إرشادات لشاب متزوج يعاني من الخوف الشديد

2009-04-01 10:05:32 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

كنت أخاف منذ طفولتي، وقد كان الأولاد الذين كنت ألعب معهم في الطفولة يحكون لي قصصاً مخيفة عن العفاريت، فكنت أرى كوابيس، وإذا مات شخص يقولون: إنه سيأتيك في الليل.

وقد استمر الخوف لدي؛ حيث إنني عندما أدخل منزلي وحدي وعندما أريد أن أنام أخاف فأشغل التلفاز وأبقى مستيقظاً حتى يغالبني النوم، وأحياناً أستيقظ في منتصف الليل وأظل خائفاً وأنظر من تحت الغطاء لأرى الغرفة.

علماً أنه لا يوجد أحد ولا أرى أحداً، وعندما يموت شخص أعرفه أخاف أن يأتيني في غرفتي، ولكن عندما أكون مع زوجتي وابني لا أخاف أبداً، وزوجتي لا تعرف مشكلتي، فهل من حل؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الصديق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الذي تعاني منه هو نوع من المخاوف المكتسبة، ولا شك أن خبرات الطفولة والتجربة التي اكتسبتها في ذاك الوقت هي التي أدت إلى هذه المخاوف التي تعاني منها الآن.

الذي أريده منك هو أن تجلس مع نفسك جلسة صادقة وتتعامل مع نفسك كرجل مسئول له زوجة وله أطفال ويبلغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً، وفي وظيفة محترمة، وتتأمل في هذه المخاوف، تتأمل فيها تأملاً دقيقاً وتعيد تقييمها، ومن المفترض أن يوصلك التفكير المنطقي إلى أن هذه المخاوف مخاوف سخيفة لأنها قائمة أصلاً على الخرافة، ولا أصل لما كان يُذكر لك في أثناء الطفولة، فهي نوع من الحكايات التي كانت تحكى في ذاك الوقت كنوع من السمر، ولكنها قائمة على الخرافة، فأنت الذي تحقره هنا هو ليس خوفك ولكن هو الخرافة، وحين تحقر هذه الخرافة وتغير من أفكارك ومفاهيمك سوف ينتهي الخوف بإذن الله.

هذه هي الوسيلة العلاجية المتاحة، وعليك ألا ترفع الغطاء لكي ترى إذا كان هناك أحد في الغرفة أم لا؛ لأن هذا الفعل الذي تقوم به يُشجع هذا الاعتقاد الخاطئ، فعلم النفس السلوكي أحد قوانينه المعروفة لتغيير السلوك هي ما يعرف بالتعريض مع منع الاستجابة، أي أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه دون أن يستجيب استجابة سلبية، فالمطلوب منك ألا ترفع الغطاء، وحتى إذا رفعته ليس بغرض أن تتأكد أن هنالك أحداً موجوداً أم لا؛ لأن أصل هذا الفكر قائم على خرافة مكتسبة، فأرجو أن تتعامل مع الأمر بهذه الطريقة.

وهناك شيء آخر مهم، وهو أن الإنسان يسعى لتصحيح عقيدته حول مثل هذه الأشياء التي تُشاع والتي تذكر، وينبغي الحرص التام على أذكار الصباح والمساء، فهذه الأذكار فيها وقاية وحماية، وهي تبعث على الطمأنينة من هذا النوع من المخاوف: ((أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28]، فكن حريصاً عليها.

وأريدك أن تطور من مهاراتك الاجتماعية؛ لأن هذا النوع من الخوف -والذي نسميه بالمخاوف الخاصة أو المخاوف المبسطة- كثيراً ما يكون مرتبطاً بنوع من القلق أو الخوف الاجتماعي البسيط، ربما لم تكن تلاحظ ذلك، ولكن ربما يكون لديك شيء من هذا أو ربما يحدث لك مستقبلاً، فأرجو أن تطور مهاراتك الاجتماعية بأن تكثر من تواصلك مع أرحامك وأصدقائك وجيرانك، واجعل لك حضوراً في اللقاءات والمجتمعات التي حولك، وانظر إلى الناس في وجوههم حين تخاطبهم، وسيكون أيضاً من المفيد والطيب لك أن تنخرط في أي نوع من العمل الاجتماعي أو العمل التطوعي؛ لأن هذا يمثل إضافة ممتازة لرفع الكفاءة النفسية الاجتماعية.

وهناك دراسات تشير أن بعض الأدوية المضادة للقلق والمخاوف تساعد أيضاً في إزالة مثل هذا النوع من المخاوف البسيطة، والتي كما ذكرنا لك هي مكتسبة وقائمة على أفكار خاطئة، من هذه الأدوية عقار يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وهو موجود في ليبيا، فيمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، أرجو أن تتناولها بعد تناول الأكل، وبعد أسبوعين ارفع هذه الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الدواء إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله، فهذه جرعة علاجية طبية لعلاج هذا النوع من القلق والمخاوف، والدواء من الأدوية السليمة.

أرجو اتباع الإرشادات السابقة، وأهمها هو أن تتفهم حالتك وأن تحقر هذا النوع من المخاوف وتتجاهله تماماً، وعليك أيضاً بتناول الدواء الذي وصفته لك، وفي نهاية الأمر سوف تجد إن شاء الله أن هذه المخاوف قد انتهت، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك (إسلام ويب).

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net