والدتي تغلق الباب خلفها دائماً
2006-12-07 10:15:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمي تعاني من مشكلة ولا أعلم أكانت نفسية أم هي لا قدر الله مسّاً أو ما شابه ذلك.
المهم هي تدخل الغرفة وتغلق الباب على نفسها ولا داعي لعمل ذلك فما من أحد سيفاجئها بالدخول عليها أو ما شابهه، ولكنها على ما يبدو تخاف.
كل يوم عندما تكون لوحدها في المطبخ أو في أي مكان آخر تتذكر أموراً تحصل معها وتشتم الأشخاص الذين يتواجدون في تلك الذكرى، وحالات أخرى تراها تضحك لوحدها وما من سبب يدعوها لذلك.
لا أدري إذا كانت تشعر بما هي فيه، فعندما نواجهها أحياناً تقول: أنا لست مجنونة وتهاجم من يقول لها أنها تكلم نفسها.
أمي تبلغ من العمر 40 عاماً.
وقد عانت الكثير في طفولتها، فقد ظلمت جداً، وهي لا تحيا حياة سعيدة مع أبي، فهناك الكثير من المشاكل، وربما نحن -أولادها- لا نعطيها القدر الكافي من الاهتمام.
فهي تعيش في فراغ دائم ولا تؤدي دورها المطلوب كأم وربة منزل ولا حتى زوجة.
ما العمل؟
أعينوني أعانكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نعم هذا الوصف الذي ورد في رسالتك هو وصف دقيق جدّاً لحالة نسميها بـ(الاضطهاد الباروني)، وهو نوع من الأمراض العقلية أو الأمراض الذُّهانية، يضعه البعض تحت مسميات الفصام أيضاً، ولكنه يعتبر من الفصام الذي يستجيب للعلاج، وبفضل الله تعالى، وهذا المرض لا يؤثر على الشخصية ولا يفتتها كما يحدث في الأمراض الأخرى.
ووالدتك حين تضحك لوحدها وحين تشتم فهي تستجيب لأصوات، هنالك نوع من الهلاوس السمعية، أو ربما تكون أيضاً هلاوس نظرية.. وبالطبع المريض حين تقول له أنك مريض أو أن هذه هلاوس ينزعج جدّاً وتثور ثائرته ويحتج، لذا لا ننصح أبداً بأن يواجه هؤلاء المرضى بأن هذه أوهام أو أن هذه هلاوس، ولكن الذي يقال لهم أنك ربما تكون مصاباً بنوع من الإجهاد النفسي البسيط، وأرجو ألا تهتم بهذه الظاهرة، ثم بعد ذلك نحاول إقناعها بالعلاج، وإذا قُدمت للطبيب النفسي فالأطباء لهم طرقهم، ولكن الأهم ألا نستعمل كلمات من شأنها تضعف موقف المريض، كما ذكرت يقال لها: أنتِ يا والدتي أنت ـ الحمد لله ـ بخير ولكن بالنسبة للمتاعب ربما أصبت بنوع من الإجهاد النفسي البسيط، وهو -والحمد لله- يمكن أن يعالج، وأنتِ بخير، وأنتِ لست بمجنونة ولست بمختلة العقل... وهكذا. هذا يكون طيب جدّاً.
هذه الحالة تعالج عن طريق الأدوية المضادة لمرض الذّهان، وهي بفضل الله تعالى كثيرة جدّاً ومتعددة وكلها فعّالة، ولكنها تتطلب الاستمرار والالتزام؛ لأن هذه الأدوية تعمل عن طريق البناء الكيميائي وتؤدي إلى تغيرات كيميائية إيجابية، حيث يعتقد أن هذه الأمراض الذُّهانية هي في الأصل ناتجة من اضطراب مادة تعرف باسم الدوبامين، وهنالك الآن مادة أخرى تعرف باسم الجلاتميت يعتبر أيضاً أنها مضطربة في بعض هؤلاء المرضى.
عموماً هذه فنِّيَّات معقدة ولكن هذا باختصار شديد وللإفادة..
