العنوسة وعلاقتها بغضب الله
2009-10-11 10:42:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
أنا فتاة عمري (26) عاماً، ومنتقبة، ولست متزوجة، ولم يتقدم أحد لخطبتي أبداً إلا مرة واحدة ثم ذهب ولم يعد، وأنا لست جميلة ولست قبيحة وإنما عادية، ويؤلمني كثيراً كلام الناس وتعليقهم عليّ سواء أمامي أو من خلفي، رغم أنني ليس لي ذنب في ذلك ولا أعرف أي سبب ظاهر لما أنا فيه إلا أن يكون تقدير الله عز وجل، وأنا ـ والحمد لله ـ لم تكن لي في حياتي أي علاقة بها شبهة بأي شخص ولي سؤالان:
كيف أعرف إذا كان ما أنا فيه من كرب يسبب لي هما وحزنا بالغا ابتلاء من الله أم عقاب منه سبحانه وتعالى؟
السؤال الثاني: كيف يصبر الإنسان على الابتلاء ولا يضايقه كلام الناس ولا يشعر بالنقص إذا ما رأى فتيات في مثل عمره وربما أصغر كثيراً متزوجات ويحملن أطفالهن؟
علماً بأنني أعرف جيداً أن ما أنا فيه من المؤكد أن يكون الخير وأن السعادة أو الخير ليست في الزواج فقط، رغم أنني أحب كثيراً أن أكون أماً لكن قدر الله وما شاء فعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك أيتها الأخت الفاضلة، وكثر في بنات المسلمين من أمثالك، ولقد سعدت كثيراً وأنا أقرأ عباراتك الدالة على رجاحة عقلك وسلامة دينك، وأسأل الله تعالى أن يزيدك هداية ويصلح سائر شؤونك، ويقدر لك الخير حيث كان.
لقد صدقت – أختي الفاضلة – في قولك إن ما أنت فيه هو الخير والسعادة؛ لأن الله تعالى رحيم بك، بل هو أرحم بك من نفسك ومن والدتك، فما يقدره الله لك هو الخير عاجلاً وآجلاً.
كما صدقت أيضاً ووفقت إلى الصواب – وأسأل الله أن يزيدك توفيقاً – حين قلت إن السعادة والخير ليست في الزواج فقط، والأمر كذلك، فكم رأينا من فتاة شقيت وذاقت ألوان التعاسة بسبب الزواج.
هذا اليقين الذي تجدينه في قلبك والفهم الصحيح للأمور من نعم الله تعالى العظيمة عليك، فأكثري من شكره تعالى، وأكثري من دعائه والتقرب إليه، وستجدين كل خير في الدنيا والآخرة.
اعلمي يقيناً أيتها الأخت الفاضلة أن أمر المؤمن كله له خير إذا هو لازم الصبر عند المصيبة والشكر عند النعمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم.
والذي أوصيك به هو أن تتوجهي إلى الله تعالى بالتوبة العامة من جميع الذنوب، وتلتزمي أداء الفرائض واجتناب ما حرّم الله عليك، فإذا فعلت هذا فلا تهتمي بما يصيبك من أقدار مؤلمة، وهل هي عقاب أم رفعة للدرجات، فكل ذلك خير كما سبق.
مثلك لا يخفى عليه أن بسط الله تعالى لنعمه على الإنسان ليس دليلاً على رضاه عنه، كما أن حرمان إنسان آخر من بعض النعم الدنيوية ليس دليلاً على سخطه عليه، فلا تحزني كثيراً إن فاتك شيء من هذه الدنيا، ولا تقلقي وتهتمي بسبب كلام الناس عنك، فإن هذا أمر ليس بيدك كما ذكرت، وتيقني أن الله تعالى ربما قد أعطاك نعماً أخرى لم يعطها لهؤلاء الناس الذين يتحدثون عنك، ومن أظهر هذه النعم هذه النفس الراضية بقضاء الله تعالى، المطمئنة لحسن تدبيره.
من أهم ما يعينك على الصبر أيتها الأخت أن تتفكري في الأمور بعقل وروية، فإنك إن لم تصبري وتحتسبي لن تغيري من قدر الله شيئاً، بل إن صبرت أُجرت وقدر الله نافذ، وإن لم تصبري أثِمتِ وقدر الله نافذ.
في ختام هذه السطور أوصيك - أختِي الكريمة - بالأخذ بما أمكنك من أسباب الزواج المشروعة، ومن ذلك أن تكثري من التعرف على النساء الصالحات والاستعانة بهنَّ في البحث عن الزوج الصالح، ومن ذلك تيسير أمور الزواج ما أمكن عندما يوجد الشاب المناسب ديناً وخلقاً، وأهم من ذلك كله وقبله التوجه إلى الله تعالى بصدق واضطرار والتضرع بين يديه، وكثرة دعائه، لاسيما في أوقات الإجابة، مع حسن الظن به سبحانه، فإنه يجيب دعوة المضطر إذا دعاه.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير ويصلح لك دنياك وأخراك.
والله الموفق.