الوساوس القهرية .. أعراضها وسبل التخلص منها

2010-05-03 10:31:43 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم

لدي مشكلة في نفسيتي بدأت في صغري منذ حوالي 7 سنوات، حيث تأتيني أفكار غير منطقية، وأنا أحاول التخلص منها ولكن دون جدوى، ويراودني الشك.

الآن أصبحت في العشرين من عمري وقد أثرت علي هذه الأفكار، حيث جعلتني ضعيف الشخصية، وأحياناً يقول لي الناس: أنت مجنون، بسبب تصرفاتي! وأحياناً أقول: إن هذه الوساوس أنا الذي أسببها لنفسي.

ما رأيكم في هذا المرض الذي أعاني منه، وما دواؤه وكيف التخلص منه؟

أشكركم، وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hamel حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن كلمة الوساوس كلمة عامة جدًّا، من حيث المفهوم الطبي النفسي، فهذه الكلمة قد تعني معاني مختلفة من إنسان إلى آخر، فالوسواس قد يُقصد به حديث النفس، أو يُقصد به فكرة سخيفة تفرض نفسها على الإنسان، ويحاول التخلص منها، ولكنه يجد صعوبة في ذلك، ومن أكثر هذه الأفكار الشائعة هي الأفكار حول العقيدة والدين، أفكار حول الذات الإلهية، أفكار وشكوك وشيء من هذا القبيل.

هذا نسميه بالوساوس القهرية، حيث إن الإنسان يعرف أن هذه الأفكار مسلطة عليه وأنها سخيفة، وحين يقاومها يجد صعوبة شديدة ويصاب بقلق نفسي شديد، ولكنه يكون مستبصراً..

هناك نوع آخر من الأفكار، هذه الأفكار تكون غريبة وشاذة ومتسلطة، ولكن الإنسان يؤمن بأنها حقيقة، فمثلاً قد يظن أحد الناس أن جاره يتجسس عليه، ويبدأ في البحث عن البراهين، وغالباً ما تكون هذه البراهين واهية، ولكن تكون قناعته مطلقة، ولا يقبل النقاش في هذا الأمر أبداً، وربما يناقش جاره وربما يعتدي عليه انطلاقاً من هذه الأفكار.

هذا أيها الأخ الكريم، ليس وسواساً، وإن كان عامة الناس يطلق على هذه الحالة أيضاً كلمة الوسواس، ولكنها في الواقع هي اضطرابات ذهانية عقلية، تعني وجود ما يسمى بالمرض الظناني أو الفصامي.


أنت لم توضح كثيراً محتوى الأفكار التي تعاني منها، وإن كنتُ أرى أنها غالباً ما تكون هي نوع من الوساوس القهرية التي أشرنا إليها أولاً، ولكن ما ذكرته حول أنه أحياناً يقول لك الناس: أنت مجنون، من حيث تصرفاتك، هذا يجعلني أتوقف قليلاً؛ لأن صاحب الوساوس القهرية دائماً يكون متريثا وحكيما جدًّا في تصرفاته، إلا إذا ظهرت لديه ما يعرف بالوساوس العملية أو الطقوسية، مثلاً أن يغسل وجهه ويديه لفترات طويلة، أن يعيد الوضوء، أن يظل لفترات طويلة في الحمام، وهكذا.

هذا فعل وسواسي لا يدل على جنون أو على وجود مرض عقلي، وعموماً أيها الفاضل الكريم إذا اعتبرت أنك مصاب بوساوس قهرية من النوع الأول الذي وصفناه فأقول لك: اعرف أن الوساوس القهرية هي نوع من القلق النفسي، وهي ليست مرضاً عقليًّا، وغالباً ما تكون مكتسبة منذ الصغر، وأفضل وسيلة لعلاجها هو: تجاهلها وتحقيرها واستبدالها بأفكار مضادة لها، وعدم اتباعها مطلقاً، هذه هي الأصول السلوكية الرئيسية لعلاج الوساوس القهرية.

الجانب الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، وبفضل الله تعالى توجد الآن أدوية فعالة جدًّا وممتازة ومفيدة وسليمة، وتتميز الأدوية بأنها تساعد الإنسان لكي يقاوم ويطبق الإجراءات السلوكية الأخرى.

الدواء الذي أفضله في علاج الوساوس عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، والجرعة المطلوبة أخي الكريم في مثل حالتك هي أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، ويفضل تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة شهر، ثم ارفعها إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراماً – واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، وبذلك يكون العلاج الدوائي قد انتهى، وإن شاء الله يكون قد تم شفاؤك.

أيها الفاضل الكريم: هنالك بالطبع جوانب أخرى تخص العلاج، وهي ما نسميه بتطوير الذات، وتطوير المهارات الاجتماعية، وضرورة إدارة الوقت بصورة جيدة، والتواصل الاجتماعي أيضاً ركيزة أساسية ومهمة، وأن تمارس أي نوع من الرياضة، ولا شك أن الالتزام بالصلاة في وقتها وبطمأنينة وسكينة وخشوع، ومع الجماعة، وكذلك تلاوة القرآن والدعاء والذكر، هي مقومات أساسية جدًّا لطمأنة النفس وحفظها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك وثقتك في موقع إسلام ويب، ونسأل الله أن ينفعك بما ذكرناه لك.

www.islamweb.net