ابنة تعاني من أفكار ظنانية وعدائية..التشخيص والدواء
2009-02-17 13:19:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ابنتي هادئة الطبع، مجدة في دراستها، تنافس على المراكز الأولى، وقد بلغت في السنة الحادية عشرة من عمرها، وعمرها الآن ثلاثة عشر عاماً، ومنذ سنة تقريباً بدأت عليها أعراض غريبة:
بداية كثرة السرحان، ثم تطور إلى التحدث مع نفسها، ثم البكاء والعزلة والمكوث في الحمام طويلا، ثم أصبحت تشك في كل من حولها وأنهم يتحدثون فيها، وحتى أصبحت تصرخ بصوت عال، وتكسر كل ما حولها، وتضرب برأسها في الجدار، وتضرب إخوتها، ولا تريد المدرسة، ولا تريدنا نحن، حتى وصل بها الحال إلى شنق نفسها، وقد تكرر ذلك مرتين.
ومنذ 3 أشهر عرضناها على طبيب نفسي وكتب لها نوعين من الدواء، هما:
- رسبيردال ولوسترال.
- ثم ثالثاً للبول: توفرنال.
تحسنت نوعاً ما وقل البكاء لديها والصراخ حتى فرحنا، ولم يبق معها إلا الأفكار، ثم غيّر الطبيب في جرعة الدواء الأول أكثر من مرة رغبة منه في إنهاء ما لديها من أفكار، فعادت إلى حالتها الأولى، مع العلم أنه قال: اصبروا عشرة أيام على الجرعة الأخيرة، وهي 4 ملجرام، ومرت عشرة أيام، وما زالت على حالها.
ونحن في حيرة من أمرها، ونحن نخشى أن تستمر في أخذ الدواء طول عمرها، فما نصيحتكم؟
وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تولين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لابنتك العافية والمعافاة.
إن الأعراض التي تعاني منها هذه الابنة – حفظها الله تعالى – هي أعراض نفسية مهمة، خاصة العرض الذي يتمثل في شكوكها في كل من حولها وأنهم يتحدثون عنها، هذا عرض رئيسي وضروري ونسميه بالأفكار الظنانية والبعض يسميه بالأفكار الاضطهادية، وهو يدل على وجود حالة نسميها بالحالة الذهانية – أي الحالة العقلية – .
بقية الأعراض من عزلة ومكوث في الحمام لفترة طويلة وبكاء وعدم ارتياح والعنف حيال إخوتها، ورفضها للمدرسة، هذه أعراض ثانوية مرتبطة بالحالة النفسية أو بالحالة الذهانية التي تعاني منها؛ حيث يعرف أن الأفكار التي تشتكي منها وتعاني منها تسبب ألماً نفسياً كبيرا، فأرجو أن تجدوا لها العذر في تصرفاتها، ومحاولتها أن تشنق نفسها لا شك أنه أمر جلل وخطير، وهذا يدل على ارتفاع الألم النفسي لديها.
أنا لا أريد أن أزيد من قلقك وتوترك، ولكن من حقك أن تفهمي هذه المعلومات العلمية؛ لأن ذلك هو الأساس للعلاج الدوائي الذي يجب أن تتناوله.
أسباب هذه الحالات لا يُعرف بدقة، ولكن هنالك من يقول إنها ربما تجري في الأسر، بمعنى أن فرداً في الأسرة أو أكثر ربما يعاني من حالة مشابهة، وهذا قد يكون قد حدث للأجيال السابقة ولا ندري عن ذلك، وهنالك من يتحدث عن تغيرات كيميائية في الدماغ لا يعرف أسبابها.
عموماً أيّاً كانت الأسباب والمسببات فالذي أود أن أقوله لك: إن هذه الابنة – حفظها الله تعالى – هي في سن صغيرة، وهذه السن هي سن تكوين المعارف والمهارات الاجتماعية والمعرفية ومرحلة التوجه نحو النضوج البيولوجي والنضوج النفسي.
هذا المؤشر يعتبر مؤشرا مهما جدّاً لأن نحرص تماماً في الالتزام بإعطائها الدواء حتى وإن لم يحدث التحسن الكامل؛ لأن هذه الابنة لن تبني مهاراتها وتتواءم اجتماعياً ونفسياً حتى الآن، والمرض لا شك أنه يعيق هذا التطور البيولوجي والنفسي في هذه المرحلة الحرجة من العمر، ولكن الاستمرار في الدواء والالتزام بالدواء - إن شاء الله تعالى – على الأقل يمنع التدهور والتأثير السلبي على شخصيتها.
