تعرضت لقسوة في صغري وأصبح الخوف يلاحقني وأنا كبيرة!
2008-11-23 10:26:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
لا أدري من أين أبدأ فقررت أن أكتب قصتي، منذ الصغر كان أبي قاسياً جداً ويضربني، وكانت أمي تضربني أيضاً لتأخري في الدراسة، وكانت لي أخت تكبرني بعام بعكسي مدللة ومن الأوائل، كنت أغار منها كثيراً في داخلي، وعندما أصبحت في العمر 15 كرهت حياتي، فحجزت نفسي في غرفتي وأصبحت أسمع الأغاني الحزينة وأرى الأبراج كل يوم، ولكن الآن أصبح عمري 18 عاماً فتدينت -والحمد لله- وخرجت من حالتي، ولكن هناك شيء يقتلني وهو الخوف من المجهول، أي: عندما أجلس أمام والدي أرتبك وأحس كأنني سأنهار، وكذلك بين الناس، وأيضاً أخاف أن أنظر إلى أساتذتي في المعهد، ما سبب هذا الخوف؟ إنه يلاحقني وأنا صغيرة، بصراحة مللت وكرهت نفسي فصرت أتمنى الموت لأرتاح!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rola حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على حرصك على ما يقدمه موقعك إسلام ويب.
فإنك قد تحدثت عن تجارب أو خبرات سالبة في مرحلة الطفولة، وهذه الشكوى يشتكي منها الكثير من الناس، أي: صعوبة التعامل مع الوالدين أو قسوة الوالدين في مرحلة الطفولة، ونحن من الناحية النفسية نرى أن هذه تجارب، لا نقلل بالطبع من القيمة التربوية للكيفية التي يعامل بها الآباء الأبناء، ولكننا في ذات الوقت نقول: إن الكثير من الأبناء قد عاشوا في ظروف صعبة جدّاً في فترة الطفولة حيث القسوة من الوالدين، ولكن بالرغم من ذلك نجد أنهم أصبحوا من الناجحين والنجباء والأقوياء نفسياً واجتماعياً وجسدياً في مراحل العمر اللاحقة، والعكس صحيح، فهنالك من عاشوا حياة مدللة وناعمة وهنيئة في اعتقادهم في مرحلة الطفولة، ولكن بالرغم من ذلك تجد القصور الكامل في أوضاعهم وحياتهم وشخصياتهم في مراحل العمر المتقدمة.
إذن نستخلص من هذا أن مرحلة الطفولة هي تجارب، والتجارب دائماً يستفيد منها الإنسان لكي يطور بها حاضره ومستقبله، فيجب ألا تكون هنالك هذه النظرة المظلمة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمعاملة الوالدين؛ لأننا على الأقل مكلفون أن نذكر والدينا دائماً بما هو أحسن وأن ندعو لهم بالرحمة في حياتهم وبعد مماتهم وأن نكون بارين بهم، وأعتقد أن جزءا من هذا البر أن أُوقف الخواطر السلبية حول والديَّ، فأحاول أن أجد لهما العذر، وهذا ضروري جدّاً؛ لأن حب الآباء هو حب جبلي وفطري وغريزي، ولا يمكن لوالدٍ أن يحاول أن يوقع الأذى بأبنائه، ولكن هنالك بعض الآباء والأمهات تختلف لديهم المناهج وتختلط لديهم الأمور ويفتقدون الطريق التربوي الصحيح، ومن ثم فربما يصدر منهم بعض ما يمكن أن نسميه بالقسوة في تربيتهم لأولادهم.
إذن أرجو أن تعتبري هذا الذي حدث لك هو مجرد تجربة وأن تستفيدي منها الآن، وقد استفدت بفضل الله، فأنت كنت تستمعين للأغاني الحزينة وأنت الآن قد خرجت من حالتك هذه، وهذا يجب أن يكون محفزاً لك، فيجب أن تشعري بالاعتزاز بنفسك وبمقدرتك على تخطي ما اعتبرته صعوبات، فلابد من تشجيع الذات، ولابد من إثابة الذات؛ لأن الإنسان الذي لا يشجع نفسه ولا يثيب نفسه بما قامت به من إنجازات هذا بالطبع لن يحس بالراحة أو السعادة، فهذا ضروري جدّاً.
يبقى بعد ذلك: أنت الآن لديك بعض الخوف والقلق، وهذا نسميه بالقلق والرهبة الاجتماعية، ففي نظري يمكنك أن تتخلصي من هذه الحالة بتفهمك للشرح الذي أوردته لك سابقاً، هذا مهم جدّاً؛ لأن الإنسان حين يرتبط بالواقع ويرتبط بالحقيقة هذا يساعده في تحسين صحته النفسية.
ثانياً: أدعوك بأن تكون دائماً مواجهة، فلا تتجنبي أبداً، كل موقف تحسين فيه بعدم الارتياح قومي باقتحامه وقومي بالإصرار على أن تظلي في هذا الموقف، كوني دائماً مبادرة بالابتسامة الطيبة، وبالكلمة الطيبة، وارفعي من معدل مقدراتك وثقافتك؛ لأن هذا يساعدك في التحاور والتواصل مع الناس ويقوي من موقفك الاجتماعي.
ثالثاً: قومي ببعض التواصل الاجتماعي الجماعي، مثل ممارسة الرياضة التي تناسبك كفتاة مسلمة، فقد وجد أيضاً أنها تضعف وتزيل هذا النوع من الخوف الاجتماعي.
رابعاً: المشاركة في حلقات التلاوة، وجدنا أنها أيضاً من فضل الله تعالى تزيل القلق وتؤدي إلى الطمأنينة وتحسن من المقدرة على المواجهة، وترفع معدل المهارات الاجتماعية لدى الإنسان، فكوني حريصة على ذلك ولك ثواب الآخرة أيضاً.
خامساً: وحتى تكتمل الصورة العلاجية تماماً -بالرغم من قناعتي أن حالتك والحمد لله هي حالة بسيطة جدّاً، وأنت تسيرين على الطريق الصحيح- يبقى أن أصف لك علاجاً دوائياً بسيطاً، وذلك حتى تكتمل الوصفة العلاجية الكاملة؛ لأننا في موقعك إسلام ويب حريصون على أن تكون الأمور متكاملة بقدر المستطاع.
هنالك عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral)، ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو موجود -الحمد لله- في سوريا، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً -قوة الحبة خمسون مليجراماً- واستمري على الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى حبة كل يومين لمدة شهر واحد، ثم توقفي عن تناوله.
هذا الدواء من الأدوية السليمة والأدوية الممتازة، وهو مزيل للقلق ومزيل لهذه الرهبة الاجتماعية البسيطة التي تنتابك، كما أنه محسن للمزاج، وإن شاء الله سوف تجدين بتناوله أن الثقة في نفسك قد أصبحت ممتازة جدّاً وقد زال عنك كل الذي تخافينه وترهبينه.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.