الإصابة بمرض البوليميا (الشراهة العصابية) .. وعلاجها سلوكياً ودوائياً
2009-04-04 17:09:02 | إسلام ويب
السؤال:
تزوجت منذ أربع سنوات وأصبت بمرض البوليميا، وهو الأكل بشراهة ثم التقيؤ، دخلت المستشفى 10 أيام للعلاج لكني لم أستطع التخلص من هذا المرض، وما زلت أمارسه سراً، والأمر خارج عن سيطرتي، وهذا الوضع قلل كثيراً من تقديري لذاتي ويصيبني شعور فظيع بالذنب والاكتئاب، وأتمنى التخلص من هذا المرض حتى أرجع إنسانة طبيعية، ولا أستطيع مواجهة الأهل بهذا، وأعرف أن هذا العمل حرام ولكنه خارج عن السيطرة، وأنا أتمنى منكم المساعدة وطريقة العلاج.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونرحب بك في إسلام ويب، ونشكرك على ثقتك في ما يقدمه هذا الموقع.
فإن علة البوليميا Bulimia أو شراهة الأكل العصابية –كما تسمى– هي من الحالات التي تدل على عدم الاستقرار النفسي، وربطها البعض باضطرابات المزاج، والعلاج يتكون من علاج سلوكي وعلاج دوائي، والعلاج السلوكي يتمثل في أن تتفهمي الحالة وأنت -الحمد لله- لديك استيعاب كامل بأن هذه الحالة مضرة بالنسبة لك صحياً واجتماعياً، ولذا لا بد أن تتحكمي في كمية الطعام التي تتناولينها، ونحن ننصح دائماً بأن تكون كل وجباتك مع الأسرة –أي الإفطار والغداء والعشاء– وتتجنبي تجنباً تاماً تناول أي أطعمة غير هذه الوجبات الرئيسية.
أنا أعرف أن الاندفاع الذي يأتيك قد يجعلك لا تلتزمين بهذا، ولكن حين تتذكري أن هذه الاندفاعات هي مضرة صحياً واجتماعياً فهذا -إن شاء الله تعالى- يجعلك تلتزمين قليلاً في بداية الأمر، وبعد ذلك سيكون التزامك التزاماً صارماً مع نفسك بأن هذا السلوك يجب أن يتوقف وأنه لا يلائمك كفتاة.
بالنسبة للعلاج الدوائي وجد أنه مفيد جدّاً، والعقار الذي يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine) هو أكثر الأدوية التي تم دراستها، وهو في الأصل عقار مضاد للاكتئاب وقد دخل أسواق الدواء عام 1988، وتناوله ملايين الناس خاصة لعلاج الاكتئاب والوساوس، وقد وجد واتضح أنه مفيد جدّاً لعلاج البوليميا، فأرجو أن تبدئي في تناول هذا الدواء، وأرجو ألا تستعجلي النتائج، وأرجو أن يكون هنالك التزام قاطع بالجرعة التي سوف أصفها لك.
فابدئي في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين، وبعد مضي أسبوعين ارفعي الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم، تناولي كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلاً.. هذه هي الجرعة المفترض تناولها في حالات البوليميا، ويجب أن تستمري على جرعة ثلاث كبسولات في اليوم لمدة سنة كاملة.
بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولتين لمدة ستة أشهر، ثم إلى كبسولة واحدة لمدة عام آخر، وهذه هي المدة العلاجية الدوائية المعقولة جدّاً.
الدواء دواء سليم وكما ذكرت لك يوقف - إن شاء الله تعالى – هذه الاندفاعات، كما أنه محسن للمزاج، وقد جُرب كثيراً مع مرضى البوليميا ووجد أنه فعّال، ويتميز البروزاك بأنه سوف يجعلك مسترخية ومتقبلة حتى للعلاج السلوكي والذي يقوم على تحقير فكرة الأكل الشره والتقيؤ وتحقيرها ومقاومتها، وعدم اتباع مثل هذا السلوك والعمل على تغييره.. إذن البروزاك سوف يدخلك في المزاج التحسني الذي يجعلك تتحكمي في اندفاعاتك التي تدفعك للأكل بشراهة والتقيؤ.
هنالك خلاف حول الرياضة، فالبعض يرى أن ممارسة الرياضة أمر جيد، والبعض يراها أنها قد تؤدي إلى شراهة أكثر في تناول الأكل. عموماً يمكن أن تجربي ممارسة أي نوع من الرياضة، وإذا شعرت أنها كانت عاملاً إضافياً للتحسن فلا بأس في ذلك، وإلا فتوقفي عنها.
لابد من أن تطوري من مهاراتك الاجتماعية؛ لأنه يعرف عن مرضى البوليميا أنهم يصابون بالكدر النفسي وبالاكتئاب وينعزلون إلى درجة كبيرة عن الآخرين. إذن يجب أن تطوري من مهاراتك الاجتماعية، ويجب أن تتواصلي مع الآخرين، ويجب أن يكون لك حضورك في ساحة الأسرة وبين الأهل والأقرباء، وهذا - إن شاء الله تعالى – يساعد كثيراً في التخلص من هذه العادة الوسواسية في الأصل.
وأرجو أن تنظري إلى جسدك على أنه هو جسد مناسب، والوزن المناسب؛ لأن معظم مرضى البوليميا ينظرون إلى تكوينهم الجسدي بصورة مشوهة جدّاً، مما يدفعهم نحو الأكل بشراهة ومن ثم التقيؤ خوفاً من السمنة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.