرتاح أهلي وأرتاح! إنني أجد الكثير من الشباب الملتزمين دينياً يختارون فتيات غير محجبات، ولبسهن غير جيد بحجة أنهم سوف يتحجبون بعد الزواج، فأين نحن من كل ذلك؟
وأنا الآن أمر بأمر لا أفهمه ولا أجد أن علي شيئاً، سوى عدم إعطائه أهمية كبيرة، فلا أريد أن يؤثر أي شيء على قراراتي، هناك شاب ما يربطني به هو العمل فقط، ولا أراه إلا نادراً ولكن في يوم سألني عن عائلتي وعمري ودراستي وكل شيء، حتى أنه سألني إذا كنت مرتبطة أم لا!
وأشعر أنه كان يتقرب مني، ولكني لا أفتح مجالاً لأحد، وهو يعرف أني لست من هذا النوع، غاب عني فترة ولم يسأل عني، ولم يكن هناك عمل بيننا، ولكن بعد فترة اتصل لعمل أيضاً، ثم قال لي: إنه رأى أبي حيث إن أبي كان يعمل بنفس المكان، ولكنه تقاعد وأنا أعمل له معاملته، ولكن وصف لي الشاب أين ذهبت منذ يومين، وماذا فعلت ولما سألته كيف عرفت، لم يجب! ومن ثم علمت أنه عرف بالصدفة وبقيت كما أنا، ولكنه اختفى مرة أخرى! لا أعرف كيف أتعامل معه ولكني أظن أن إهمالي للموضوع أفضل، وأريد رأيكم.
هل شعوري بالضيق بالنسبة للخاطبين أمر عادي؟ ورفضي لعدم الراحة أهو مبرر؟ وهل أخطأت بالنسبة لما فعلته بالحالتين؟ وهل إذا صليت الاستخارة لن يصيبني إلا الخير حتى لو لم أرتح؟
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ما ندم من استخار ولا خاب من استشار، وسوف يأتيك ما قدره لك مكور الليل على النهار، فلا تترددي إذا طرق بابكم صاحب الدين والأخلاق، وكل عيب يمكن علاجه وتحمله إلا نقص الدين، وقد أحسن من قال:
وكل عيب فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
وليس في الذي حصل إلا الخير، فإن العبرة بما ينقدح في نفسك من الارتياح، وما يحصل للخاطب من الانشراح، وذلك لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ومن هنا تتجلى عظمة الشريعة التي تقيم البيوت على الرضا والقبول، وتؤكد على الرؤية الشرعية التي يحصل بعدها الانطباع الجيد أو النفور.
ومن حق الخاطب أن يجلس مع من يريد خطبتها في حضور محرم من محارمها وينظر ما يدعوه إلى نكاحها، ولها كذلك الحق، بل إن العلماء فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم: (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) أنه لا مانع من أن تكون النظرة فاحصة، وله أن يكرر الرؤية الشرعية كما قال الشيخ العثيمين عليه رحمة رب العالمين، ولها كذلك أن تتعرف في حضور محارمها على شريك العمر.
ويوسفنا أن يوجد في المسلمين من يفرط في هذا الأمر ويتوسع حتى يسمح لفتاته بالخروج مع الخاطب وهو أجنبي عنها، كما يؤسفنا أيضاً أن يوجد من يريد أن يزعم أنه أحرص على الأعراض من صاحب الرسالة، وهيهات هيهات.
ونحن نوصيك بعدم الإكثار من رد الخطاب؛ لأن ذلك يحرج الشباب ويدفعهم للهروب، وأرجو أن تقبلي بالحد الأدنى إذا كان صاحب دين، ولا تظني أنك ستجدين رجلاً بلا عيوب، كما أنه ليس في النساء من هي خالية من العيوب، وقد أحسنت بحرصك على الاستخارة، ولكن أرجو أن تعلمي أنه ليس من شرطها أن يرى الإنسان شيئاً في منامه، كما أن السنة أن يستخير الإنسان بنفسه لنفسه، وليس من علاماتها عدم وجود العقبات حتى لو كانت عادية، ولكن الإنسان إذا استخار يكون قد أدى ما عليه وفوض الأمر إلى ربه، ولن يندم إذا حصل له شيء يكرهه.
كما أن الاستخارة تدفع عن صاحبها التعلق بالشر لأنه يقول في ختامها: (وإن كنت تعلم أن في هذا الأمر شر لي في ديني ... فاصرفه عني واصرفني عنه)، فقد يبتعد الإنسان عن الشر ولكن يعذب بالتعلق المستمر به، ثم يقول: (واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)؛ لأن الإنسان قد يجد الخير ولكنه يحرم الرضا فيظل في سخط وآلام، ولن تخيب من تستخير من بيده الخير وتستشير محارمها وأصحاب الفضل والخير.
وأرجو أن تحافظي على ما أنت عليه من الأدب والحرص، واعلمي أن الرجال يهربون ممن تجري خلفهم، ويركضون خلف من تحتمي بدينها وتمتنع من تقديم التنازلات، ولا تتوتري عند مجيء الخطاب، ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، ولا تجاملي في مسألة الاختيار، واعلمي أنك صاحب المصلحة أولاً وأخيراً، وكل من حولك يرغبون في إسعادك.
وعليك بتقوى الله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرضيك به.
والله الموفق.