قلة الثقة بالنفس ومدى احتياج ذلك إلى علاج دوائي وسلوكي
2007-07-03 12:56:37 | إسلام ويب
السؤال:
مشكلتي هي الخوف من الإمامة في الصلاة رغم مواجهتي كثيراً لذلك، لكن في كل مرةٍ أشعر بخوف شديد، لدرجةٍ أني أتمنى الموت ولا أصلي جماعة؛ لأني بعدها أحس كأني تعرضت لعملية ضرب قوية، فأثناء إمامتي للصلاة تتسارع ضربات قلبي جداً، ونفسي كذلك، وجسمي يرتعش وخصوصاً ركبتي، كذلك أحس بخوف شديد وأنا أوجه سؤالاً للمحاضر، أيضاً أخاف جداً إذا كنت سأحاضر عدداً من الناس أو حتى أحضر حلقة قرآن، فبمجرد أن الدور علي أشعر بنفس الأعراض، وبعدها أحس بأني منهكة جداً وكأني عملت مجهوداً جامداً ..
مع العلم بأن جسمي ضعيف جداً ووزني غير مناسب لطولي، فطولي 174 ووزني 55 .. طولي يجعلني مادةً للضحك والسخرية أحياناً على الأقل في المرات الأولى التي أتعرف فيها على الشخصيات، لكن بعدها أحس بحب الناس لي، فيقللوا من هذه الطريقة في الكلام.
هل أنا محتاجة لدواء يقلل من سرعة ضربات قلبي ويقلل من النهجان اللي أحس به؟
أريد أن أعرف الأسباب التي أوصلتني لمثل هذه الحالة التي أعتبرها أكبر مشكلة في حياتي، كما أني أعاني أيضاً من الغضب لدرجة أني أفقد تحكمي بنفسي إذا شعرت أن الذي أمامي يتهكم علي، أو يحاول التقليل مني، أو أي موقف من هذا النوع، وأيضاً أنا مترددة في أخذ القرار، فلا أتخذه بسهولة ...هذا غير السرحان بشكل مفرط، والنسيان وعدم التركيز، وعدم الثقة بالنفس، وخوفي من المستقبل، وأني ممكن أفقد أمي أو والدي أو أختي أو أخي؛ لأنهم بالنسبة لي روحي والهواء الذي أتنفسه وخصوصاً أخي وأمي.
لا أنسى أن أقول أني ذهبت لدكتور مخ وأعصاب وشرحت له حالتي، لكنه فسرها على أنها هلع، وركز على أني أخاف من الموت، وكان ردي أن الخوف الذي عندي تجاه الموت خوف طبيعي، وقلت له: خوفي الأكثر هو أن أموت وربي غير راضٍ عني... بالعكس ليتني أخاف من الموت حتى أكون عابدة أكثر أو صوامة أو قوامة، فكل هذه أحلام وآمال نفسي أن الله يقدرني عليها قبل أن أموت، لأني أريد أن أدخل الفردوس الأعلى، وطبعاً الثمن لابد أن يكون غالياً (الغالي لا يشترى إلا بالغالي).
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أرجو أن أؤكد لك تماماً أن حالتك إن شاء الله من الحالات النفسية البسيطة، وهي نوع من الخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، وهذا النوع من الخوف هو مكتسب لتجربةٍ بسيطة سلبية مرت بك، ربما يكون دو أن تلاحظي ذلك.
عموماً المخاوف بما أنها مكتسبة يمكن أن تُفقد بنفس المستوى.
أولاً: أنا أؤكد لك شيئاً مهماً جداً، وهو أن الناس لا تراقبك بالصورة التي تتصورينها، لا تتخيلي أن الناس تراقب أدائك، أو أن الناس تراقب أنك مرتجفة أو غير ثابتة وهكذا، أو أنك سوف تفقدين السيطرة أمام الآخرين، أرجو أن تبدلي تماماً من هذه المشاعر؛ لأني أعرف أن هذه هي العلة الأساسية التي تُعيق الكثير من الذين يعانون من هذا الرهاب والخوف الاجتماعي .
