الشك وكثرة التفكير الخاطئ .. المشكلة النفسية والعلاج
2008-06-29 14:02:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من الشك وكثرة التفكير الخاطئ، وأشعر بعدم التركيز في العلاقات العاطفية وعدم الاتزان، ولدي شخصيتان شخصية تريد التدين، وشخصية تفكر في العلاقات الكثيرة، وقد فشلت في كثير من العلاقات، فهل من حل؟!
ثانياً: أعز صديقاتي لديها مشكلة، وهي أنها تحب زوج أختها، رغم أن ذلك يضايقها كثيراً، وتخاف من المشاكل مع أهلها، فماذا تفعل؟!
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يذهب عنك كيد شياطين الإنس والجن وأن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يعينك على التخلص من تلك الوساوس والشكوك والأفكار الهدامة الخاطئة، وأن يجعلك من الصالحات القانتات العفيفات الفاضلات، وأن يمنَّ عليك بالنفس الطيبة المطمئنة، وأن يجعلنا وإياك من أهل الجنة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله جل جلاله جعل لكل شيء سبباً، فلا يوجد شيء يعاني منه الإنسان إلا وله أسباب أو دوافع تؤدي إليه، فالشك والتفكير الخاطئ يدل على أن هناك أسباباً أدت لهذه الأشياء، وهذه الأسباب تكون من النفس غالباً؛ لأنه لابد أن تكون هناك مشاكل داخلية نتيجة التربية التي رُبي فيها الإنسان كحرمانه من العواطف، أو كونه يعيش في جو فيه مشاكل، أو كونه كانت له علاقات لم يوفق فيها إلى غير ذلك، فأدى ذلك إلى هذه الأمراض؛ لأن هذه الأمراض غالباً لا تأتي من فراغ، وإنما لابد لها من أسباب ودوافع أدت إليها.
وإذا أردنا العلاج الحقيقي لهذه المسألة فلابد من جلسة مصارحة ومحاسبة مع نفسك، فاجلسي في مكان هادئ في جو معتدل وارجعي بذاكرتك للوراء قليلاً منذ بدأت هذه الأمراض، ولو ركزت تركيزا قوياً فسوف تصلين إلى تحديد التاريخ الذي بدأت تعاني منه من هذه المشكلة، ثم بعد ذلك ما هي الأسباب؟ لماذا أصبت بهذه المصيبة؟ أو لماذا ابتليت بهذا الابتلاء من الشك أو التفكير الخاطئ؟
فإذا عرفنا الأسباب كان من السهل العلاج؛ لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل إصلاح الخلل والعطب، فما جعل الله تعالى داء إلا وجعل له دواء، وبمعرفة التاريخ الذي بدأت منه هذه المشاكل سيسهل عليك معرفة الأسباب التي أدت لهذه الأشياء، فإذا عرفتها وتم القضاء عليها فستعالجين نفسك بنفسك دون حاجة إلى أحد؛ لأن القضايا النفسية إذا لم يقم الشخص فيها بدور إيجابي تجاه نفسه فإنه من الصعب حلها.
وغالباً فإن سبب ذلك سيكون من الشيطان؛ لأن الشيطان يستغل عدم استقرار النفس لينفث فيها من سمومه ليجعلها ممزقة مشتتة، وبدل أن تفكر في الصواب أو تفكر في الشيء النافع أو تفكر في الشيء المفيد، فإنها تبدأ تفكر في الشيء الهدام، ولذلك كان من معاناتك عدم الاستقرار في العلاقات العاطفية، والعلاقات العاطفية نوعان: إذا كانت علاقة مع الفتيات بالضوابط الشرعية فإن فقدها يكون مشكلة، وأما إذا كانت علاقات محرمة فهذه تسبب راحة لترك المعاصي المترتبة على تلك العلاقة.
وأما كونك صاحبة شخصية تريد التدين وشخصية العلاقات الكثيرة، فإن كل إنسان فيه هذا الأمر، كما قال الله تعالى: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ))[البلد:10] أي طريق الخير وطريق الشر، وكل إنسان فيه داعي الإيمان وفيه داعي المعصية، ولكن داعي الإيمان متى يزيد؟ إذا كان الإنسان منا يعيش في البيئة الطيبة فإن الإيمان يزيد عنده، وأما إذا كان يعيش في بيئة غفلة ومعاصي، فإن داعي الإيمان يضعف وداعي المعاصي هو الذي يكبر ويقوى، وهو الذي يسيطر عليه.
