وساوس قهرية وأفكار بالقتل وعدم الرغبة بالحياة
2009-02-10 12:53:07 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب عمري 22 عاماً، أعاني من الوسواس القهري منذ ستة أشهر، وقد ذهبت إلى طبيب نفسي فكتب لي دواء بروزاك التجاري، وبدأت أتناوله منذ أسبوعين فشعرت بتحسن طفيف، ولكني أشعر بأني مريض نفسياً ولا أرغب في الحياة، بعدما كانت حياتي مليئة بالحب والطاعة.
وقد صرت لا ألتزم في صلاتي، ولكني أحياناً عندما أرى أحداً يسب الذات الإلهية أشعر بأني أريد أن أقتله، ودائماً أشعر بالقلق والتوتر، ودائماً أشعر بأني مريض نفسياً لعدم تقبلي فكرة الذهاب لطبيب نفسي أو مجرد أن أذهب إليه، وأخاف أن أقع في متاهات نفسية، فما الحل؟ وهل هذا الدواء مجرد مسكن ومهدئ أم علاج نهائي؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن حالتك يمكن علاجها، والحمد لله تعالى أن أصحاب الوساوس لا يتبعونها خاصة إذا كانت تجر الإنسان أو تدفعه نحو أفعال أو أعمال شريرة، فأصحاب الوساوس دائماً هم من أصحاب الضمائر اليقظة ومن أصحاب القيم الإنسانية العالية، فأرجو أن تطمئن أنك إن شاء الله لن تقدم على قتل أي إنسان، وقد آلمني كثيراً أنه يوجد من يسب الذات الإلهية، نسأل الله لهم الهداية ونسأل الله تعالى أن لا يجعلنا نقابل مثل هؤلاء، فحاول أن تنصح وحاول أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر بما تستطيع، ولكن ليس بالدرجة التي تفكر في قتل الآخرين.
وأرجو أن لا تترك للشيطان ثغرة يدخل من خلالها، فأنت ملتزم وحريص على صلواتك وطاعاتك ولله الحمد، فأرجو أن ترجع إلى نفس المسار الذي كنت تسير عليه، ويجب أن تكون لك العزيمة وتكون لك الإرادة، ويجب أن لا يصدك الشيطان أبداً عن ما كنت تؤديه من طاعات والتزامات بعباداتك، فادفع نفسك وارفع من همتك واستعن بإخوانك المصلين الآخرين ومن أصحاب الخير، حاول أن تكون في رفقتهم، هذا يؤدي إلى التعاضد وإلى المساندة، والإنسان الذي يتلقى مثل هذه المساندة تعينه كثيراً على تخطي مثل هذه العقبات.
وبالنسبة للعلاج الدوائي فإن البروزاك من الأدوية الجيدة والممتازة، ولكنه أحياناً قد يزيد من مستوى اليقظة والدافعية لدى الإنسان، ولديَّ شعور أن ذلك قد حدث لك، فأود أن أنصحك بتناول عقار آخر، والعقار الذي أنصح به هو عقار تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، ويمكنك أن تتحصل على النوع التجاري، فالحمد لله المنتجات التجارية من هذه هي الآن جيدة وتخضع لكل ضوابط الجودة المطلوبة.
ابدأ في تناول السيرترالين بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، ويفضل أن تتناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين من بداية هذه الجرعة أرجو أن ترفعها إلى حبتين (مائة مليجرام) ليلاً، وهذه تعتبر جرعة علاجية جيدة، وهذا الدواء يتميز بأنه يعالج الوساوس القهرية والقلق والتوتر والاكتئاب، وإن شاء الله تعالى يساعد في أن يصرف عنك هذه الأفكار التي تأتيك في بعض الأحيان في أنك ربما تقوم بالإضرار بنفسك أو بالآخرين.
يجب أن تستمر على جرعة الحبتين يومياً لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه جرعة وقائية من الضروري أن تلتزم بها.
بجانب السيرترالين يوجد عقار آخر يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival)، هذا عقار داعم ويفيد في امتصاص القلق والغضب أيضاً والتوتر وهو محسن للمزاج، وأنا أريدك أن تتناول الموتيفال بجرعة صغيرة وهي حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله، ولكن لابد أن تستمر على السيرترالين كعلاج رئيسي.
الأفكار الانتحارية التي تأتيك يجب أن تصرفها وتطردها وتعلم أنك مسلم، والحمد لله أنت شاب وأمامك الكثير في الحياة يمكن أن تنجزه، وأنام مطمئن إن شاء الله أنك لن تقدم على هذا العمل مطلقاً، لأني أعرف القيم التي يتمتع بها أصحاب الوساوس القهرية، وتذكر دائماً أنك إن شاء الله سوف تتحسن، وكن لك ثقة في نفسك، وأرجو أن تدير وقتك بصورة جيدة؛ لأن هذا يساعدك، وأرجو أن تمارس الرياضة خاصة رياضة المشي أو الجري أو كرة القدم مع أصدقائك وزملائك، ويجب أن تتواصل اجتماعياً مع الآخرين، واذهب إلى الصلاة في المسجد مع الجماعة، فهذا فيه عون كثير لك، وأنت لست في متاهات نفسية، هي مجرد حالة عابرة، وإن شاء الله سوف يأتي الفرج وسوف ينشرح صدرك ويطيب خاطرك وسوف ترى وتحس أن الحياة طيبة وجميلة، ومهما كانت هناك عثرات فإن شاء الله الخيرات أكثر.
الأدوية التي وصفناها لك هي أدوية علاجية وليست مهدئات مطلقاً، هذه الأدوية تعمل من خلال التأثير فيما يعرف بالمرسلات أو الموصلات العصبية، وهي مواد توجد في دماغ الإنسان يعتقد أن الخلل أو عدم الانتظام في إفرازها هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الحالات النفسية التي تعاني منها، والدواء إن شاء الله يضعها في مسارها الصحيح مما يؤدي إلى اختفاء الأعراض، وهذه الأدوية هي ليست إدمانية وليست تعودية وهي سليمة ولا تؤثر مطلقاً على أعضاء الجسم بأي صورة سلبية.
وأما فكرة الذهاب إلى الطبيب النفسي هي أيضاً أخذت الطابع الوسواسي لديك، ولذا أصبحت متردداً في هذا، وأقول لك الطب النفسي مثل فروع الطب الأخرى، والحمد لله هناك آليات علاجية كثيرة يستطيع الطبيب النفسي من خلالها أن يساعد مريضه، وعموماً لا تنزعج إذا أردت الذهاب إلى الطبيب فلا بأس في ذلك، وإن كنت ترى أنك لست على استعداد لذلك في الوقت الحاضر فخذ بالنصائح التي قدمتها لك، وتناول الدواء الذي وصفته لك، وسوف تجد أنك أصبحت في صحة نفسية ممتازة.
والله الموفق.