الدواء الأفضل والذي أتمنى أن يكون موجوداً في فلسطين هو العقار الذي يعرف باسم (رزبريدون)، وهو علاج جيد وفعّال وممتاز وقليل الآثار الجانبية، وجرعته هي 2 مليجرام لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع إلى واحد مليجرام صباحاً و2 مليجرام ليلاً، وتستمر عليه لمدة شهر، ثم ترفع إلى 4 مليجرامات ليلاً، وحين ترفع إلى 4 مليجرامات يضاف له عقار آخر يعرف باسم (آرتين)، وهو ليس دواءً ولكنه يمنع الآثار الجانبية التي ربما تحدث مع جرعة الـ 4 مليجرامات، وهذه الآثار الجانبية قد تتمثل في رجفة بسيطة وشعور بالانشداد العضلي ربما يحدث في 10 إلى 20% من المرضى الذين يتناولون هذا العقار.. وتستمر على جرعة الـ 4 مليجرامات لمدة عام ومعها (الآرتين) بجرعة 2 مليجرام، ثم بعد ذلك يبدأ في التخفيض التدريجي للرزبريدال إلى 3 مليجرامات ليلاً، ثم بعد ستة أشهر يخفض إلى 2 مليجرام، ولابد أن تستمر هذه الجرعة لمدة عام كامل.. وحين تخفض جرعة الرزبريدال إلى 2 مليجرام هنا يتوقف تناول (الآرتين).
هنالك أدوية أخرى بديلة كثيرة منها عقار يعرف باسم (أولنزابين) وهو عقار أيضاً فعّال وممتاز، ولكنه مكلف بعض الشيء، كما أنه يزيد من الوزن بالنسبة للمريض.
من الأدوية القديمة الممتازة والفعّالة دواء يعرف باسم (استلازين Stelazine) وهو غير مكلف أبداً، ولكن يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى شدة عضلية بسيطة، وهذه يمكن أن نتخطَّاها بأن نبدأ استعماله مع (الآرتين).
إذن جرعة (استلازين) 5 مليجرامات ليلاً لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ترفع إلى 5 مليجرامات صباحاً ومساء، وهنا تعطى الوالدة دواء (الآرتين) بجرعة 5 مليجرامات يوميّاً، ثم بعد ذلك ترفع (استلازين) إلى 5 مليجرامات صباحاً و10 مليجرامات ليلاً، وتكون رفع هذه الجرعة بعد أسبوعين من جرعة 10 مليجرامات.. تستمر على جرعة الـ 15 مليجراماً – 5 مليجرامات صباحاً و10 مليجرامات ليلاً، وحين نرفع الجرعة إلى 15 مليجراماً يمكن أن نرفع ( الآرتين ) إلى 5 مليجرامات صباحاً ومساء.
إذن هذه الجرعة العلاجية تستمر عليها الوالدة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض جرعة الاستلازين إلى 10 مليجرامات ليلاً، ويخفض الآرتين إلى 5 مليجرامات أيضاً ليلاً، وهذه جرعة بسيطة جدّاً، وتستمر عليه لمدة عام كامل.
بعد ذلك يمكن أن يوقف الآرتين ويخفض الاستلازين إلى 5 مليجرامات – وهذه جرعة الوقاية التي تستمر عليه لمدة عام أو عامين.
هذه هي الخيارات العلاجية وهي خيارات ممتازة ومتاحة ومتوفرة، وصدقيني أن الوالدة يمكن أن تعالج وسوف تختفي معظم الأعراض بعد ثلاثة أشهر من بداية العلاج.. إذن الأمر يتطلب الصبر والمراقبة وتشجيعها ومساندتها.
المرضى الذين يرفضون أخذ الدواء ويرفضون تماماً، نقوم بإعطائهم بنوع من الإبر الزيتية التي تعمل لمدة أسبوعين أو ثلاثة أو أربعة، منها عقار يعرف باسم مدوكايت Modecate، والجرعة هي 25 مليجراماً كل أسبوعين، ولابد أن يعطى معها حبوب (آرتين) 5 مليجرامات في اليوم.
أو هنالك نوع من الإبر الأخرى تعرف باسم دبكسول Dexpoxil، والجرعة هي 40 مليجراماً كل أربعة أسابيع، ولكن نبدأ كجرعة تجريبية بـ 20 مليجراماً، ثم بعد أسبوعين نعطي الـ 20 مليجراماً الأخرى، وتعطى في العضل، ثم بعد الشهر الأول تعطى الجرعة كاملة – 40 مليجراماً – كل أربعة أسابيع، ومن الأفضل أن يتناول أيضاً حبة واحدة من الآرتين.
هذه هي الخيارات العلاجية، أرجو أن تأخذي الوالدة إلى الطبيب إذا لم تتح لك الفرصة العلاج التي ذكرتها لك، وأنا متأكد أن الأطباء سوف يوافقون على هذا المنهج ويشجعونه.
من المهم جدّاً ألا تشعر بأنها معاقة أو أنها مرفوضة، ولابد أن تحس أنها ما زالت هي الأم ولا زالت هي سيدة الموقف في البيت ولا زالت هي ينظر إليها بكل احترام وتقدير.
بارك الله فيك، وأسأل الله لها ولنا جميعاً الشفاء.
وبالله التوفيق.