الأسلوب الصحيح لدعوة الأب الذي لا يصلي
2008-05-01 11:15:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا وأبي نقيم خارج دولتنا، ونعمل في الإمارات العربية المتحدة، ونقيم معاً في نفس البيت، حيث أن أمي وإخوتي يقيمون في بلد آخر.
شيخنا الكريم: أنا في مشكلة أسأل الله أن تساعدني على حلّها.. أبي لا يصلي، لم أقم بدعوته إلى الصلاة إلى الآن؛ وذلك لأنني لا أريد أن أدعوه بطريقة خاطئه قد تؤدي إلى إثارته، وأبي دائماً مشغول مع أصدقائه، ولا يجلس في البيت كثيراً، بل حتى أنه معظم الأيام لا ينام في البيت، ولكن أبي فيه صفات حسنة، فماذا أفعل؟
أرجو الرد في أسرع وقت، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين، وأن يزيدك برّاً بوالديك وعطفاً عليهما، وأن يوفقك لدعوة أبيك بالتي هي أحسن، وأن يرزقه الهداية والرشاد والتوفيق والسداد، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد في رسالتك أخي المهندس! فإني معك في أن مقام الأب عظيم، وأن منزلته في دين الله تبارك وتعالى كبيرة، فالأب أوسط أبواب الجنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو وصية الله تبارك وتعالى التي أوصى بها بعد الوصية بتوحيده: (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[الإسراء:23]، هذا كله حق، ومن هنا أجد أن تعاملك مع والدك ينطلق من هذه القاعدة: الاحترام والتقدير، ومراعاة المنزلة والمكانة التي أكرمه الله بها، إلا أني – أخي الحبيب الكريم – أحب أن أقول لك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والدك الآن لا يصلي هل تحب والدك؟ قطعاً تحبه حباً شديداً، والدليل على ذلك أنك أرسلت لتسأل كيف تتعامل معه، إذن: كيف تكون محباً لوالدك وأنت موقن بأنه سيكون من أهل النار؟ لو أن والدك هذا – أخي أنس – الآن اشتعلت فيه النار – لا قدر الله – أو أصيب بمرض فماذا أنت فاعل؟ هل ستتفرج عليه؟ هل ستدعه يموت محترقاً؟! قطعاً لا وألف لا وأنا واثق من هذا الكلام جيداً.
أقول لك: إن نار الآخرة أعظم بملايين المرات من نار الدنيا؛ ولذلك يجب عليك فوراً أن تبدأ في محاولة إنقاذ والدك، ولكن كيف السبيل؟ بما أنك لا تريد أن تصطدم معه أو تدير معه حواراً صدامياً، وأن تراعي مشاعره، فمن الممكن أن تأتي بمطوية من المطويات التي تباع في المكتبات الإسلامية تتكلم عن الجنة وتتكلم عن النار، تتكلم عن محبة الله تعالى، كل أسبوع اشتري مطوية وضعها بجوار سرير والدك أو في المكان الذي يجلس فيه عادة، ثم مع الأيام تأتيه بمطوية أخرى تتكلم عن الصلاة وعن فضلها ومنزلتها في الإسلام.
لا مانع أن تشتري شريطاً يتكلم عن الجنة ونعيمها، ثم تديره في الوقت الذي هو موجود فيه حتى يستمع في الوقت الذي هو فيه إلى بعض العبارات التي قد تصل إلى قلبه فتحركه؛ لأن أباك الآن لا يتزود بأي زاد يجعله يغير واقعه، بما أنه لا يدخل المساجد فلا يسمع إلى خطب الجمعة، بما أنه لا يدخل إلى المساجد فلا يسمع إلى الدروس والمواعظ، وبما أنه مشغول فقطعاً لا يدخل على إذاعة القرآن ولا يستمع إليها، فأنا أتمنى أن تغير أنت من النمط الذي هو عليه، وتفتح على إذاعة القرآن الكريم في الإمارات لأنها رائعة، واجعلها تعمل ليل نهار ولا تتوقف، فإن سألك فقل له القرآن العظيم وبركته؛ لأننا نريد الملائكة أن تدخل بيتنا حتى تطرد عنا الشياطين؛ لأنه إذا حضرت الملائكة غابت الشياطين، والملائكة عادة تحضر لسماع القرآن الكريم.
ثم من حينٍ لآخر يكون عندك مسجل تضع فيه شريطاً لبعض إخواننا المشايخ المؤثرين الذين يتكلمون عن الجنة والنار بأسلوب مؤثر وهو كثير موجود، فتجد – إن شاء الله تعالى – في المكتبة أشرطة كثيرة مؤثرة بعيداً عن قضية الصلاة، ثم بعد ذلك عندما ترى أن قلبه قد لان، وأنك قد وصلت الأمر معه لمدة ولتكن شهراً مثلاً أو أقل قليلاً ابدأ بعرض شريط يتكلم عن الصلاة.
الشيخ (محمد حسين يعقوب) له شريط رائع بعنوان (لماذا لا تصلي)، لو استطعت أن تصل لهذا الشريط فمن الممكن – بارك الله فيك – أن تضعه في المسجل وأن يستمع إليه والدك بطريق غير مباشر.
إن كان هذا كله لم ينفع ولم يفد فلابد لك من أن تفاتحه شخصياً وتقول له: يا والدي أنا أحبك أكثر من نفسي ولكني أخاف عليك من عذاب الله تعالى، تارك الصلاة ملعون، وقد توعد الله تارك الصلاة بالعذاب الأليم في الآخرة وأنت أبٌ رائع وصفاتك كلها رائعة، وأنا أخشى عليك من عذاب الله تعالى، أتمنى يا أبي أن تبدأ الصلاة ولو حتى في البيت ولا يلزمك أن تصلي في الجماعة.
وابكي بين يديه وتضرع إليه أن يقبل منك هذا العرض لعل الله أن يوقعه في قلبه، استعن على ذلك كله بالدعاء، بالملك جل جلاله سبحانه، واعلم أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، واعلم أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، واعلم أن الله أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة: (( وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ))[الروم:6].
اجتهد أخي المهندس! وأنا أرى أنك قادر على أن تفتح الطريق إلى قلب أبيك بهذه الوسائل التي ذكرتها، فإن لم تستطع فلا مانع من استخدام بعض الأخوة الأفاضل ليتكلم مع والدك بطريقة غير مباشرة لعل الله أن يصلحه.
أنا واثق بأنك ستنجح وأنا واثق أنك ستوفق، ابدأ - بإذن الله تعالى – بالعلاج، بالأمر المقدور عليه، وأكثر من الدعاء لأبيك بالهداية وأن يشرح الله صدره للإيمان، وعمَّا قريب ستبشرنا بأن أباك أصبح في الصف الأول مع المسلمين، هذا ما أتمناه وأرجوه وأتمنى لك التوفيق.
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم، والله الموفق.