حالتك من الحالات البسيطة والمحصورة، وربما تكون قد أخذت جانب الوساوس قليلاً، وهذا غير مستبعد؛ لأن القلق والمخاوف والوساوس –حقيقةً- هي مترابطة تماماً مع بعضها البعض.
إذن: العلاج بأن تفهمي حقيقة الأمر كما شرحت لك .
ثانياً: عليك بقدر المستطاع أن تتجاهلي هذا الخوف؛ بأن تجري حواراً إيجابياً مع نفسك، قولي: أنا قوية بإذن الله، أنا لست بهذا الضعف، الآخرين لا يراقبوني، أدائي ممتاز، لم يقل لي أحد أنك مرتجفة أو أنك غير مركزة أو أنك مضطربة ...وهكذا، هذا النوع من الحوار يعتبر جيداً.
الشيء الثالث : عليك أن تجلسي في مكان هادئ، وتتصوري أنك في مواجهةٍ مع عدد كبير من الناس وتقومين بإلقاء محاضرة أو حديث، وسوف يأتي لهذه المحاضرة الغرباء والأقرباء، وهنالك جمع كبير من الناس والكل ينتظر ما سوف تقولينه.
تصوري هذا الوضع، عرضي نفسك لهذا الأمر، وهذا يعرف بالتعرض في الخيال، وهي وسيلة علاجية إيجابية جداً.
رابعاً: عليك بتطوير مهاراتك الاجتماعية البسيطة، حاولي دائماً أن تنظري للناس في وجوههم حين تتكلمي معهم، حاولي دائماً أن تكوني أنت البادئة بالكلام، وأن تكون لديك ذخيرة من بعض المواضيع التي سوف تطرحينها.
بالنسبة للصلاة، جزاك الله خيراً على حرصك على إمامة النساء، وهذا في حد ذاته يُعتبر إصراراً منك على النجاح، ويدل على ثقة الآخرين بك، هذا أمر طيب جداً، وتذكري أن ثقة الآخرين هي التي أوصلتك لهذا، وهذا بالطبع من رحمة الله بك، فأرجو أن تبني هذه المفاهيم الإيجابية، وهي مفاهيم حقيقية.
سيكون من الجيد جداً إذا مارست أي نوع من تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس والاستنشاق، استلقي في مكانٍ هادئ، أغمضي العينين وافتحي فمك قليلاً، ضعي يديك على جانبيك، ثم خذي نفساً عميقاً وبطيئاً، املئي الصدر بالهواء عن طريق الأنف بالطبع، ثم بعد ذلك اقبضي على الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجيه بكل قوة وتدرج .
كرري هذا التمرين عدة مرات في اليوم، هذا يفيد أيضاً.
ممارسة أي نوع من الرياضة أيضاً تُفيد في حرق هذه الطاقات القلقية، وكل إفرازات المخاوف .
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وتوجد الآن بفضل الله تعالى أدوية فعالة جداً وسليمة جداً، وسوف تساعدك إن شاء الله.
أفضل دواء هو العقار الذي يُعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تبدئي بتناوله بجرعة نصف حبة ليلاً، أي 10 مليجرام، ويفضل أن تتناوليها بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعيها إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الجرعة التي وصفتها لك تُعتبر جرعة صغيرة، وكذلك المدة تعتبر مدة قصيرة؛ لأني مؤمن إيماناً قاطعاً أن حالتك من الحالات البسيطة، وأؤمن تماماً أنك إن شاء الله إذا قمت بتطبيق الإرشادات البسيطة سوف تتخلصي من هذا الأمر تماماً.
فكرة الخوف من الموت هي فكرة موجودة لدى الناس، وكما تفضلت أن إيمان الإنسان المؤمن بالموت يجعله حقيقةً يخاف من الموت، ولكنه خوف المؤمن وخوف المتقبل، وخوف المتوكل، هذا نوع خاص جداً من الخوف، ليس خوف الرعب والقهر والاضطراب، نعم ...هو الخوف، ولكنه خوف يجلب السعادة للإنسان.
أسأل الله لك التوفيق والشفاء، وعليك بتطبيق الإرشادات السابقة، وتناول الدواء الذي وصفته لك، وإن شاء الله سوف تعود صحتك النفسية بصورةٍ ممتازة جداً.
وبالله التوفيق.