الدواء الذي وصفه الطبيب وهو رزبريدال Risporidal يعتبر هو العلاج الرئيسي، وهو من الأدوية المتميزة جدّاً لعلاج حالة هذه الابنة، الرزبريدال دواء مضاد للذهان، وهو يساعد في اختفاء الأفكار الظنانية، ويؤدي أيضاً إلى سكون وتهدئة نفسية ويقلل الخوف والهرع الداخلي الذي تعاني منها، وله مميزات كثيرة.
الجرعة التي وصفها الطبيب وهي أربعة مليجرام هي الجرعة الصحيحة، ويمكن أن تُعطى كجرعة واحدة.
هذا الدواء ربما يؤدي إلى اضطراب بسيط يتمثل في انشداد في الجسم يظهر في شكل تخشب في اليدين أو الفكين أو الرقبة، كما أنه يؤدي إلى رجفة بسيطة، وإذا حدثت هذه الأعراض لابد أن نعطي دواءً مضادا، هنالك عقار يعرف علمياً باسم (بنزكسول Benzohexol) ويعرف تجارياً باسم (آرتين Artane)، أو عقار يعرف تجارياً باسم (بروسيكلدين Procyclidine) ويعرف علمياً باسم (وكيمادرين Kemadrine)، هذه الأدوية تعطى في مثل هذه الحالات وهي معروفة للأطباء.
إذا حدث أيضاً عدم انتظام لدورة هذه الابنة، أرجو ألا تنزعجي لذلك؛ لأن الرزبريادول يؤثر على هرمون الحليب ويؤدي إلى ارتفاعه، ويعرف أن هذا الهرمون هو الهرمون الذي يتحكم في الدورة الشهرية لدى البنات يعرف باسم (برولاكتين Prolactin).
إذن الاستمرار في الرزبريادون يعتبر قرارا ضرورياً ومهما وسليما.
هنالك أدوية بديلة أخرى ربما تكون آثارها الجانبية أقل، وأشهر هذه العقارات هو العقار الذي يعرف تجارياً باسم (زبراكسا Zyprexa) ويعرف علمياً باسم (اولانزبين Olanzapine)، وهو معروف لدى الطبيب، إذا أراد الطبيب استبدال الرزبريادون بهذا العقار هذا أيضاً قرار سليم وجيد؛ لأن الأولانزبين في نفس فعالية الرزبريادون، ولكنه يتميز على الرزبريادون بأنه أقل من ناحية الآثار الجانبية، خاصة الرجفة والانشداد في عضلات الجسم والتأثير على الدورة الشهرية، فقط يعاب على الأولانزبين أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن أكثر مما يحدث مع الرزبريادون.
جرعة الأولانزبين هي خمسة مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام..
هذا خيار يمكن أن يناقش مع الطبيب، وهنالك خيار آخر وهو عقار يعرف علمياً باسم (إرببرازول Aripiprazole) ويعرف تجارياً باسم (إبيليفاي Abilifu)، وجرعته هي خمسة عشر مليجرام في اليوم.
هذه مجرد خيارات وددت أن أذكرها لك، ولكن أرجع وأقول: إن الرزبريادال علاج فعال.
اللسترال Lustral لا مانع من تناوله، ولكن لا يعتبر علاجاً أساسيا في حالتها، كما أن التفرانيل Tofranil لا أرى أن هنالك داعيا لاستعماله، ويمكن أن يتم التحكم في التبول اللاإرادي بالطرق الأخرى مثل عدم شرب السوائل بعد الساعة السادسة مساءً، وممارسة الرياضة، وضرورة الذهاب إلى الحمام قبل النوم، وهكذا.
بالنسبة لسؤالك وهو: إلى أي مدة تتناول هذا الدواء؟ أقول لك أنه لابد أن تتناول الأدوية على الأقل لمدة ثلاث سنوات، وتظل تحت التقييم؛ لأن البعض يرى أنه ربما تكون هنالك حاجة لتناول الدواء فترة قريبة من ذلك.
أرجو أن تكوني حريصة في إعطائها الدواء وأن تلتزمي الالتزام التام بذلك، وفي نفس الوقت أود أن أنصحك بأن تعامليها معاملة عادية مع التشجيع، وأن تُعطى بعض المهام في المنزل، وأن تحفز على أي عمل إيجابي تقوم به، وأن تساعد فيما يخص أمر دراستها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. وأسأل الله لابنتك العافية، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.
وبالله التوفيق.