رؤية علمية وشرعية في مقولة: (غسل الشعر أيام الدورة يسبب السرطان)

2008-03-20 23:06:31 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل تعلمين ما الذي يحدث عندما تغسلين شعرك أثناء الدورة الشهرية؟ تعالي وانصدمي، تفكير تقليدي يحذر النساء من عدم غسل شعورهن أثناء الدورة الشهرية، ولكن لم يعطنا أحد الجواب الشافي على السؤال؛ لماذا؟ فقط إن الضحية سوف تلاحظ في المراحل المتأخرة من حياتها أعراض سرطان الثدي والمبيض.

اليوم النساء ما زلن يغسلن شعورهن أثناء الدورة الشهرية، معتقدات أنهن سيكن في مأمن في حال ما إذا جففن شعورهن بالمجفف الكهربائي (الاستشوار)، ولكن هذا التصرف لن يحميهن من الإصابة بالسرطان.

دكتورة تايوانية مشهورة متخصصة بالأبحاث السرطانية، انطلقت بأبحاثها في جامعة يابانية، أجرت فحصاً على (30) ألف مريضة مصابة بالسرطان، وجدت أن هؤلاء المريضات حريصات جداً في اختيار غذائهن، ويغسلن شعورهن أثناء الدورة الشهرية، ويحملن أشياء ثقيلة، ويتناولن مشروبات باردة مما أدى إلى عدم اكتمال خروج البويضة من المبيض، وتحول بقايا الحيض إلى موادٍ سامة تعمل على اختلال توازن الهرمونات في الجسم مما يؤدي إلى سرطان في الثدي والمبيض.

خلال البحث وجدت الطرق التالية للوقاية من هذا السرطان وهي:

1- تغيير العادات الغذائية وتناول الخضروات بشكل دائم.
2- عدم غسل الشعر أثناء الدورة الشهرية، وذلك للتأثير البارد الذي يؤدي إلى انكماش المبيض.
3- النزيف الزائد عن الحد يجب أن يتم فحصه عن طريق الطبيبة.
4- عدم شرب السوائل الباردة إذا شعرت بالنعاس أو تمدد بالثدي أو بالإمساك، فهذه هي الأعراض المبكرة لسرطان الثدي والمبيض.
ودائماً النساء الكبيرات بالسن يحذرن من الاستحمام أثناء الدورة، وأذكر أن امرأة تعالج النساء من العقم، ومن أمراض الأرحام قالت: المرأة إذا اغتسلت أيام الدورة تخرب رحمها، وقالت: إن النفساء لا تغتسل إلا بعد عشرين يوماً من ولادتها).

هذا النص منقول؛ فما صحة هذا الذي قيل؟

وأتمنى لكم دوام الصحة والعافية.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا الكلام غير علمي وليس له أساس من الصحة، وهو يتناقض مع تعاليم ديننا، ومع ما تعلمناه في دراسة الطب، كما أنه ليس منطقياً أيضاً.

فالأسلوب الذي تم طرح الموضوع فيه أسلوب استفزازي متحامل، وفيه طريقة الصحفي الذي يريد أن يروج للصحف بعناوين براقة ولكنها فارغة ليبيع منها للبسطاء، أو يدعو إلى مفسدة، وهي هنا: القذارة، وترك الاستحمام، وغسل الشعر في الدورة والنفاس.

فقد ذكر في النص:

- (الضحية) فمن هو المجرم؟ ولماذا هذا الأسلوب العاطفي في غير موضعه؟
- (معتقدات أنهن سيكن في مأمن) فمن هو الغدار؟ وهل هي النظافة؟
- غسل الشعر والتأثير البارد الذي يؤدي إلى (انكماش المبيض) غير مقبول وغير علمي؛ حيث إن انكماش المبيض مصطلح سوقي، وما أفهمه من انكماش المبيض أنه صِغَرٌ وليس تسرطن حيث إن السرطان توسع وليس انكماش؛ فلماذا التحامل؟

الكلام المذكور (مما أدى إلى عدم اكتمال خروج البويضة من المبيض وتحول بقايا الحيض إلى مواد سامة تعمل على اختلال توازن الهرمونات في الجسم مما يؤدي إلى سرطان في الثدي والمبيض) هو غير علمي، وغير صحيح، وغير مقبول.

وبشكل عام فإن النص والعبارات كلها عبارات شبه عامية لا تستند إلى سند علمي ولا ديني وليس عليها دليل.

ولذلك السؤال الضروري هو: ما هو عنوان المجلة التي تم نشر البحث بها؟ (ولا أنصحكم بالبحث عنها حتى لا يضيع وقتكم الثمين).

ومن ناحية أخرى لا يوجد علاقة تشريحية أو فيزيائية بين غسل الشعر وسرطان الثدي أو المبيض، ولكن المبيض يؤثر على الشعر من خلال الهرمونات.

