انتكاسة الحالة الذهانية بعد سبع سنوات

2008-06-23 10:42:27 | إسلام ويب

السؤال:
عندي استفسار في غاية الأهمية في شاب كان يمارس رياضة القوى -الركض- لمسافة طويلة، وكان عمره 14 سنة، بعدها تعرض لحالة نفسية في الدماغ (أصبح مثل المجنون) نتيجة تناول مشروب غير معروف في دولة أجنبية، وكان في رفقته بعثة من الاتحاد، ولم يتبين سبب الإصابة، بعدها تمت معالجته من قبل أحد المستشفيات، ولم يعاوده المرض مرة ثانية، ولا يحس بأعراض، وبعد مرور 7 سنوات فجأة ظهر المرض من جديد، والآن في أحد مستشفيات الأمراض العقلية، فما سبب رجوع المرض طوال هذا السنوات؟ وكيف علاجه أو الوقاية منه؟
وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية، وعلى ثقتك في استشاراتها، وبارك الله فيك على اهتمامك بأمر هذا الشاب.

إذا حاولنا أن نربط بين الحالة الأولى التي حدثت لهذا الشاب، ثم الانتكاسة التي جاءته بعد سبع سنوات، فهذا يوافق تماماً بعض الأمراض النفسية أو الأمراض الذهانية أو العقلية التي تعرف بأمراض الدورية، فهنالك أمراض تأتي في شكل موجات وبنوع من التكرار بعد كل مدة من الزمن، فهنالك مرض يعرف باسم (الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية) يعرف عنه أنه يأتي من وقت لآخر، وبعض الناس يصابون به في موسم معين، وهنالك أيضاً مرض يعرف بـ (الهوس الدوري) وهو مرض عقلي يحدث نوع من الحركة الزائدة للإنسان ويفتقد النوم ويخرج من شعوره ويفتقد البصيرة، ويكون هنالك تطاير في أفكاره وربما هلاوس، هذا أيضاً من الأمراض التي تأخذ الصبغة الدورية.

والانتكاسة تتفاوت من إنسان إلى إنسان، فهنالك من يأتيه المرض سنوياً أو يأتيه كل سنتين أو أكثر من ذلك، وهنالك من يأتيه المرض بعد سنوات، فقد ذكر في أحد الكتب العلمية المعروفة في الطب النفسي أن هنالك مريضا مصاباً بالهوس أتته النوبة الأولى حين كان عمره ست عشرة سنة، ثم أتته النوبة الثانية بعد مرور ستة وعشرين سنة.

إذن: هذه الحالات موجودة ومعروفة، وهذا الشاب -شفاه الله وعافاه- غالباً يعاني من أحد هذه الأمراض الدورية، وعلاجه في المقام الأول بالطبع هو التأكيد من التشخيص والتشخيص الصحيح وهذه مسئولية الأطباء.

ثانياً: عليه الالتزام القاطع بتناول الأدوية التي سوف توصف له، ويعرف من الناحية العلمية أن مراحل العلاج تقسم إلى مرحلة البداية في الدواء وبنائه حتى يصل إلى الجرعة العلاجية، والفترة العلاجية هي المرحلة الثانية، ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الوقائية - وهذه ضرورية جدّاً - وكل من أتته انتكاسة مرضية أكثر من مرة لابد أن يستمر ويواصل مع طبيبه، فلابد أن يكون هنالك التزام تام بالجرعة الوقائية وهذا أمر ضروري جداً.

كثير من الناس يقع في الخطأ بأنه حين يتحسن ويصبح على صحة وعافية يبدأ بعد ذلك في تناسي الدواء أو إهماله أو التوقف عنه أو يسمع بعض الكلام غير العلمي من بعض الناس أن هذه الأدوية تسبب الإدمان، وهذه الأدوية مضرة إلى غير ذلك مما هو ليس بصحيح.

إذن لمساعدة هذا الأخ يجب أن نحتم عليه الاستمرارية في العلاج الذي سوف يوصف له، وبفضل الله تعالى توجد الآن أدوية نفسية فعالة وسليمة ومختصرة الجرعات، أي بمعنى أن المريض قد يحتاج إلى حبة أو حبتين في اليوم، وهذا لا يعني أي شيء، هذه الأمراض يجب أن تعامل كما تعامل أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري والربو وغيرها من الأمراض، مثله مثل الأمراض الموجودة.
ثالثاً: يجب أن يعتمد على العلاج التأهيلي أيضاً، بمعنى أنه لا يعتبر أن هذا المرض يسبب له أي إعاقة، يجب أن يعيش حياة عادية وفعالة، ويجب أن يقوم بدوره الاجتماعي والعملي في الحياة كما هو مطلوب.

رابعاً: تأتي بعد ذلك المساندة ممن حوله – أنت والطيبون من أمثالك – يحاولون مساندته، وإظهار مكانته، وأن المرض لن ينقصه، ولا توجد أي وصمة اجتماعية.

خامساً: لابد أن يبتعد عن أي مؤثرات خارجية، فهنالك بعض الأمراض مرتبطة بمؤثرات خارجية، مثل الضغوط النفسية الشديدة، وكتناول المخدرات والمسكرات الذي هو من أسوأ ومن أكبر الأسباب التي تؤدي إلى الانتكاسات المرضية لبعض الأمراض العقلية والذهانية.
هذا الذي أود أن أوضحه، وجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر هذا الصديق، ونسأل الله تعالى له الشفاء والعافية، ولكم التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

www.islamweb.net