نصائح لشاب في التعامل مع ظلم أبيه له ولأمه وإخوته
2003-03-28 17:53:04 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
في الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ، ولكن أرجو أن تراعوا الحالة التي أعيش فيها، وأرجو كذلك أن تهتموا بسؤالي هذا وأن يصلني الرد بأسرع وقت ممكن، فأنا أكتب لكم هذا السؤال وأنا أعتصر حسرة وأبكي دماً من شدة ما يحصل لي.
أنا شاب غير متزوج أعيش مع والدتي وأختين لي وأخ أصغر مني، ولي إخوة أكبر مني متزوجون ويسكنون وحدهم، ووالدي متزوج بأخرى ويسكن وحده وله منها أربع بنات.
مشكلتي مع أبي أنني لي أب ولكن يا ليتني ليس لي أب، فوالدي -غفر الله له- هاجر لأمي منذ سبع سنوات ولا ينفق عليها ولا على أخواتي، وتركني وإياهم منذ كنا صغاراً وقام بتشريد وتطفيش إخواني الكبار، في الحقيقة لا أعرف إن كان عندي سؤال أم لا؟! فأنا أسأل وأكتب من أجل أن أفضفض لا أكثر، لا أعرف لماذا نعيش في ظروف كهذه بدون أب مع وجود الأب على قيد الحياة؟ هو يسكن بجانبنا ولكن لا نسلم من طلباته ومشاكله، فهو يريد أن يخرجنا من البيت الذي هو بيته أصلاً لأننا لا نعطيه مالاً مع أنه واجب عليه أن ينفق على أمي وأخواتي، أشعر أن شبابي بدأ يذهب وأنا أقوم بالعمل من أجل أن أسد رمق أمي وأخواتي، مع العلم أنني في بعض الأحيان وحسب استطاعتي أساعده، علماً بأن له راتباً شهرياً يكفيه، وأتكفل بدفع بعض مصاريفه الشهرية الثابتة ومع ذلك يبخل علينا في كثير من الأمور، حتى وصل بي الأمر أني قلت عنه: إنه ظالم وإنه أناني ويحب نفسه فقط، فهذه هي صفاته، تركنا من أجل أنه تزوج بأخرى ولم يقم بالعدل بين أبنائه وزوجاته، نبهته كثيراً أن هذا حرام ولا يجوز فلم يصغ إلي، ووالدتي لا تريد أن تسامحه حتى لو مات وحتى لو ماتت هي فهي الآن لا مطلقة ولا زوجة، سامحوني فقد أطلت ولكن تحملوني، أريد أن أبث همومي لغيري، أريد غيري أن يسمعني ويتعظ من غيره، فالعاقل من اتعظ بغيره، إنه الآن ينافسنا على كل صغير وكبير في المنزل، وصل به الأمر أن قال لي: انصرف من البيت أنت وأمك. يريد البيت لأننا لا ندفع أجرة، نسي أننا أبناؤه الذين هم من زوجته الأولى، نسي كل شيء، أصبحت أرى القبح ولا أراه، أقول لكم: أصبحت أكرهه، أصبحت أتمنى موته حتى نرتاح منه ومن مشاكله، حتى يقال: إن أباهم مات وليس بحي ظالم لهم، أريد أن تعطوني حلاً ماذا أفعل؟ هل أرد عليه في كل ما يقوله لي ويطلبه؟ علماً بأن وضعي المادي ضعيف وحياتنا صعبة في بلدنا، وهل أنا آثم في قولي: (الله يخلصنا منه)؟ فوالله! ما قلتها إلا من شدة جرحي ومن الوضع النفسي والحالة التي أعيشها الآن، أشعر أنني بدون أب وأبي أمامي صباح مساء، كلما حاولت أن أكلمه لا يعطيني وجهه ولا يكلمني إلا بالمادة وطلب المال، ويهددني بالغضب علي إذا لم أعطه.
أرجوكم أن تعطوني شرحاً مفصلاً أو شيئاً يهدئني، فأنا في حيرة وفي حزن شديد، أكتب لكم وأنا أعتصر الحسرة والبكاء، دخلت السجن بسبب زوجته وظلمها لنا التي اتهمتني اتهامات باطلة، فحسبي الله ونعم الوكيل، ولله الحمد أنني ملتزم بالفرائض والصلوات الخمس في المسجد، ولولا أنني ملتزم وأريد ألا يغضب على الله لفعلت غير ذلك وأكبر من ذلك، هل ما يصدر مني يعتبر عقوقاً مع كل ما ألقاه أنا وأمي وأخواتي؟!
أرجوكم أفيدوني وفي أسرع وقت ممكن.
وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ زهران حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، ونسأله جل جلاله أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من البررة بوالديهم، وأن يرزقك الجنة.
ولدي العزيز الأستاذ زهران: كان الله في عونك وعون والدتك وإخوانك، فالظلم طعمه مر، ورائحته كريهة، ومنظره مفزع ومروع، ولذلك أخبرنا مولانا سبحانه أنه لا يحب الظالمين، ولذلك حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرماً، ولكن أمام عظم حق الوالدين ومنزلتهما عند الله يجد الإنسان نفسه مطالباً بالعفو غاية العفو والصفح الجميل؛ لأن من يؤذيه هو الأصل الذي نبت منه، ولا يليق بالفرع أن يسيء معاملة الأصل حتى ولو كان كافراً أو مشركاً، لذا أقول لك ولدي العزيز: ليس أمامك إلا الصبر والاجتهاد قدر استطاعتك في إرضائه والإحسان إليه، والدعاء له بالصلاح والهداية والاستقامة على الدين، واعلم أن النار لا تطفئ النار، وأن السيئة لا ترد السيئة، فإذا ما أساء والدك وبادلته نفس الشيء أصبحت مثله تماماً في المعصية، إلا أن معصيتك ستكون أشد؛ لأنك ولده، ويلزمك شرعاً الصبر عليه والتأدب معه، حتى ولو كان كافراً والعياذ بالله، ولذا عليك الدعاء له بدل الدعاء عليه، واجتهد له في الدعاء على قدر استطاعتك، وعليك بالصبر الجميل، وأبشرك بأن الله مع الصابرين، ويحبهم، ولهم أعظم الأجر عنده، وحاول الإصلاح بينه وبين والدتك إن استطعت، وحثها على الصبر والدعاء على قدر استطاعتها، فإن نجحت في ذلك تكون قد حققت نجاحاً كبيراً وفزت فوزاً عظيماً.
واعلم ولدي المبارك أن إكرامك لوالدك سيعود أثره عليك في الدنيا في رزقك وأولادك، وفي الآخرة يدخلك الله تعالى جناته ويرضى عنك، فحاول قدر الاستطاعة أن تكون عامل إصلاح بين الجميع، ولا تتحامل على والدك مهما كان ظلمه وعدوانه، وحسابه على الله الذي لا يحب الظالمين، وأنه سبحانه لا يظلم مثقال ذرة، فما يقع منه من ظلم عليكم أو على والدتكم سيحاسبه الله عليه، فلا تشغل بالك بهذا، فالله أرحم الرحمين، ولا يحب الظالمين، ولكن نصيحتي ألا تبادله الظلم بالظلم؛ لأنك ستكون مثله تماماً، وتحشر يوم القيامة مع الظالمين، وعليك بالدعاء لنفسك وله بالهداية، مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد والصبر الجميل.