حدود طاعة الوالدة
2007-11-29 08:25:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن طاعة الوالدة واجبة على كل إنسان، لكن إذا كانت طاعة عمياء دون تمييز فهل يجوز طاعتها؟!
ثانياً: تفسير هذين البيتين:
وإذا أراد الله نشـــــر فضيــــلة ** طويت أتـــــاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ** ما كان يظهر طيب عرف العود
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Lenai22 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإن طاعة الوالدة من طاعة الله، بل هي مقدمة على نوافل العبادات لكونها من الواجبات، وإذا كان الإنسان في صلاة نافلة ودعته أمه فإنه يقطع صلاته ويلبي نداء والدته، ويتضح ذلك من قصة جريج العابد التي وردت في الصحيح، أما إذا كان في فريضة فإنه يؤديها بسرعة ثم يلبي نداء والدته، وقد بلغ من اهتمام الشريعة بطاعة الوالدة درجة عظيمة، ونجدها في القرآن مرتبطة بعبادة الله عز وجل، وذلك واضح في قوله تعالى: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[النساء:36]، وقوله تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[الإسراء:23]، حتى قال ابن عباس: لا تقبل عبادة من لا يطيع والديه.
أما إذا أمر الوالد أو الوالدة بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الله، ومع ذلك لابد من الصحبة بالمعروف، قال تعالى: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ))[لقمان:15]، وتزداد أهمية الطاعة للوالدين في حال ضعفهما وكبر سنهما، قال تعالى: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا ))[الإسراء:23]، ومهما كان رأي الوالدة ضعيفاً أو قديماً فلابد من احترامه والحرص على حسن استماعه وإظهار الحفاوة به؛ لأن ذلك يجلب رضاها، ونسأل الله أن يعينك على تمام البر وحسن التعامل مع والدتك، واعلمي أنها باب إلى الجنة.
أما بالنسبة لتفسير البيتين المذكورين:
فالمعنى أن كلام الحسود وممارسته كالنار التي إذا اشتعلت في الغابات أظهرت للناس طيب رائحة العود، وإذا اشتعلت في الذهب كانت سبباً في صفائه ونقائه.
وإذا أخذنا مسألة الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم كمثال فإنه يتبين لنا أن كثيراً من الناس -وخاصة الكافرين- لم يعرفوا مكانة ومقام وصفات هذا النبي الكريم إلا بعد حصول تلك الإساءات، حتى قال بعضهم: (ما كنت أظن أن لهذا النبي أتباعاً بهذه الكثرة والانتشار)، كما أن بعض الغافلين المقصرين من المسلمين لم يعرفوا نبيهم وحقوقه إلا بعد حصول تلك الإساءات.
وهذه وصيتي بتقوى الله، وكم أنا سعيد بالسؤال.
ونسأل الله أن يطيل في طاعته الآجال.