الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد وصفت حالتك بدقة، والأعراض التي ذكرتها هي أعراض ما نسميه بقلق المخاوف، وقلق المخاوف الذي لديك هو من النوع الذي يؤدي إلى عسر المزاج أو اكتئاب ثانوي بسيط، وبما أنه لديك تاريخ للإصابة بالوساوس القهرية فهذا يدل على أن شخصيتك في الأصل تحمل سمات القلق كمكون غريزي للشخصية.
بالنسبة للتخوف من المرض لا شك أنه شائع جدّا في زماننا هذا، حيث إن الأمراض قد كثرت، ووسائل الفحص أيضاً أصبح فيها دقة شديدة من خلالها تظهر كثير من الحالات والأمراض، وهذا قد أفاد الناس كثيراً، ولكن في نفس الوقت أدى أو ساهم مساهمة كبيرة في التخوف المرضي أو المراء أو التوهم المرضي.
حالتك أيها الفاضل الكريم يتم علاجها أولاً بالأدوية، فأعتقد أنها سوف تساعدك كثيراً، والأدوية المضادة للقلق والمخاوف والاكتئاب والوساوس مفيدة جدّاً، ولذا سوف أبدأ بها.
هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويسمى تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، يفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً – أي حبتين – واستمر عليها لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك ابدأ في الجرعة الوقائية وهي حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بجانب الزولفت هنالك دواء آخر يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراماً صباحاً لمدة شهرين آخرين، ثم توقف عن تناوله.
يعتبر الزولفت الدواء الرئيسي، أما الدوجماتيل فيعتبر الدواء المساعد، وإن شاء الله تزول عنك هذه المخاوف والوساوس وكذلك القولون العصبي الذي تعاني منه، وسوف تتحسن أيضاً الدافعية لديك، وأنت بعد أن تشرع في هذا التحسن عليك أن تستعيد ثقتك في نفسك، عليك أن تعرف أن هذا مجرد قلق وتجري حواراً مع نفسك وتقول (ما الذي يجعلني أقلق؟ أنا إن شاء الله تعالى سوف أرجع إلى طبيعيتي السابقة، وحب الربيع والأمطار والرحلات البرية وأن تعيش مع أسرتك وأطفالك حياة طيبة سعيدة) فهذا لابد أن يدفعك نحو المزيد من التفكير الإيجابي.
أخي الكريم: أعراض القلق والمخاوف تنمو وتتسع مع التفكير السلبي، والإنسان حينما ينسى الإيجابيات في حياته هذا يعطي فرصة كبيرة جدّاً لأفكار سالبة، فيا أخي الكريم أرجو أن تثبت الفكر الإيجابي وأنت لديك الكثير من الإيجابيات.
هنالك أيضاً وسيلة أخرى مهمة للعلاج لا تقل أهمية عما ذكرناه وهي ممارسة الرياضة، فكثير من الناس يجهل الآن الفائدة العظيمة التي تجنى من ممارسة الرياضة، الرياضة تقوي الأجسام، تقوي النفوس، تخلص الإنسان من الطاقات السلبية أي كان نوعها، تبني الثقة في النفس، تقضي تماماً على أعراض القولون العصبي والذي هو في الأصل ناتج من القلق، وتشعر الإنسان بزوال القلق والتوتر مما يطرد أيضاً الفكر الخاص بالتوهم المرضي.
عليك أن تزيد من مهاراتك الاجتماعية، والتواصل مع الآخرين، ويجب أن يكون لك حضور اجتماعي، مثل صلاتك في المسجد مع الجماعة في الصف الأول، وحضور حلقات التلاوة والدروس المحاضرات والندوات... فهذا كله يفيدك كثيراً، وأيضاً لابد أن تبحث عن عمل، فالعمل يمثل قيمة علاجية ووظائفية واجتماعية مهمة جدّاً، لا يمكن للإنسان أن يحس بقيمته إلا من خلال العمل، فأرجو أن تعمل، والحمد لله المملكة السعودية بلد عامر بالوظائف، فعليك أن تبحث وسوف تجد إن شاء الله عملاً مناسباً لك، وأيّاً كان العمل يجب أن تنخرط فيه، فأنا أرى وأقر أن العمل من أفضل أنواع العلاج التأهيلي للإنسان.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول منهاج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: (
272641 -
265121 -
267206 -
265003).
والله الموفق.