ما أراه أن هذه دعوة جاهلة تشجع القذارة وتدعو إلى تجنب النظافة.
(النظافة من الإيمان)

وعلى حد علمي لا يوجد مقال واحد ولا في أي مجلة طبية محترمة وموثوقة ومعترف بها علمياً تشير إلى هذا الكلام، كما أنني لم أعثر على شيء مؤيد لذلك بل على العكس يوجد في الموقع التالي:

Http://pms.about.com/od/myths/a/menstrual_myths.htm
ما يرد على هذا الكلام ويقول أنه من المعتقدات الخاطئة وهذا النص باللغة المنشور فيها:

Don’t wash your hair when you’re menstruating.
There is absolutely no reason not to wash your hair، Or take a bath or shower during menstruation. in fact، A nice warm bath can do a lot to relieve menstrual cramps and premenstrual tension. you might want To avoid cold water during your period since it could، Theoretically، Cause uterine contractions that could increase menstrual cramps.

قد تختلف المعتقدات في الأديان، ولكن ديننا لا يدعو إلى عدم الغسل أثناء الدورة بل على العكس يدعو إلى النظافة.

إن تناول الخضراوات جيد وينصح به كل الأطباء بغض النظر عن الدورة، ولا علاقة لأكل الخضروات بغسل الشعر والسرطان.

انتهت إجابة الدكتور / أحمد حازم ـــ أخصائي الأمراض الجلدية ــــ ويليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد مجيد الهنداوي: __________________________________________


فنسأل الله عز وجل أن يجزي طبيبنا الفاضل الدكتور أحمد حازم - حفظه الله تعالى ورعاه – على هذا الجواب القيم وأن يجزيه خير الجزاء على نصحه، وها هنا أمرٌ يا أختي لابد من النظر فيه، وهي قاعدة عظيمة تسيرين عليها في جميع شؤونك وهي: أن الأمور تنقسم إلى قسمين:

أمور شرعية: فهذه مردها إلى النقل عن كتاب الله وعن المعصوم - صلوات الله وسلامه عليه – فمتى ما جاء الخبر عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وجب اتباعه، ولا التفات إلى قول أي إنسان متى ما كان النقل ثابتاً عن رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه -.

والأمر الثاني: أن الأمور الطبية مردها إلى أهل الاختصاص وأهل العلم بها، وهذا يحتاج منك إلى أصل عظيم أيضاً تسيرين عليه، وهو أن لا تأخذي في دينك ولا في دنياك إلا الكلام الموثق الذي يرجع عليك بالفائدة، وهذا هو الذي نراه بحمدِ الله من خلال سؤالك الكريم فإنك ما أرسلت هذا الكلام إلا لتتثبتي وتعلمي حاله من الصحة والخطأ، فقد أحسنت بهذا السؤال القيم، ونسأل الله عز وجل أن يجزيك خير الجزاء على حسن تحريك.

إذا علم هذا يا أختي فإن هذا الكلام الذي قد ورد فيه بعض الإشارات التي هي محل نظر وليست بصواب، فإن نهي المرأة في حال حيضها من أن تغتسل وكذلك في حال نفاسها هو نهي لا دليل عليه لا من الناحية الشرعية ولا يثبت ذلك بوجه من الوجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كلام لا أساس له من الصحة.

وأيضاً فإن الكلام الذي قد خُتم به يشير إلى أن المرأة النفساء لا تغتسل إلا بعد عشرين يوماً، وهذا الكلام خطأ محض؛ لأن المرأة النفساء بحاجة إلى تنظيف نفسها لاسيما بعد تعرضها لحالة الولادة وما يخرج منها من آثارٍ معلومة، عدا أن المرأة النفساء قد تطهر قبل عشرين يوماً وهذا قد يقع في بعض الأحيان بحيث يكون طهرها قريباً من وقت ولادتها، فوقت الطهر من النفساء ليس له وقت محدود، ولكنَّ المرأة متى ما وجدت علامة الطهر وذلك بجفاف المحل وعدم نزول الدم عليها، فإنها حينئذ يجب عليها شرعاً أن تغتسل وأن تؤدي الصلاة الواجبة ويجوز لها ما يجوز لسائر النساء الطاهرات من الحيض والنفاس.

فهذا التقييد لا دليل عليه، وإن قُصد به أنها لا تغتسل بأي حال من الأحوال فهو مخالف لما أجمع عليه المسلمون؛ لأن اغتسال المرأة النُّفساء في حال طهرها هو واجب شرعاً.

عدا أن النظافة أمر قد حثَّ عليه النبي - صلوات الله وسلامه عليه – فهذا الدين الكامل دين الطهارة والتنزه.

