أصبحت موظفة وما زلت أعاني من الرهبة من الآخرين!
2008-07-23 10:34:03 | إسلام ويب
السؤال:
الدكتور الفاضل هذه أول مشاركة لي، وأسأل الله أن يمن علي بالشفاء بعد تفضلكم بإرشادي إلى العلاج المناسب -أسأل الله عز وجل أن يجعله في موازين حسناتكم، وأن يرزقكم من حيث لا تحتسبون-.
دكتوري أعاني من المرحلة المتوسطة من ارتباك وارتجاف في الصوت واليدين والرجلين عندما تطلب مني الأستاذة الإجابة على السؤال في المدرسة، أو تطلب مني القراءة أمام الزميلات وكلما كبرت كبرت معاناتي.
وفي الثانوية أصبحت أتألم لهذا الشعور فنظرات زميلاتي تكاد تقتلني، ولا أستطيع أن أحكي حادثة أو قصة لأي أحد إذا كانت القصة طويلة، وأصبحت أكره الاجتماعات، وأيضاً بالجامعة لا أستطيع أبداً المشاركة أو القراءة فصوتي عندما أتكلم يرتجف وتكاد أغلب الكلمات لا تفهم!
وأنا الآن موظفة وأصبحت حتى عند أهلي ووالدتي عندما تطلب مني أن أقرأ أي خبر في جريدة أو غيره أتصبب عرقاً ويرتجف صوتي وعندما أخبر أمي بسالفة حصلت لا تستغرق مني دقيقة عندما أتكلم أو دقيقتين، وعندما تحضر إحدى أخواتي وتقول: أعيدي لها السالفة؛ أشعر بنبضات قلبي تزداد ولساني وأعجز عن الكلام، وأتحجج بأني أشعر بدوخة حتى لا أعيد السالفة.
وبعدها عندما أذهب لبيتي -فأنا متزوجة- أقضي يومي بالبكاء والحسرة على وضعي حتى عند أهلي محرومة وأشعر بالمعاناة.
فأمي الله يحفظها كانت قاسية وكانت تجرحني ببعض الكلمات.
الله يعلي قدرك دنيا وآخرة لا تهمل رسالتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد العزيز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإن هذه الحالة التي تعانين منها تعرف باسم (قلق الرهاب/الخوف الاجتماعي) وهو أن الإنسان يصاب بقلق وتوتر شديد في بعض المواقف الاجتماعية والتي ربما تكون مواقف بسيطة ومألوفة أو تكون مواقف غير مألوفة، وحقيقة قد بدأت معك الحالة في بداية المرحلة المتوسطة وهذا هو التاريخ الطبيعي للرهاب الاجتماعي، فإن حوالي سبعين بالمائة ممن يصابون بالرهاب الاجتماعي تحدث لهم النوبات الأولى في المراحل الدراسية الأولى أو في مرحلة اليفاعة.
وعموماً الذي أؤكده لك أن هذا الخوف الاجتماعي لا يعني أبداً أن شخصيتك ضعيفة بأي حال من الأحوال، والذي أوضحه لك – وهو جزء مهم جدّاً في العلاج – هو أن شعورك بالتلعثم أو شعورك بعدم الانطلاقة في الكلام أو أنك متوترة أو أنك تأتيك الدوخة أو أنك سوف تسقطين أو تفشلين أمام الآخرين، شعورٌ مبالغ فيه وليس حقيقياً، وهذا ما أكدته الدراسات.
نعم نعترف تماماً أنه يوجد قلق ويوجد توتر، ولكن كثير من الناس يتصورون أعراضهم الفسيولوجية بصورة مبالغة جدّاً، فإنه قد قام أحد العلماء بتصوير الأشخاص الذي يعانون من الخوف الاجتماعي في مواقف اجتماعية دون أن يشعروا بذلك التصوير، وكان هذا التصوير عن طريق الفيديو، ثم بعد ذلك عرضت عليهم صور الفيديو وقد لاحظوا أنفسهم أن أعراضهم أقل كثيراً مما كانوا يتصورون، وبناء عليه أرجو أن تستفيدي من هذه الحقيقة العلمية.
