مدى جدوى ضرب الطفل الكذاب
2009-08-15 13:56:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم، أما بعد:
فإن موضوع رسالتي يتضمن نقطة مهمة تسبب لي وجعا واضطرابا في نفسي.
والنقطة هي ابني البكر والبالغ من العمر 13 سنة، يجعلني أصل إلى مرحلة الجنون نتيجة لتراجعه الواضح في دروسه واعتماده كلياً عليّ أو أمه في تدريسه بعد أن كان دائماً الأول في صفه، بل ومتفوقاً إلى جانب أنه يحرجني في بعض المواضع وهو وقوعه في كذب أكتشفه لاحقاً أنه كان يكذب في درسه أو حتى في تصرفاته مع المحيط حوله.
أخاف عليه أن يعتمد أسلوب الكذب فيهلك نفسه ويهلكني، وأخاف عليه أن أتعاطى معه على أنه صادق في كل أموره فأجد أن الثقة التي أعطيته إياها قد خابت.
عندما أكتشف أمر كذبه يصل بي الحال أن أضربه ضربا مبرحا يصل إلى مرحلة أن جسمه يصبح واضحاً الضرب فيه.
أعرف أن الضرب الذي أضربه إياه قد يكون خطأ، لكني لا أتمالك نفسي حينما أكتشف خطأه، وقد وصل بي الحال أن أغير له المدرسة وأزيد أعباء مصروفي لعل الأمر نتيجة لنفوره من بعض الأساتذة في المدرسة، علماً أن أولادي الباقين (أصغر من البكر) لا يحتاجون إلى المراقبة اليومية في دروسهم، فبإمكانهم الاعتماد على أنفسهم مثلما كان ابني البكر.
أرشدوني وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
فإن ما يحدث لابنك في هذه المرحلة العمرية هي ظاهرة أو مشكلة تواجهها الكثير من الأسر، والتدهور الدراسي والأكاديمي يكون جزءاً من خلل في منظومة القيم العامة للطفل، وللتأكيد على ذلك أنت أضفت في رسالتك أنه بدأ يعتمد الكذب منهجاً للتخلص من بعض المواقف أو لاكتساب منافع جديدة.
لا شك أن هذا التدهور قد حدث تدريجياً، والتخلص منه أيضاً يجب أن يكون تدريجياً، والذي أنصحك به أولاً أن تكون درجة تحملك لابنك أفضل مما هي عليها الآن.
ثانياً: حاول أن تقرب ابنك إليك.
الضرب المبرح القاسي نتائجه لا شك أنها عكسية جدّاً من الناحية التربوية، وأنت تضرب ابنك انتقاماً وانفعالاً وإشباعاً لشهوة الغضب عندك، هذا الضرب ليس ضرباً تأديبياً، إنما هو ضرب ليساعدك أنت في التصرف الانفعالي كمخرج من الموقف.. فيا أخِي أنا أقدر تماماً مشاعرك ولكني لابد أن أنبه لخطورة هذا الأمر فأرجو تجنبه.
قرب ابنك إليك، وأعني بذلك بأن تحاوره، وبأن تجلس معه، دعه يتناول الطعام معك ومع بقية أعضاء الأسرة، أخرج معه في إجازة نهاية الأسبوع، وحاول أن تجد له الرفقة الطيبة، حاول أن توجهه فيما يخص الكذب، وذلك بتنمية الصدق كقيمة إسلامية وإنسانية رفيعة لديه، ويمكن أن تضرب له أمثلة حقيقية.. إذن تنمية قيمة الصدق والأمانة من القيم المهمة جدّاً التي تقضي على الكذب.
ومن جانبك لا تضعه في مواقف يضطر فيها إلى الكذب، فإذا سألته سؤالاً حاول أن تساعده في الإجابة؛ لأن هذا يطمئنه كثيراً ويجعله يبتعد تماماً عن الكذب، وهذا المنهج التربوي يجب أن يُتبع عن طريقك وعن طريق والدته في نفس الوقت؛ لأن التناسق التربوي مهم جدّاً؛ لأن انتهاج مناهج تربوية مختلفة عن طريق الوالدين تضر كثيراً بصحة الأبناء النفسية والجسدية.
الأمر الآخر وهو ضروري جدّاً وهو أن تشجع ابنك على كل عمل إيجابي يقوم به.
أنا أريدك الآن أن تتدارس وتحاول أن تستخرج كل سمات وصفات إيجابية موجودة في ابنك مهما كانت صغيرة وضئيلة إلا أنه يجب أن تُقدر ويجب أن تنمّى، ونحن حين تستحوذ علينا الأفكار السالبة حول أبنائنا لا نتذكر إيجابياتهم مطلقاً.. أنا أريد أن أنبهك لهذه النقطة الهامة وعليك أن تسعى لتنمية إيجابيته.
الأمر الآخر هو أن تساعده في تنظيم وقته، وكن محفزاً له، فعلى سبيل المثال: قل له: (حين تحضر من المدرسة خذ قسطاً من الراحة، ثم بعد ذلك العب قليلاً، ثم اجلس وذاكر دروسك) ويا حبذا لو جلس مع إخوته في حضورك أو في حضور والدته؛ لأن وجود الوالدين حول أبنائهم في أثناء الدراسة على الأقل في بعض المراحل يساعد كثيراً، وأنا أعرف بعض الناس يقومون أيضاً بالقراءة أو دراسة موضوع معين في الوقت الذي يكون فيه ابنهم يقضي دروسه وواجباته المدرسية.
أن تكون قدوة ومثالاً أفضل كثيراً من أن تعتمد فقط على إصدار الأوامر والمنهج الشفوي السلطوي.
هذه أسس رئيسية سوف تساعد ابنك كثيراً في التحسن.
أيضاً اجعل ابنك يحس بكينونته في الأسرة، وذلك بأن يشارك في قرارات الأسرة، اجعله يذهب ويشتري بعض المستلزمات الأسرية، شاوره في كل الأمور التي تخص الأسرة، حتى وإذا كنت أنت صاحب القرار أو أنك اتخذت القرار مسبقاً.. هذا نوع من الحوار المجدي جدّاً.
سيكون من الضروري أيضاً أن تكون لابنك رفقة طيبة وقدوة طيبة، وشجعه أيضاً على طريقة الدراسة في المجموعات، خاصة قبل الامتحانات.
هذا هو الذي أود أن أنصح به، وهي معلومات معروفة لدى الكثير من الناس، وتطبيقها أيضاً لا نعتقد أنه بالصعوبة.
أسأل الله أن يحفظ لك ذريتك، وأن يجعلهم قرة عين لك.
وبالله التوفيق.