وأيضاً فإن هنالك إشكالاً ظاهراً بهذا الكلام الذي يُذكر (وهو أن المرأة لا تغتسل أبداً في حال حيضها لتوقي السرطان)، فهذا مع كونه أمراً لم يثبت من الناحية الطبية – كما بيَّنه الطبيب المختص الفاضل حفظه الله تعالى ورعاه – فهو أيضاً مُشكل من ناحية النظافة إشكالاً عظيماً لأن بعض النساء قد تطول بهنَّ فترة الحيض بحسب العادة التي لديهنَّ، فإن منهنَّ من تكون عادتها فوق العشرة أيام -كما هو معلوم – فكيف ستبقى بدون رعاية لنظافتها وطهارتها، عدا أنها في حال الحيض يمكن أن تخالط زوجها مخالطة الأزواج بل يحصل بينهما ما يكون معلوماً من النوم مع بعضهما بعضاً ومن الضم والاقتراب بل يجوز للزوجين أن يستمتعا ببعضهما بعضاً حتى في حال الحيض طالما أنه لا يتم الوطأ في الفرج، كما ثبت ذلك عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه -.

وبالجملة فإن في هذا الكلام محاذير من الناحية الشرعية ومن الناحية الطبية كما بُيِّن لك في كلا الجوابين، ونوصيك يا أختي بأن تستقي دوماً معلوماتك من مصادر موثقة، فإن هذا العلم لا يؤخذ إلا من أهله سواء كان علم هذه الشريعة الكاملة أو كان سائر العلوم الأخرى لاسيما علم الطب الذي يضطر الإنسان إليه اضطراراً ولا غنى له عن معرفة ما يصلح بدنه ويصلح صحته، فلتأخذي ذلك من مصادره الموثقة وبذلك تأمنين الزلل والخطأ.

ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يزيدك من فضله وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته.
وبالله التوفيق.

انتهت إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد مجيد الهنداوي ــــ ويليها إجابة الدكتورة / سامية موسى النملة ـــ أخصائية نساء وولادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين فترة وأخرى نسمع مثل هذا الكلام، ولكنه في الحقيقة لا يستند إلى بحث علمي مفصل ودقيق، والكل ينشر ما يراه، ولكن نقول إن هذا الكلام أصبح مستنداً علمياً قوياً؟ فلم أجد ما يشير إلى هذا في أي بحث يحترم القواعد العلمية، وما ذكرته الباحثة أو المقال في أن الضحايا سوف يكتشفن في المراحل المتأخرة من حياتهن أعراض سرطان الثدي والمبايض، فمن المعروف أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي تزداد بتقدم العمر، ومعدل الإصابة أكبر في النساء اللواتي في سن الستين، أما بالنسبة لسرطان المبيض، فمن المعروف أن نسبة الإصابة تزداد في النساء فوق السبعين، إذن فما الجديد في الأمر؟

ولكن دائماً نقول: إن النساء إذا تعودن على غسل شعورهن أثناء الدورة فلا يحصل لديهن أي اضطراب في الدورة، وهذا مشاهد، ولم تشتكِ النساء من اضطراب في الدورة بسبب غسل الشعر ولا ضعفاً في الإباضة بسبب ذلك الأمر، ولكن الاضطراب يحصل عند من لم تتعود على غسل شعرها أو الاستحمام ثم يحصل أن تستحم وتتذكر مقولة أن الاستحمام قد يضر، فعندها قد تضطرب لديها الأمور أو يخف الدم النازل بسبب العامل النفسي.

وقد يحصل بالفعل أن يقل دم الدورة أو دم النفاس إذا كان الاستحمام يحصل بالماء البارد، أما إن كان الاستحمام بالماء العادي الدافئ فلم نرَ أي شكوى من أيٍّ من النساء.

فيفضل دائماً التأكد من أي معلومة قبل تصديقها، ودائماً إن اختلف عليك الأمر وشككت في المعلومة فانظري هل لها ما يؤكدها أو ينفيها من كتاب الله عز وجل أو من سنة نبيه عليه الصلاة والسلام؟ فإن الطب متغير وما يُؤكِّد اليوم قد ينفى تماماً غداً، ولا باق ٍإلا الله تعالى، فإن كان عدم غسل الشعر يحمي النساء بهذا الشكل فقد كان من باب أولى أن يشير إليه الإسلام أو على الأقل أن ينبه الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث: (الطهور شطر الإيمان) إلى أنه يستثنى من ذلك النساء في المحيض، وقد أشار القرآن إلى اعتزال النساء في المحيض في قوله تعالى: (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ))[البقرة:222] فإن كان أيضاً الاغتسال فيه أذى فلم لم تشر الآية الكريمة أيضاً إلى ذلك؟

فانتبهي لذلك الأمر.

والله الموفق.

www.islamweb.net