الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، فإن المخاوف أيّاً كان نوعها هي شيء مكتسب، والخوف من الموت أمر يعتري جميع الناس، وحقيقة الخوف من الموت لدرجة معقولة هو أمر مطلوب؛ لأن الإنسان يجب أن يعمل لآخرته ويجب أن يعمل لما بعد الموت، ولكن إذا كان هذا الخوف مسيطراً على كيان الإنسان دون أي مبررات فلا شك أنه خوف مرضي.
ما استمعت إليه في الشريط هو الصحيح؛ لأن المخاوف أيّاً كان نوعها تعتبر أمراً مكتسباً، والشيء المكتسب -أي المتعلم- يعالج عن طريق التعلم المضاد، لذا اتفق جميع علماء النفس خاصة من السلوكيين أن المواجهة لمصدر الخوف هي أحد العلاجات النفسية الأساسية، وهذا يسمى في علم النفس السلوكي (التعريض مع منع الاستجابة) أي أن تعرضي نفسك لمصدر خوفك أو المتعلقات به، وتمنعي نفسك من الاستجابة السلبية وهي الهروب من الموقف.
إذن ما ذُكر في الشريط من زيارة للمقابر ومشاهدة الجثث والذهاب إلى أماكن العزاء هي من صميم العلاج الخوف من الموت، وهذا هو الخوف المرضي، وعلى الإنسان أن يتذكر وأن يتفكر وأن يعرف أن الموت حقيقة أبدية لا شك فيها. فما ذكر في الشريط هو الصحيح وهو يقوم على الأسس العلمية التي ذكرتها لك، وهي التعرض أو التعريض مع منع الاستجابة، أي أن تقتحمي مصدر خوفك بمواجهته، وهنا بالطبع لا يمكن مواجهة الموت، ولكن هنا نرتبط ونقتحم المتعلقات به أو الأشياء المرتبطة به، وهي كما ذكر لك الأخ المعالج في الشريط (زيارة القبور، وحضور الجنائز) أمر مهم وضروري جدّاً، وإذا أُتيحت فرصة شرعية للمشاركة في غسل الموتى هذا أيضاً نوع من التعريض الفعال جدّاً.
أنصحك بأن تصطحبي معك أحد المحارم وتزوري المقابر؛ لأن هذا فيه عظة وفي نفس الوقت فيه تذكرة، ومن الناحية العلاجية فيه نوع من التعريض المفيد، وحين تتذكرين ما ورد في السنة المطهرة من آداب زيارة المقابر والسلام على أهلها، هذا في حد ذاته يبعث طمأنينة كبيرة جدّاً وعظيمة جدّاً، وهذا الأمر مجرب.
من أخطر الأشياء التي تنمي المخاوف هي التجنب، التجنب يزيد من المخاوف، وربما يؤدي إلى نوع جديد من المخاوف، لذا عليك بالمواجهة أيّاً كان نوع هذه المواجهة، وأعتقد في نهاية الأمر أنك سوف تكونين بخير وعلى خير، وحتى نسرع في علاجك من هذه الحالة وحتى نجعل أمر المواجهة سهلاً ومقبولاً بالنسبة لك فإني أنصحك أن تتناولي أحد الأدوية الجيدة جدّاً في علاج المخاوف، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو من الأدوية الممتازة والطيبة والفاعلة، وهو مضاد للقلق وللمخاوف ومحسن كبير للمزاج.
تفكيرك في الانتحار لا شك أنه تفكير غير مقبول، ليس أبداً من شيم المسلم أن يدفع نفسه نحو هذه الأفكار، أنت امرأة مؤمنة ومسلمة وتعرفين غلظ حرمة الانتحار، وليس هنالك حقيقة ما يدعوك لهذا أبداً، لقد تعاملنا مع الكثير من الناس الذين يعانون من حالات أصعب وأفظع من حالتك كثيراً ولم يذكر أحدهم أو قلّ أن يذكر أحدهم أنه يريد أن ينتحر، فعليك أن تستعيذي بالله من مثل هذه الأفكار، وأن تقوي من إيمانك، وتتناولي الدواء الذي وصفناه لك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.
============
وللاستزادة أكثر عن العلاج السلوكي للخوف من الموت، راجعي هذه الاستشارات:
(
261797 -
263659 -
263760 -
272262 -
269199).