كيفية التعامل مع الأم في نقدها السلبي لابنتها وسعيها لإحباطها
2007-10-07 10:27:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ أبلغ من العمر 18 سنة، مشكلتي أن والدتي قاسيةٌ جداً في كلامها، فهي تقول كل ما يجيء على لسانها، ولا تعرف أن تحترم الآخر.
إنني لا أُبالغ إن قلت: إنها قد تبذل كل ما في وسعها من أجل إحباط الآخر، كنت فيما مضى أحبها حباً جماً، وكنت أتغاضى عن لسانها أملاً في أن تتغير، ولكن يبدو أن لا فائدة، حتى أصبح حلمي أن أعيش بعيدةً عنها حتى أتمكن من تضميد جراحٍ لا تندمل، أنا لا أقول: إني سأكون عاقة لوالدتي لا سمح الله، بل إنني ألبي كل رغباتها سعياً لمرضاتها ولكن دون جدوى، فمهما فعلت تقارنني بالأخريات وتقول: أنني سيئة.
لقد حاولت أن أتحدث معها ولكن عبثاً، فهي تصر أنها على حق مهما كان خطؤها، لقد بت أشعر أنني لا أحبها، وما أبشعه من إحساس.
أرجو إخباري برأي الشرع في سلوك أمي وفي مشاعري تجاهها.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أوسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن حلاوة اللسان هبةٌ من الواحد الديان، والصبر على أذى الوالدين وقسوتهما أمر يجلب رضوان الرحيم الرحمن، ومرحباً بك بين الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يدخلك الجنة والرضوان.
وأرجو أن تدركي أن هذه الوالدة تحبك وتحمل لك الخير، ولكن يخونها التعبير فاعذريها على الجفاء والتقصير، وابتغي بذلك وجه اللطيف الخبير، ولا تُقابلي قسوتها بسوء الأدب، فإن برها واجب والصبر على أذاها قربة إلى الله، ونحن ننصحك بأن تحملي تصرفاتها على أحسن المحامل، واعلمي أن الوالدة هي أحرص الناس على مصلحتك، وقد يقسو الوالد أو الوالدة على من يحب أحياناً، وقد يكون الدافع هو رغبتهم في أن ينال الأبناء أرفع المنازل؛ فإنه لا يوجد على وجه الأرض شخص يتمنى أن يكون آخر أفضل منه إلا الوالدان.
ويؤسفنا أن نقول: إن كثيراً من الآباء والأمهات لا يحسنون التعبير عن مشاعرهم وحبهم لأبنائهم رغم أن قلوبهم عامرةٌ بإرادة الخير لأبنائهم؛ لأن ذلك مما فطرهم الله عليه، وقد لا تظهر العواطف النبيلة إلا عند الأزمات والمواقف الحرجة كمرض الأبناء أو تعرضهم للظلم والضرر.
ولا يخفى على أمثالك أن الله خلق الناس بنفسيات مختلفة، فمنهم من لا هم له إلا نقد الآخرين والتعليق على تصرفاتهم، ومنهم الأناني الذي لا يرى إلا نفسه، ومنهم.. ومنهم، فالتمسي لوالدتك الأعذار، وابحثي عن أسباب تلك المواقف، فإنه إذا عُرف السبب بطل العجب، علماً بأن بعض الآباء والأمهات يرون أبناءهم صغاراً حتى بعد أن يكبروا، فإذا أراد الأبناء أن يخرجوا من القيود الحديدية حصل النقد والتعليق والغضب.
وللخروج من هذا المأزق المتكرر مع الوالدة الفاضلة ننصحك بما يلي:
1- احتساب الأجر عند الله جل وعلا عند كل موقف من هذه المواقف، وتذكر هذا الاحتساب وأنه طاعة لله جل وعلا.
2- لا ندعوك إلى الصبر على الأذى فحسب، بل والإحسان إليها كذلك، ومقابلة السيئة بالحسنة امتثالاً لأمر الله جل وعلا: (( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[البقرة:83].
3- معالجة كل موقف بحسبه، وعدم التعليق والرد مباشرة، بل يمكن تأجيل الرد إلى حين صفاء النفوس وتقديمه بطريقة ذكية وعلى طبق من إحسان، كأن تقدمي بين يدي ذلك هدية أو معروفاً، أو خدمة ولو كان كوباً من الشاي، ثم تعاتبينها بلطف وأدب بالغ إذا رأيت أن في العتاب إصلاحاً، وإلا فالسكوت هو السلامة في هذه الحال إلى أن يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً.
4- إعطاؤها مزيداً من التقدير واحترام آرائها، وإشعارها بذلك، كأن تقولي لها: ما شاء الله آراؤك سديدة يا أمي، حقاً أنت مدرسة سنتعلم منها في هذه الحياة. ولو كان هذا على سبيل المجاملة، فإنه سيغير نظرتها السلبية تجاهك القائمة على تحقير أفكارك، وستحاول أن تعطي آراءك اهتماما خاصاً رداً للجميل الذي حصل منك.
5- الإصغاء التام أولاً، ثم لزوم أدب الحوار مع الوالدة بعدم رفع الصوت، أو تحقير رأيها ثانياً، واستخدام أسلوب الابتسامة الدائمة ثالثاً من الأسباب المهمة لتغيير نفسية والدتك تجاهك.
6- يمكن توجيه نصيحة للوالدة بهذا الخصوص عن طريق طرف ثالث يعي الموضوع جيداً، حتى لا يفسد أكثر مما يصلح، وهذا شرط مهم، كالوالد مثلاً أو أحد الأقارب الذين تثقين بمقدرتهم على ذلك، كما يمكن إسماعها بعض المحاضرات التي تتناول هذه المواضيع في أشرطة الكاسيت ونحوها للمشايخ والعلماء، ويفضل التركيز على نقطة محددة بعينها حتى لا تتشتت النصيحة، والنقطة هي: أثر الإحباط والنقد السلبي على الصحة النفسية للأبناء.
7- أخيراً: لا تنسي أمراً هاماًّ جداً، وهو الدعاء للوالدة بأن يؤلف الله بين قلبيكما، وأن يعينك على طاعتها، لا سيما الدعاء في هذه الليالي المباركة، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بضرورة الصبر؛ فإن العاقبة للصابرين، وإذا لم تصبر الفتاة على أمها فعلى من تصبر؟
ونسأل الله أن يزيدك براً لوالدتك، وأن يلهمك السداد.
والله الموفق.