مفهوم مصطلح (القيم الروحية)
2007-02-26 11:31:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ما معنى القيم الروحية؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غيثة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الإنسان خلق من مادة وروح، والمادة هي الطين، ثم نفخ فيه العظيم من روحه وأسجد له ملائكته بعد أن صوره فأحسن تصويره، وإذا تمسك الإنسان بدينه وحرص على طهارة روحه سما وارتفع، وإن دار حول المادة والشهوات هبط إلى درك الحيوانية، بل ربما تدحرج من الهاوية حتى يصدق عليه قول الله: ((أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ))[الأعراف:179]^، وقد أحسن من قال :
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته *** أتطلب الربح مما فيه خسران
انهض إلى الروح واستكمل فضائلها** فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
والإنسان لا يسمو بلونه ولا بطوله ولا بماله ولا بمظهره، والله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا ولا إلى أموالنا ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فالقلوب هي موطن نظر الله، والإخلاص في الأعمال شرط لقبولها عند الله، وهو قيمة روحية بل إن باطن الدين محكوم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، والعبرة ليست بالمباني ولكن بالمقاصد والمعاني، والتفاضل عند الله بالتقوى ومكانها القلب، وهي شفافية تدفع لفعل الخيرات وتحجز عن الشر والموبقات، وتورث صاحبها الخوف من رب الأرض والسموات والمراقبة لمن لا تخفى عليه الأمور الخفيات، ولا خير في علم بلا تقوى.
وقد أحسن من قال:
لو كان في العلم من دون التقى شرف ** لكان أشرف خلق الله إبليس
ولا شك أن حضارتنا تتميز بإنسانيتها النابعة من قيمنا الروحية، فنحن أرحم الأمم بالأمم، وأكرم الأمم على الأمم، وأحرص الناس على مصالح الأمم، والأرفق بالأمم والفضل ما شهدت به الأعداء، فقد قال بعض النصارى: ( لم يعرف التاريخ فاتحين أكرم ولا أرحم من العرب)، وهل عرفت الدنيا العدل والإيثار والحلم والتسامح والوفاء والصدق إلا من خلال أنوار وقيم هذه الشريعة التي تمنحها للجميع؛ لأنه نبع من رحمة الله الواسعة، وها هي الدنيا تذوق الويلات يوم تأخرنا عن قيادة ركب البشرية فكانت النتيجة هي الحروب والأحقاد والظلم واكتوينا نحن قبل غيرنا بنيران الحقد والمكر، ولا عودة لقيم الخير إلا بعودة هذا الأمة إلى ينبوعها الصافي، والآمال بعد الله معقودة على شباب يتطلع لمعرفة تلك القيم، فشكراً لك على السؤال.
ومرحباً بك يا بنت الرجال وأمل الأجيال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك الأحوال.
وبالله التوفيق والسداد.