العوامل المساعدة على التخلص من الضيق وجلب الارتياح
2008-10-26 12:30:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
لا أعرف كيف أبدأ؟ أنا لا أداوم على الصلاة لكن أصلي كثيراً، وأشعر بضيق في صدري، وأحس أني مخنوق وكاره للحياة، فماذا أفعل لكي أشعر بالارتياح وبراحة البال؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحر المقيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يُذهب عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك، فإنك تقول: أنا ممكن أكون غير مداوم على الصلاة ولكنك تصلي، ولكنك تشعر بضيق في صدرك حيث أنك تشعر أنك مخنوق وكاره للحياة فماذا تفعل لكي تشعر بالارتياح وراحة البال.
أولاً: بارك الله فيك النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لبلال رضي الله تعالى عنه عن الصلاة: (أرحنا بها يا بلال)، وكان يقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، فالصلاة علاج لكل الأمراض النفسية؛ لأن الصلاة تحوي أموراً كثيرة من الأمور التي تُذهب كل ما في النفس من هموم وغموم وأحزان وأكدار، ولذلك أنا أقول: إن مشكلتك تكمن أساساً في عدم المداومة على الصلاة، وصدقني – ولدي – يوم أن الله عز وجل يمنَّ عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة فسوف تشعر بتحسن كثير جدّاً، فالصلاة من أعظم العوامل التي تؤدي إلى الاستقرار النفسي وإلى راحة النفس، ولذلك كان حبيبك صلى الله عليه وسلم يقول: (أرحنا بها يا بلال)، فهي راحة للنفس وراحة للجسد وهي راحة للعقل وراحة لكل شيء فيك.
أول عامل من العوامل التي تؤدي إلى ذهاب هذه الأمور النفسية التي تشعر بها إنما هو المحافظة على الصلاة، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ))[البقرة:238]، فأوصيك نفسي وأخي – الحر المقيد – بالمحافظة على الصلاة ومقاومة التكاسل وكيد الشيطان في صرفك أو إبعادك عن الصلاة؛ لأن الصلاة هي علاجك الأول والأكبر والأعظم، حيث تشكو فيها همومك كلها لله - تبارك وتعالى –.
ثبت الآن – كما ذكر الأطباء المعاصرون – أن الإنسان إذا سجد ووضع جبهته على الأرض خرجت من عنده الطاقات السلبية التي في بدنه فتسربت إلى الأرض فشعر بقسط كبير من الراحة خاصة مع المحافظة على الصلاة في أوقاتها.. فوصيتي لك أن تترك هذا التكاسل وأن تترك عنك هذا الخمول، وأن تترك عنك هذا الإهمال، وأن تبدأ بالمحافظة على الصلاة في جماعة.
ثانياً: - بارك الله فيك – عليك بالدعاء؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: (( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186]، فأنت الآن تشعر بضيق في صدرك وتشعر بأنك مخنوق وكاره الحياة ولا تشعر بارتياح ولا براحة بال، فكل الذي تريده في خزائن الله تعالى؛ لأن الله تعالى يقول: (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ))[الحجر:21]، ولن يحل مشكلتك أحد سوى الله الجليل سبحانه وتعالى، فتوجه إليه بالدعاء سبحانه، وأبكي بين يديه سبحانه خاصة في السجود في منتصف الليل أو إذا كنت تمشي وحدك، كلما تذكرت مشكلتك هذه توجه إلى الله عز وجل بالدعاء واسأله أن يخفف عنك وأن يصرف عنك وأن يشفيك وأن يعافيك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فعليك بالدعاء - بارك الله فيك – وقال أيضاً: (ليسأل أحدكم ربه حاجاته كلها)، فكل شيء قل يا رب، والله تبارك وتعالى يحب أن يُسأل، وثق وتأكد من أن وضعك سيكون حسناً وجيداً - بإذن الله تعالى -.
ثالثاً: ذكر الله تبارك وتعالى لأن الله قال: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28]، فاجتهد في الأذكار، خاصة أذكار طرفي النهار، يعني أذكار الصباح وأذكار المساء وأذكار عقب الصلوات المكتوبات كما تعرف، وكذلك ما بين هذه وتلك تظل تذكر الله تعالى، خاصة (أستغفر الله، أستغفر الله)، أو (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، أو غير ذلك من الأذكار (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)، (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).
أيضاً قولك:
(لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحاً ومائة مرة مساءً، وهي موجودة في أذكار الصباح، ولكني ركزت عليها لأهميتها.
هذه الأذكار ستساعد - إن شاء الله تعالى – كثيراً على ذهاب هذه الحالة التي تشعر بها من الضيق ومن عدم الرغبة في الحياة، ومن عدم راحة البال، كل ذلك سوف يذهب عنك - بإذن الله تعالى -.
أخيراً أن تجتهد - بارك الله فيك – الإقلاع عن المعاصي، يعني: النظر إلى الصور العارية مثلاً أحياناً، أو مشاهدة الأفلام ومشاهدة القنوات والفضائيات التي قد تستغرق منك وقتاً طويلاً، أو أحياناً مثلاً النظر إلى النساء أو الكلام الذي لا داعي له، أي معصية - بارك الله فيك – تسبب ضيقاً في الصدر وظلمة في الوجه.
أريدك - بارك الله فيك – أن تتوقف عن هذه الأشياء إذا كان عندك منها شيء، واجتهد في التخلص منها، وثق وتأكد أنه على قدر تركك للمعاصي ستأتيك السعادة؛ لأن المعاصي - بارك الله فيك – سبب كل شقاء وسبب كل هم وسبب كل كرب وسبب كل بلاء، واقرأ القرآن الكريم ستجد القرآن مليء بهذه المواقف وتلك الأحداث، فاقرأ - بارك الله فيك – وستعرف بنفسك ما أقوله لك.
عليك - بارك الله فيك – بالإقلاع عن المعاصي والتوبة والإكثار من الاستغفار، ثم عليك بصحبة الصالحين، الشباب الصالح الملتزم، تجتهد في أن تتخير لك صحبة صالحة من المسجد أو من المدرسة أو الكلية وتمشي معهم حتى يكونوا عوناً لك على طاعة الله تعالى.
لأن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قال لمولانا الجليل جل جلاله: (( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا ))[طه:29-35]، فالصحبة الصالحة - بارك الله فيك – سوف تعينك.
اطلب من والديك الدعاء لك بصلاح الحال؛ لأن دعاء الوالدين للولد لا يرد، كما ورد ذلك في كلام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يملأ حياتك غبطة وسعادة وسروراً، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يوفقك في دراستك.
هذا وبالله التوفيق.