ابتلاء الله لعباده ببعض الأمراض من جانب وسوء التعامل معها من الأطباء من جانب آخر.
2003-07-14 09:28:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أجريت لي عملي زراعة كلى قبل 3 سنوات، ولله الحمد من قبل ومن بعد أنا أعيش الآن حياة طبيعية بفضل الله ومنه، ولكن قبل العملية مررت بتجربة لا أبالغ إن قلت لكم أنها أقسى ما واجهت في حياتي، وربما تكون الأقسى في حياتي كلها، قبل أن أذهب إلى البلد الذي أجريت لي عملية الزراعة فيه، قدر الله أن أذهب إلى بلد آخر من أجل نفس الغاية، وهناك كانت الهوائل التي يصعب الحديث عنها، أنا ولله الحمد أشعر بمن الله العظيم، ولكن الصور التي رأيتها في ذلك البلد من التخلف وسوء الخدمات الطبية حتى الرائحة المنبعثة من كل مكان تثير زفرات الموت، ومن ثم فإنهم أشاروا علي بإيقاف دواء كنت آخذه من أجل تقبل الكلية السابقة المتوقفة، بعدها عشت أياماً لا يعلمها إلا الله، لقد ارتميت في أحضان الألم الشديد، ألم يصعب على القلم وصفه، ويتوقف اللسان عن فك جمله وكلماته، الآن في كثير من الأحيان تطاردني تلكم الصور، وتحزنني تلكم المشاهد، وربما يصمت لساني عن الحديث.
وأزيدكم من الحديث عندما أقول لكم أنني أحياناً أسخط على إخوتي، وكل من كان لهم علاقة بهذا الموضوع؛ لأنهم هم من بعثني إلى جهنم الأرض، ولما استغثت من أجل أن يرجعوني، قال لي أخي العزيز: لن أشترك في تلكم الجريمة أي إرجاعك قبل إجراء العملية، مع أن إبقائي هناك كان جريمة بحق الإنسان، وقد لطف ربي عندما عدت إلى بلدي، أدخلوني غرفة العمليات، حينها قال الطبيب لأخي: أدعو الله أن يمهلني فقط 3 ساعات قبل أن تنفجر الكلية، وربما سامحوني على الزيادة ولكنها شهقات تنبعث من النفس المكوية المحروقة، التي لا أكذبكم القول إذا قلت لكم أنني أكتب لكم وعيني تدمع بعد أن جزع قلبي واختل كل وجداني، ولكن احتملوني، فأنتم الوحيدون الذي أشكو لهم ضعفي وهمي وقلة حيلتي وهواني على بعض الناس بعد الله.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله على سلامتك ورجوعك إلى بلدك، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك ويبعد عنك الحزن والأسى.
أخي عبد الله: اعلم أن هذا المرض ابتلاءٌ من الله تعالى ليوزن إيمان المؤمن، قال تعالى: ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسير لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ))[الحديد:22-23] .
وإن الابتلاء على قدر الإيمان، أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.
واعلم أن الدموع التي تسيل منك هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده؛ حتى تخفف عنهم الآلام والجزع، وعقيدتنا نحن المسلمين تمنعنا السخط، فكل شيء بقضاء الله وقدره، فلم الحزن والجزع؟
يجب أن نتحلى بالصبر فهو مفتاح الفرج، واسمع إلى نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك) وفي رواية أخرى: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك).
إن الأمور مفروغ منها ومكتوبة، فكيف تحزن وأنت تعلم أن هؤلاء البشر لا يستطيعون أن يضروك ولا أن ينفعوك إلا بقدر الله، فلم القلق ولم الحزن إذن؟
فاطمئن لقضاء الله وقدره، وتوكل على الله، واصبر على ما أصابك، فإن الصبر على المصائب له أجر عظيم عند الله (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[الزمر:10]، واسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
والجأ إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع والصلاة في ساعات السحر عسى أن يخفف عنك ما أصابك، وإن مع الضيق يأتي الفرج إن شاء الله تعالى ومع العسر يأتي اليسر، وتفتح أبواب الأمل.
شفاك الله، وبالله التوفيق.