المخاوف المرضية وسيطرتها على العقل وكيفية التخلص منها.

2009-01-10 10:18:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكراً جزيلاً على هذا الموقع الرائع.

سؤالي هو أني دائماً خائف ومرتبك وقلق، ودائماً أسأل نفسي بأني مريض وبأن بي جنوناً، وقد راجعت عندما كنت بالعراق طبيباً نفسياً وقال لي بأنه ليس بي شيء، ولكني خائف كثيراً، وتأتيني فكرة أني مصاب بمرض ذهاني وهذه الفكرة مسيطرة على فكري.. والآن أنا في السويد ولا أعلم ماذا أفعل!؟ هل أذهب إلى طبيب نفسي هنا ولكني لا أثق بهم هنا؟ ولكني أجد أن العلاج السلوكي هو الحل؛ لأني كنت دائماً عندما آخذ الأدوية لا أستمر عليها ولا تفيدني بشيء.

أنا متخرج من كلية الهندسة بتميز ولكن لا أستطيع العمل بصورةٍ جيدة أو القراءة بصورةٍ جيدة؛ لأن فكرة أني مريض مسيطرة عليّ منذ زمن.

يا إخواني أريدكم أن تفيدوني ماذا أفعل؟ وما هو التوجه الصحيح الذي أسلكه لكي أتخلص من هذه الأفكار؟

أنا والحمد لله عندي إرادة لكي أتعلم منكم، علماً بأن الأدوية هنا لا يمكن أخذها إلا بوصفة من الطبيب، بالإضافة إلى أني أريد الذهاب هنا إلى طبيب ولكن عندما أذهب وآخذ أدوية أحس أني مريض بالفعل وحالتي تسوء (أنا في حيرة من الذهاب وعدمه) ..علماً بأني جديد في هذا البلد، وهذه الأفكار لدي منذ دخولي الكلية إلى الآن.

أرجو الجواب أثابكم الله.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قصي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك.

فإن الأعراض التي وردت في رسالتك تُشير إلى أنك تعاني من قلق الوساوس، والوساوس التي لديك تحمل طابع المخاوف المرضية، وهذه كثيرة وشائعة.

طريقة العلاج هو أولاً أن تُعيد تقييم نفسك، فالكثير من الناس يصاب ببعض الأعراض النفسية البسيطة ولكن يبدأ يتضخيمها، حتى تأخذ حيزاً أكبر مما يجب في تفكيره وتسيطر على حياته بصورةٍ كاملة، فانظر إلى هذه الأعراض بأنها جزئية بسيطة جدّاً، وهذا مجرد قلق، ويجب أن تخاطب نفسك بكل قوة وتبني قناعات جديدة أنه لماذا تقلق؟ فأنت الحمد لله بخير، وهذا القلق ليس مؤسساً، والخوف من المرض يجب ألا يصل لهذه الدرجة المرضية؛ لأن المرض إذا كُتب للإنسان أن يحدث سوف يحدث، ولذا على الإنسان ألا يقلق لشيء لم يحدث بعد، هذا هو المنطق الصحيح.

ثانياً: أنت مطالب أن تحقر هذه الأفكار، وأن تحقرها تماماً لأنها متسلطة عليك وليست ذات قيمة، والشيء الذي لا يحمل قيمة أو فائدة حقيقية للإنسان يجب ألا يشغل الإنسان نفسه به.

ثالثاً: أنصحك بأن تكون حريصاً على ممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي أو الجري، فهي تبني طاقاتٍ نفسية جديدة تستبدل من خلال ممارسة الرياضة الطاقات السلبية التي تسيطر عليك الآن.

