السعي في محاولة حل الخلافات مع الزوج قبل طلب الخلع
2006-12-28 12:37:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً على هذه الجهود المبذولة، دكتورنا الفاضل: أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاماً، متزوجة منذ سنتين ونصف وعندي طفلة، زوجي معلم ملتزم حافظ لكتاب الله مما جعلني أوافق عليه عندما تقدم لخطبتي حيث كنت أدعو الله أن يرزقني بالزوج الصالح الذي يعينني على الطاعات ويحقق أمنيتي في حفظ القرآن الكريم، وكنت أحلم بأن تكون حياتنا سعيدة بأن يعين كل منا الآخر على طاعة الله، وأن نعمر أوقاتنا بما هو نافع لنا في دنيانا وآخرتنا.
المهم بعد زواجي لم يتحقق أي من هذا، بل صدمت بالواقع فزوجي سلبي جداً في جميع الأمور حتى في مشاعره تجاهي وتجاه ابنته، أصبحت أحس أنه متزوج من أجل الأطفال، وعندما سألته عن هدفه من الزواج؟ أجابني فعلاً بأنه من أجل الخلفة! أحاسيسه جامدة بالرغم من أني لا أقصر معه من ناحية العواطف والمشاعر، وحاولت معه تلميحاً أولاً ثم تصريحاً بحاجتي إلى الشعور بالطمأنينة والحنان والمودة، ولكن لا حياة لمن تنادي، حتى عندما نجلس لوحدنا يظل صامتاً وأسحب الكلام سحباً منه بالرغم من أنه عند أهله يكون سلطان المجلس!
وأعترف بأني أنا أيضاً سلبية في بعض الأمور، ولكني دائماً أحاول بأن يكون لي دور فعال في أسرتي أو في مجتمعي، ولم يكن وضعي يعجبني أبداً، أيضاً فهو يعتمد على أبويه اعتماداً كلياً ويتكل على الآخرين في فعل أموره؛ لأنه لا يعرف ولعدم رغبته أصلاً في التعلم، غير طموح وليس لديه أي همة، لا يعير لأي شيء اهتماماً، حياتنا أكل وشرب ونوم! يومنا كأمسنا، عرضت عليه أن نقسم وقتنا ونستغله بما هو مفيد ونخصص جزءاً من وقتنا في مراجعة حفظه حيث أسمعه ثم يسمعني، وجزءاً آخر للقراءة.
لم يعارض وطبقنا ذلك مرة واحدة فقط ! كنت أتوقع قبل زواجي أنه يفوقني من ناحية العبادات وحرصه على النوافل وحسن التعامل لا سيما أنه حافظ للقرآن.
لكني لم أجد فيه ما كنت أتوقعه، كان عادياً في عباداته، وبما أن المرأة سريعة التأثر بزوجها إما سلبياً أو إيجابياً، فقد دنت همتي وأصبت بالإحباط وسئمت من حياتي هذه، لأني أبني وهو يهدم من غير أن يشعر.
أصبحت أشعر بالضيق في بيتي وعدم الراحة، مع العلم يا دكتور أني ولله الحمد لم أقصر في حقوقه علي، وكنت أقرأ الكتب وأسمع الأشرطة التي توضح حقوق الزوجين، وكانت مكتبته تغص بهذه الكتب والأشرطة ولكن من غير أن يطبقها!
ولأني خفت أن أقصر في حقوقه نظراً لعدم رغبتي للعيش معه، فكرت بالخلع! وقد استخرت الله وأخذت أغراضي وذهبت إلى بيت أهلي، والآن لي 4 أشهر عندهم، وكان يتصل بي ولم أكن أرد ولم يكلف نفسه بالمجيء والاطمئنان على ابنته طيلة هذه الفترة ولا يدري هي بخير أم لا، ومنذ يومين أتى مع والده ولم ينطق بكلمة واحدة وسأل والده أبي عن الأسباب ورد عليهم والدي نيابة عني أني أريد الخلع وأحتفظ بالأسباب لنفسي -بناء على رغبتي- وأبي لا يريد إجباري على العيش مع شخص لا أجد الراحة معه، وأنا متأكدة أن زوجي يعرف في قرارة نفسه الأسباب التي دعتني إلى ذلك.