يأتي بعد ذلك طرق العلاج وبفضل الله تعالى هنالك عدت علاجات دوائية وهي مفيدة جدّاً وأعتقد أنك في حاجة إلى ذلك – فهنالك عقار يعرف باسم (زيروكسات Seroxat ) أو ما يعرف بـ (باكسيل Paxil)– هذان الاسمان اسمه التجاري – والذي يعرف باسمه العلمي (باروكستين Paroxetine) هو من أفضل الأدوية التي تستعمل لعلاج الرهاب الاجتماعي، وهو دواء سليم وغير إدماني ولا يؤدي إلى أي آثار جانبية سالبة مضرة.. فأرجو أن تبدئي في تناول هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام – نصف حبة – ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفعي الجرعة بعد ذلك إلى حبة كاملة وتستمري عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ترفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم - والتي يمكنك أن تتناوليها بمعدل حبة ظهراً وحبة ليلاً، أو يمكنك تناول الحبتين ليلاً مع بعضهما البعض – واستمري على هذه الجرعة - وهي الجرعة العلاجية – لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك ابدئي في تخفيض الجرعة بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقفي عنه.
نحن على ثقة كاملة أنه - إن شاء الله تعالى - بعد شهرين من بداية العلاج سوف تحسين براحة كاملة.
أما بالنسبة للعلاج النفسي فقد قمتُ بشرح حقيقة الحالة لك وهذا جزء من العلاج النفسي الضروري جدّاً..
يأتي بعد ذلك التغير المعرفي، بمعنى أن تحقري فكرة الخوف أمام الآخرين وذلك بأن تقولي لنفسك: (لماذا أنا أخاف فأنا لست أقل ولا أضعف من أي أحد، فإن هذا مجرد قلق ويجب أن أسيطر عليه ويجب ألا يحرمني أبداً من أن ألتقي وأتفاعل مع الآخرين) فإن هذا الحديث الداخلي لنفسك يعطيك القوة والدافعية أكثر. وعليك دائماً ألا تتجنبي المواقف التي تحسين فيها بالخوف، وعليك مواجهة هذه المواقف.
بالتأكيد سوف تصابين بشيء من القلق في بداية الأمر ولكن أرجو أن تعلمي وتقتنعي أن هذا القلق سوف يتناقص حتى ينتهي تماماً.
إذن المواجهة وعدم التجنب والتغيير المعرفي هو خط العلاج الأول والرئيسي والأساسي.
يأتي بعد ذلك التواصل الاجتماعي وذلك بالقيام بزيارة أرحامك والتواصل الاجتماعي، وحضور الدروس والمحاضرات الدينية، ولو اشتركت في أي حلقة تلاوة خاصة بالنساء؛ فإن هذا يعطيك الطمأنينة والراحة والتفاعل الاجتماعي الإيجابي جدّاً.
وأرجو أن تتذكري أنه من نعم الله تعالى عليك أنك متزوجة وصاحبة بيت ولك وظيفة وكل هذا يجب أن يدفعك دفعاً إيجابياً يقضي على هذا الخوف وعلى هذا الهرع.
وسيكون لك من المفيد أيضاً إذا مارست أي نوع من الرياضة تكون سهلة ومتاحة للمرأة المسلمة، وهنالك أيضاً عدة تمارين استرخاء تساعد في إزالة هذا القلق، فأرجو أن تتحصلي على أحد الأشرطة أو الكتيبات الموجودة في المكتبات وتقومي بتطبيق هذه التمارين حسب الطريقة التي يقوم بشرحها المعالج، وإذا لم يتيسر لك كل ذلك فسوف أشرح لك بعض هذه التمارين بصورة مختصرة:
هنالك تمارين التنفس المتدرج، وفي هذه التمارين عليك بالآتي:
(1) الاستلقاء في مكان هادئ.
(2) التأمل في شيء طيب وجميل أو الاستماع إلى شريط من القرآن الكريم بصوت خافت.
(3) غمض العينين وفتح الفم قليلاً.
(4) أخذ نفس عميق وبطيء – وهذا هو الشهيق – من الأنف، وجعل الصدر يمتلأ بالهواء وترتفع البطن قليلاً.
(5) المسك على الهواء في الصدر لمدة قصيرة.
(6) ثم إخراج الهواء بنفس القوة وبنفس البطء – وهذا هو الزفير – من الفم.
(7) تكرار هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات بمعدل مرتين في اليوم.
أرجو تطبيق هذه الإرشادات وتناول الدواء الموصوف وتطبيق التمارين الاسترخائية، وأسأل الله الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.