عدم التركيز وتشتت الانتباه لدى الأطفال
2009-06-01 21:35:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ابنتي تدرس في الصف الخامس الابتدائي، مستواها الدراسي جيد، ولكني لاحظت أنها لا تختزن المعلومات وتنسى بشكل كبير، فلو ذاكرت درسا يمكن أن تنساه بعد يوم واحد، وألاحظ أنها مشتتة الفكر، حيث تفكر في أكثر من شيء في وقت واحد، حيث تظل قاعدة تذاكر وفجأة تقطع المذاكرة لتتكلم في أي موضوع، فما علاج هذه المشكلة؟ وما هو الدواء الذي يساعد ابنتي على التركيز؟!
وجزاكم الله خيرا
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الابنة – حفظها الله – ما دام مستواها الدراسي جيداً فهذا يجعلنا مطمئنين فيما يخص مقدراتها المعرفية، أي مستوى الذكاء لديها، وفي أغلب الأحيان يكون تشتت الذهن في هذه الحالة ناتجا من درجة بسيطة من زيادة في الحركة، لا تصل إلى مستوى ما يعرف بمتلازمة فرط الحركة الزائد، ولكن غالباً يكون لديها درجة أقل من هذه المتلازمة، والتي كثيراً ما تكون مصحوبة بضعف في الانتباه والتركيز.
والاحتمال الآخر هو أن الطفلة لا زالت صغيرة بالطبع، ولكن المتغيرات البيولوجية قد تبدأ مبكراً عند بعض البنات، وهذا أيضاً قد يؤدي إلى شيء من ضعف الانتباه.
والاحتمال الثالث: يجب أن نتأكد إذا كان هناك أي متغير في حياة البنت كمستوى علاقاتها في المدرسة، إذا كان هنالك أي حدث حدث في الأسرة، هذا أيضاً ربما يؤثر على الطفلة، فالأحداث مثل قدوم مولود جديد أو تغيير المنزل أو تغيير المدرسة، هذا كله يؤدي كثيراً إلى تشتت ذهن الأطفال وافتقادهم التركيز.. هذا ربما لا ينطبق على هذه الابنة، ولكني أتكلم بصورة عامة.
الذي أرجوه أولاً هو أن نطمئنها وأن نشجعها وأن نرغبها في الدراسة، وهذا يكون بمساعدتها في تنظيم وقتها، ويجب أن نتيح لها فرصة للعب لمشاهدة البرامج المفيدة في التليفزيون، ونعطيها الفرصة لأن تعرف أننا لن نحرمها من كل وسائل اللعب والترفيه بالنسبة لها، ويكون هنالك بالطبع نوع من الترتيب في استهلاك الوقت وقضائه، وذلك مثلاً بأن نقول لها: ادرسي الآن لمدة نصف ساعة وبعدها يمكنك أن تذهبي لمشاهدة أحد برامج المفضلة في التليفزيون، وهكذا.
وبمعنى أن نقدم الدراسة أولاً، ويكون هنالك وعد أن الدراسة سوف يعقبها بعد مدة معينة شيء نعرف أنه مرغوب لدى الطفلة.
والشيء الآخر: هو أن نستعمل معها فكرة التحفيز عن طريق اكتساب النجوم، وهذه طريقة بسيطة ومعروفة لدى الأسر، وهي أن تثبت لوحة على الحائط على سرير الطفلة، ويتم الاتفاق معها أنها حين تدرس وتكون جالسة بهدوء لمدة معينة – يتفق أيضاً على المدة – سوف تكافأ بإعطاء نجمتين أو ثلاثة، وإذا تحركت سوف تُنقص منها نجمة أو نجمتان، ويجب أن تعرف أن مكافأتها في نهاية الأسبوع سوف تكون حسب عدد النجوم التي تكتسبها، والتحفيز عن طريق اكتساب النجوم يمكن أن يمتدد لكل النشاطات الحياتية والتربوية الخاصة بالابنة، مثلاً ترتيبها لملابسها، أي تصرف إيجابي تقوم به يجب أن يكون هنالك نوع من المكافأة، وأي تصرف سلبي كبير يجب أن نتعامل معه بأن نسحب منها نجوما، ويجب أن تكون عارفة لذلك ومطلعة على هذه التفاصيل وبحضورها.
سيكون من الجميل أن ترفع من مهارات الطفلة بأن نشعرها بأهميتها في المنزل، نجعلها تساعد والدتها في المطبخ مثلاً لبناء المهارات من هذا النوع، ونحاول أن نستشيرها حتى وإن كان القرار سوف تتخذه أنت أو والدتها، ولكن نشعرها كأنها هي التي اتخذت القرارات في المنزل.
هذه كلها أمور جيدة وتشجيعية وتساعد الأطفال كثيراً، وأيضاً أن تضعوا لها نوعا من القدوة الطيبة، على سبيل المثال إذا كان لديكم طبيبة في الأسرة أو صديقة للأسرة أو مدرس أو مدرسة من الذين تبوءوا مناصب طيبة من الناحية الوظيفية، يمكن أن يقال لها: هل تصيرين مثل فلان وفلانة؛ عليك أن تدرسي! وهكذا؛ لأن الاقتداء مهم جدّاً.
ولا شك أيضاً أن مساعدتها على حفظ القرآن الكريم وترتيله بصورة جيدة يحسن من التركيز لدى الناس جميعاً خاصة الأطفال، وأيضاً مساعدتها لممارسة أي تمارين رياضية مثل لعبة الحبل أو أي تمارين أخرى، هذه تحرق الطاقات السلبية لديها خاصة هذا الميول لكثرة الحركة وعدم الثبات في مكان واحد، هذا أيضاً سيكون أمراً جيداً.
ونحن لا نميل كثيراً لاستعمال الأدوية في الأطفال إلا إذا كانت هنالك ضرورة واضحة، والأدوية التي تُعطى في مثل هذه الحالات هي جرعات صغيرة من عقار يعرف تجارياً باسم (تفرانيل Tofranil)، ويعرف علمياً باسم (إمبرمين Imipramine)، هذا الدواء يقلل القلق والتوتر إذا كان لدى الطفلة أي نوع من القلق الداخلي، فلا مانع أن نعطيها إياه بجرعة صغيرة وهي عشرة مليجرام يومياً – يفضل أن تتناولها ليلاً – لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكن التوقف عن تناول هذا الدواء.
وأريد منك أنت ووالدتها أن تركزا على التطبيقات السلوكية السابقة، ولا بأس أبداً أيضاً من استعمال الدواء الذي ذكرته لكم، وأسأل الله تعالى أن يحفظها وأن يجعلها من الناجحين، ونشكركم على التواصل مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.