أنا الآن لا أرغب في العيش معه نهائياً حتى لو وعد بإصلاح حاله، وأنا مرتاحة عند أهلي إلا أني أصبحت عصبية المزاج حساسة جداً لا أحتمل أي كلمة، حالتي النفسية متقلبة في اليوم الواحد، ساعة أكون مرتاحة وساعة يعاودني الضيق والكآبة والقلق، وأفضل المكوث في غرفتي لوحدي أنا وابنتي وأفكر بالمستقبل المجهول الذي ينتظرنا.
وهذه التجربة جعلتني أقطع على نفسي عهداً بعدم التفكير بالزواج قطعاً.
عذراً يا دكتور على الإطالة، وأتمنى الرد عاجلاً، ولك جزيل الشكر، وجعل ذلك في ميزان حسناتك، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
ابنتك الحائرة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zahra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدتني رغبتك في الخير وحرصك عليه، وأحزنتني سلبية هذا الرجل وعدم تجاوبه حتى مع محاولاتك التي قرأتها بإعجاب، وأسأل الله أن يقدر لك الخير والصواب، وأن يمن عليك بفضله إنه الوهاب، ومرحباً بك في موقعك مع آباء وإخوان يتمنون لك التوفيق والسداد.
ولست أدري هل حاول أحد الإصلاح من حال هذا الرجل؟ وما الذي كان يفعله عندما تطلبي منه أن يتغير؟ وهل ظهرت لك هذه السلبية منذ البداية أم هي حالة حصلت له بعد ذلك؟ وهل كانت علاقته بطفلته أيضاً فاترة رغم زعمه أنه يريد أن يخلف؟ وكيف كان أداؤه في الفراش، وما هي الحلول التي تلوح في الأفق؟ وما هي البدائل المتاحة؟ ولماذا خرجت من بيته وفتحت الأبواب للتدخلات؟ وهل أنت نادمة على فعلك؟ ولماذا لم تسمعي وجهة نظره من خلال الهاتف عندما كان يواصل الاتصال؟
والحقيقة لقد تمنيت أن تكرري المحاولات قبل اتخاذ هذه الخطوة التي أحسب أنها أوصلتك إلى طريق مسدودة، ولا يخفى عليك أن الخلع حق لك ولكنه يعني أن تقدمي له شيء وهذا ما قد يجلب لك الضرر.
ونحن نتمنى أن تضعي إيجابيات الإنسان إلى جوار سلبياته قبل الحكم عليه، فهل كانت للرجل إيجابيات وما الذي شجعك على الصبر عليه لمدة سنتين ونصف؟ وما هو مستقبل الطفلة بعد الفراق؟ وما الذي حصل بعد سماع والده لردكم؟
وهذه وصيتي لك بتقوى الله وبضرورة أخذ الموضوع من كافة الجوانب مع ضرورة النظر في المصالح والمفاسد والتأمل في النتائج والعواقب ولن يضيع الله فتاة تريد القرآن والإيمان فاستخيري ربك الرحمن وشاوري الصالحات والأرحام وتوجهي إلى مالك الأكوان، ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يرزقك السعادة والرضوان.
وأحسب أن هذه التجربة على ما فيها من المرارات مفيدة لك، والمؤمنة لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين، وأرجو أن تدربين نفسك على الرضى ولا تحاكمي أهلك بأخطاء ذلك الرجل واحرصي على طاعة الله عز وجل، واعلمي أن الخير يأتي أحياناً في صورة الشر واختيار الله لك أفضل من اختيارك لنفسك.
وخلاصة لما سبق نوصيك بالآتي :-
1- المبادرة إلى الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه في حل هذه المشكلة.
2- الحرص الكامل على الإصلاح بينك وبين زوجك لأمرين اثنين:
أ- المفسدة العظيمة التي سوف تحدث بطلاقك من كون ولدك سيعيش مشتتاً ضائعاً بين أبويه.
ب – حرمانك من فرصة العيش داخل أسرة قد بنيتها بيديك.
3- الحرص على الجلوس مع زوجك لوحدكما بحيث تعاملينه معاملة حسنة لطيفة وتظهرين أمامه بالمظهر اللائق من التزين ونحوه ثم تبينين له مودتك وحبك وأنك حريصة على إصلاح هذا الأمر وبأنك تودين منه أن يراعي مشاعرك وأن يهتم ببيته أكثر.
والشبكة الإسلامية تود لو كتبت إليها رسالة عاجلة لتخبري عما طرأ عليك بعد تطبيقك هذه الوصايا.
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.