ولذلك أنت تحتاجين إلى بيئة صالحة، ولعلك في حاجة إلى أن تغيري الجو الذي تعيشين فيه، فلعلك لا تقرئين القرآن، فحاولي أن تقرئي شيئاً منه، ولعلك أيضاً ليست لك صداقات صالحة، فحاولي أن تتعرفي بعض الفتيات الصالحات حتى توفري جواً جديداً يزيد عندك شخصية التدين، ويزيد عندك داعي الإيمان، وبذلك تتخلصي من هذه الأشياء الموجودة؛ لأن هذه الدواعي تتأثر بالبيئة، فالرجل الذي قتل مائة نفس دله هذا العالم على أن يذهب إلى مكان به قوم صالحون يعبد الله معهم.
والعلماء متفقون إجماعاً على أن البيئة تلقي بظلالها على الأشخاص، فإذا كان داعي الإيمان عندك ضعيفاً فحاولي أن توسعي القاعدة الشرعية عندك، فإذا كنت لا تقرئين القرآن فابدئي في القراءة ولو كل يوم صفحة من القرآن الكريم، وإذا كنت لا تستمعين للقرآن والمحاضرات والدروس والمواعظ فاستمعي إلى بعض الأشرطة الإسلامية، وإذا كان عندكم بعض المراكز الدعوية فحاولي أن تشتركي فيها، وعليك بحضور بعض المحاضرات وادخلي على المواقع الإسلامية، وحاولي أن تقرئي بعض الكتب الإسلامية التي تعينك على زيادة الإيمان، خاصة كتاب (مختصر منهاج القاصدين) لابن قدامة أو كتاب (البحر الرائق) للشيخ أحمد فريد، أو غير ذلك من الكتب التي تتكلم عن النفس وأحوالها وكيفية السيطرة على نزغاتها وكيفية النهوض بها وتحسين تصرفاتها، فهذا كله من المقدور عليه بإذن الله تعالى.
وأما صديقتك التي لديها مشكلة فانصحيها أن تتقي الله عز وجل، وأن تعلم أن هذه العلاقة من الشيطان، وأن هذه المحبة لا يمكن أن تكون محبة شرعية، وإنما هي محبة شيطانية محرمة فلتستغفر الله تعالى ولتقاوم هذه الرغبة؛ لأن هذه ليست عاطفة وإنما هي رغبة شيطانية، فما دام هذا زوج أختها فالعلاقة ستكون بينهما محرمة، ولابد أن هذه العلاقة ستجعلها تتودد إليه.
فلا بد أن تبتعد عنه تماماً وأن لا تجالسه في مكان، وأن لا تتكلم معه، وإذا علمت وجوده في مكان تتهرب منه؛ حتى تتخلص من هذه العلاقة، وعليها بالإكثار من الدعاء أن الله عز وجل يعافيها، وأن تعلم أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم، فإذا طبقت هذه الأفكار وتلك النصائح بأمانة، فإن الله سوف يكرمها إن شاء الله تعالى.
وعليها أن تجتهد في ألا تتكلم معه، وألا تجلس معه في مكان، وألا تنظر إليه، وألا تذهب إلى بيت أختها مطلقاً، وإنما تتصل بأختها عبر الهاتف وتعتذر لها أو تذهب لها في الأوقات التي لا يوجد فيها هذا الرجل، وتتضرع إلى الله عز وجل أن يعافيها، وبإذن الله سوف تعان إذا كانت جادة صادقة؛ لأن كونها متضايقة معناه أنها تعلم أن هذا خطأ، ونسأل الله لك ولها التوفيق والسداد، وأن تكونا من أصلح الفتيات وأن يستركما بستره الذي لا ينكشف في الدنيا والآخرة.
وأتمنى أن تقومي بعمل رقية شرعية لنفسك، سواء تقومين بها أنت أو أحد أقاربك أو بعض الصالحين، وأكثري من الاستغفار والدعاء، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحافظي على الصلاة في أوقاتها، واقرئي أذكار الصباح والمساء يومياً، نسأل الله لك الإعانة والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.