التعامل مع رفض الأهل لقضية الزواج.. توجيهات تربوية
2008-10-26 22:32:00 | إسلام ويب
السؤال:
كيف أتوب؟ وأنا عمري 18 سنة، وفي السويد مع أبي فقط، أهلي لم يوافقوا على زواجي، وأنا في أشد الحاجة إليه، وأنا مدمن العادة السيئة، وكلما فعلتها أشعر بالندم حتى أصبحت عصبياً من داخلي لكني أكتم، والآن أنا مهموم طول الوقت، وأصبحت مثل المجنون، كل مرة أفتح كراسة وأكتب أخطائي لعلي أجد لها حلا، ولكن لم أجد مع أني في المحاضرات، ومحافظ على الصلاة، ومشغول بما يجري للأمة، وإلى آخره!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك – يا ولدي – وأن يجعلك من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بتوبة خالصة صادقة ترجع بعدها إلى الله تبارك وتعالى ولا تعود إلى المعصية أبداً، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة في هذه البلاد، فهذه البلاد أحوج ما تكون إلى الشباب المسلم الملتزم مثلك الذي يعطي صورة حسنة عن دينه وإسلامه ويرغب الناس في الدخول في هذا الدين العظيم.
وبخصوص ما ورد برسالتك هو قولك: كيف أتوب؟
التوبة – يا ولدي – أسهل من المعصية، فإنك الآن كما ذكرت من مدمني العادة السيئة وكلما فعلتها شعرت بالندم ولكنك تعود إليها مرة أخرى، فاعلم – كما ذكرت لك – أن التوبة أسهل من ذلك، فإنك إن صدقت مع الله تبارك وتعالى وأخذت قراراً قوياً وشجاعاً وجريئاً أنك لن تعود إليها، وبحثت عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك فيها، فمسألة الخلوة ومسألة دورات المياه أو وجودك في غرفة وحدك، أو مشاهدتك لبعض المناظر المثيرة، أو مشيك مع بعض الشباب الغير ملتزمين، أو نظرك إلى النساء خاصة التبرج الذي لا يخفى عليك.
كل هذه الأمور تؤدي قطعاً إلى الوقوع في تلك الفاحشة، وأنت قطعاً مسؤول عن ذلك بين يدي الله تعالى، ولذلك أتمنى – ولدي مصعب باركَ الله فيك أن تأخذ قراراً شجاعاً وجريئاً من الآن أنك لن ترجع لهذه المعصية، وتبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك فيها وتغلق أبوابها نهائياً، وتحاول أن تجتهد في ربط نفسك بشباب صالحين، وأنا أعلم أن هناك - ولله الحمد والمنة – كثرة من الشباب السويدي الأصل والسويدي المهاجر على قدر من الديانة والصلاح والاستقامة، ولقد قابلت كثيراً منهم في يافلا وفي أروبروا وفي العاصمة استوكهلم وفي غيرها من البلاد.
أعلم أن هناك شباباً صالحين، وأنت تستطيع - بإذن الله تعالى – أن تربط نفسك بهم؛ لأن الصحبة الصالحة تعين على الطاعة والعبادة، وأنت تعلم أن ذاك الرجل الذي قتل مائة نفس وأراد أن يتوب نصحه ذاك العالِم أن يترك هذه البيئة الفاسدة وأن يتوجه إلى البيئة الصالحة، لماذا؟ قال: (فإن بها قوماً صالحين يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم)، وهذا أمرك أيضاً وشأنك – ولدي مصعب – أن تهجر الشباب الذي يزين لك هذا الأمر، وأن تبحث عن الشباب الصالح المستقيم الملتزم لتربط نفسك بصحبة صالحة؛ لأن البلد لديكم – كما تعلم – لها ظروف صعبة في هذا الجانب.
أيضاً - بارك الله فيك – اجتهد على أن تقنع أهلك ليوافقوا على زواجك، ولا مانع أيضاً أن توسط بعض الصالحين من العاملين في المراكز الإسلامية وغيرها ليقنعوا أهلك بزواجك بدلاً من أن تقضي عليك هذه الفاحشة وأن تقتلك تلك المعصية.
اجتهد - بارك الله فيك – واستعن بالله عز وجل، وحاول أن تشغل نفسك وتستغل وقت فراغك في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى لأن العمل بالدعوة عاصم من كثير من المعاصي، لأنك ستقول لنفسك: كيف أكون داعية وأنا أفعل هذه الأشياء؟ فحاول أن تربط نفسك بالدعوة وبعض الأنشطة الموجودة في المراكز الإسلامية إلى غير ذلك عملياً، وأن تربط نفسك ولو ببعض الشباب إذا كانوا أصغر منك، وأن تجتهد عليهم وأن تجتهد فيهم لعل الله أن يهديهم، وأن تعلمهم شيئاً مما علمك الله، ولو أن تقرأ عليهم أو معهم كتاباً من الكتب التي تتوافر لديكم بإذن الله تعالى.
خذ بعض الصالحين ليكلموا أهلك في الزواج لعل الله أن يشرح صدورهم لذلك، وبعد ذلك أقول: عليك أولاً وقبل كل شيء بالدعاء، تضرع إلى الله بالدعاء أن يغفر الله لك، تضرع إليه بالدعاء أن يتوب عليك، تضرع إليه بالدعاء أن يجعل أهلك يوافقون على زواجك، تضرع إلى الله بالدعاء أن يمنَّ عليك بالاستقامة وطلب العلم الشرعي، وأن ييسر لك صحبة صالحة.
وأنا أتمنى كما ذكرت أن تأخذ قراراً حازماً وبقوة أن تتوقف عن هذه المعصية وأن تشغل نفسك بالأعمال الصالحة كالدعوة وطلب العلم والارتباط بالصحبة الصالحة، وأن تجتهد إذا كنت تُحسن اللغة السويدية إحساناً قوياً، أن تجتهد في دعوة الشباب السويدي الذي ليست لديه الكثير من المقاومة ضد الإسلام، ولكنَّ الذي يصرفه عن الإسلام إنما هو سلوك المسلمين، فحاول أن تكون صورة حسنة وأسوة صالحة وقدوة ونموذجاً ممتازاً رائعاً؛ حتى يُقبل هؤلاء على الدخول في الدين فيكونون في ميزان حسناتك يوم القيامة.
هذا وبالله التوفيق.