رابعاً: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء أيضاً هي مفيدة وممتازة جدّاً، ويمكنك أن تمارس هذه التمارين في المنزل وذلك باتباع الآتي:

اجلس في غرفةٍ هادئة ويجب أن تكون الإضاءة خافتة، ويمكنك أن تستلقي على كرسي مريح أو تضطجع على السرير، وبعد ذلك فكر وتأمل في شيءٍ طيب وسعيد وجميل، أو أسمع إلى شيء من القرآن الكريم بصوتٍ منخفض، وبعد ذلك أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً، ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك أمسك الهواء لفترة قصيرة في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراج الهواء أيضاً ببطء شديد وقوة.. هذا التمرين في مجمله يجب أن يكرر خمس مرات متتالية، وبعد ذلك ابدأ في تمرين استرخاء العضلات، وفكرة استرخاء العضلات تقوم على أن يشد المرء العضلات ثم بعد ذلك يطلقها، ابدأ مثلاً بعضلات اليدين، قم بقبض راحة اليد اليسرى بشدة وقوة وقل لنفسك (أنا الآن أقبض على يدي بشدة وبقوة حتى أحس بالألم)، ثم بعد ذلك قم بإطلاق يدك واسترخائها وقل لنفسك (الحمد لله الآن أنا في حالة استرخاء تام)، كرر هذا التمرين ثلاث مرات على اليد اليسرى وثلاث مرات على اليد اليمنى، ثم بعد ذلك كرر نفس التمرين على عضلات الصدر، قم بقبضها وشدها ثم بعد ذلك قم بإطلاقها واسترخائها، ونفس الشيء بالنسبة لعضلات البطن وعضلات الساقين وعضلات القدمين، حتى عضلات الرقبة ممكن أن يشدها الإنسان ثم يقوم باسترخائها.

هذه التمارين في مجملها تكرر مرة في الصباح ومرة في المساء، وهي - إن شاء الله تعالى – جيدة ومفيدة جدّاً.

خامساً: لابد أن تجعل لحياتك معنى وأنت تعيش في تلك البلاد، يجب أن تدير وقتك بصورة صحيحة، قسم وقتك بين النشاطات اليومية المختلفة، كن حريصاً على صلواتك وتلاوة القرآن والدعاء والأذكار، فهي - إن شاء الله تعالى – باعثة على الطمأنينة، ويجب أن تتواصل تواصلاً اجتماعياً صحيحاً ومفيداً.

هذا كله يعطيك الثقة بنفسك، وأنصحك أيضاً ألا تتردد على الأطباء بكثرة، أنت لديك أصلاً مخاوف من الذهاب إلى الأطباء ولكني لا أرى هنالك أي داعٍ للذهاب إلى الأطباء إلا من أجل وصف أحد الأدوية النفسية التي أنصحك بتناولها بالرغم من أنك متحفظ حيال تناول الدواء، والدراسات تُشير وبصورة ثابتة وموثقة أن تطبيق العلاج السلوكي مع تناول الأدوية المضادة للقلق والمخاوف يعطي أفضل النتائج، وهذا حسب الدراسات والبحوث الطبية النفسية، فالعلاج السلوكي وحده مفيد، وكذلك تناول الدواء وحده مفيد، ولكن تطبيق التمارين والإرشادات السلوكية بجانب تعاطي الدواء دائماً تعطي النتائج الأفضل.

الدواء الذي أنصح بتناوله عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وهو متوفر في الدول الإسكندنافية، والجرعة المطلوبة في حالتك هي عشرة مليجرام (حبة واحدة) ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة (خمسة مليجرام) لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

الدواء - كما ذكرت لك – مفيد جدّاً وسليم جدّاً، وهو غير إدماني وغير تعودي، وبجانب ذلك أرجو أن تبحث عن عمل وأنت الحمد لله مؤهل، وحقيقة العمل في حد ذاته يُعتبر من أفضل وسائل التأهيل السلوكي والاجتماعي، والرجل يشعر بقيمته الحقيقة حين يعمل.

بارك الله فيك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

ولمزيد من الفائدة حول موضوعك يمكنك الوقوف على هذه الاستشارات:
( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )

www.islamweb.net