أهمية اللعب للأطفال
2010-07-03 10:40:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوجة، ولدي ابنتان، الأولى عمرها 4.5 سنوات، والثانية 2.5 .
سؤالي: هنّ شقيات جداً، يحببن اللعب الكثير بدون ملل، وذكيات جداً، ولكنهنّ عنيدات بشكل فظيع، بحيث لا أستطيع السيطرة على عنادهن، وخاصة الكبيرة، لديها صديقات تحب اللعب معهنّ خارج المنزل عند الباب، فهل هذا يؤثر عليها عند الكبر؟
علماً بأني كثيرة النصح لها بأن اللعب خارج المنزل تصرف غير جميل، لكن دون فائدة، تصرخ، وتبكي، وتكسر كل شيء حولها لتنفيذ رغبتها بالخروج أو لتنفيذ جميع رغباتها!
أفيدوني أفادكم الله ماذا أفعل؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هيفي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يعينك على تربية بناتك تربية طيبة، وأن يجعلهنَّ من الصالحات القانتات المؤمنات العفيفات الفاضلات، وأن يعينك وزوجك على تأسيس مؤسسة إسلامية مباركة من خلال هاتين الفتاتين ومن يأتي من إخوة وأخوات في المستقبل، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك: أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إن ما تطلبينه من ابنتيك ليس طبيعياً؛ لأن اللعب هو أهم عنصر من عناصر تكوين الشخصية خلال هذه المرحلة، اللعب جزء أساسي وعنصر هام جدّاً في حياة الأطفال الصغار، فأنت الآن تتعارضين مع الفطرة التي فطر الناس عليها وفطر الأطفال عليها، فالأطفال خلال هذه المرحلة لديهنَّ عشق شديد للعب وللهو، وغير ذلك من الأمور التي يستمتعون بها استمتاعاً خاصاً، ويتذوقون منها مذاقاً رائعاً.
فأنت الآن توجهين التيار بعكس اتجاهه؛ ولذلك ظهرت مسألة العناد، والعناد الشديد؛ نتيجة حرصك على مقاومة رغبات مكبوتة، وهنَّ يرونها حقاً من حقوهنَّ.
ولذلك أقول لك أختي الكريمة: إن إصرار البنتين على اللعب خارج المنزل، خاصة الكبرى، ليس فيه شيء من حيث المبدأ، ما دام اللعب مع فتيات ليست لديهنَّ تصرفات أو أشياء سلوكية غير طبيعية، فلا حرج ما دام الطريق مأموناً، وما دام هذا لا يؤثر عليهنَّ من حيث المارة أو من حيث الجيران أو العبارات التي تلقى، أو نوعية اللعب، هذا هو الذي نبحث عنه.
أما اللعب فهو ضروري وحتمي، لابد منه؛ ولذلك لا ينبغي لنا أبداً أن نقف في وجه أبنائنا وبناتنا، ولكننا نستطيع أن نوظف اللعب لتحقيق مآرب أخرى وأهداف كبرى؛ وذلك بأن نقسم الأوقات، إذا أردنا أن نلعب فلابد أن نؤدي مقابل هذا اللعب شيئاً من الأمور الجادة.
فتستطيعين -بارك الله فيك- أن تربطي هذا بذاك؛ لأن من أنواع العقوبات الفاعلة والمؤثرة في مرحلة الطفولة المبكرة المنع، منع الإنسان من تحقيق رغباته، كمنعه من الخروج للعب مع من يحب أو منعه من اللعب من لعبة معينة أو حرمانه مثلاً من رحلة معينة، هذا نوع من أنواع العقاب اللطيف الظريف المؤثر والفاعل أيضاً؛ ولذلك أنا أقول بذلك.
أنت الآن تقولين: لا مانع من اللعب ولكن بشروط، ما هي الشروط؟ مثلاً إذا كان لديكم برنامج لحفظ القرآن، دعونا نحفظ أو نقرأ كل يوم آية أو آيتين، أو دعونا نقرأ قصة مثلاً أو نقرأ في قصص الصحابة أو الصحابيات، أو دعونا نفعل شيئاً معينا مفيدا.
فحاولي -بارك الله فيك- أن تستغلي هذا التعلق الشديد باللعب في تحقيق بعض الجوانب الإيجابية، اللعب ليس كله خطأ، وليس كله صوابا، وصرف كل الوقت في اللعب أحياناً يؤدي إلى نوع من الفوضى في حياة الإنسان وعدم الجدية؛ ولذلك كان من أهم أدوار الأسرة مسألة المعادلة بين هذا وذاك.
فأنا أقول: لا مانع من اللعب، ولا نحرمهم منه، ولكن بالمقابل لابد أن يكون في مقابل شيء مفيد، كأن تقوم الفتيات بترتيب الغرف الخاصة بهنَّ أو الأسرة، أو مثلاً بغسل الأشياء، أو ترتيب بعض الأمور، أو سقي الزرع مثلاً، أو حفظ بعض الآيات، أو حفظ بعض الأحاديث، أو الاستماع لبعض الأشرطة الطيبة، المهم حسب ظروفكم تستطيعين بارك الله فيك من خلال الرغبة الأكيدة لديهنَّ على اللعب أن توظفي ذلك.
من خلال العمل الجاد تستطيعين أن توجهي مسألة التعليم، فنحن الآن عندما مثلاً نريد أن نستفيد في عمل نافع مقابل اللعب من الممكن أن يكون هناك درس عن الصديق الصالح، ونبدأ نتكلم عن صفات الصديق الصالح، وبذلك استطعنا أن نعطي رسائل إيجابية لهاتين البنتين الجميلتين، من خلال هذه الرسائل سيفرقن ما بين الصالح والطالح، نقول: هذه صفات الصديق أو الصاحب: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، هم سيستغلون هذه المعلومات في النظر فيمَن يلعبن معهنَّ، وبهذه الطريقة وفرنا لهنَّ قدراً من الصيانة والحماية بطريقة غير مباشرة.
فإذن أقول: اللعب لا شيء فيه ولا ينبغي أن نقف ضده أبداً، خاصة إذا كان هو المتنفس الوحيد، لأنك لن تستطيعي أن تلعبي مع الأطفال طوال الوقت، حتى وإن لعبت ففارق السن كبير، والأبناء لن يقتنعوا عادة بلعب الأب والأم دائماً، وإنما قد يكون أحياناً، أما اللعب مع الأقران والذي يشعرون من خلاله بنوع كبير وعظيم من المتعة، ونحن لا نريد أن نحرمهم ذلك؛ لأن هذا حقهم الذي أعطاه الله تعالى لهم، ولكن كما ذكرت نوجه، ما دام أنه لا توجد هناك تصرفات سلبية أو سلوك سلبي من البنات اللواتي يلعبن معهنَّ، وليس لديهنَّ مشاكل سلوكية أو أخلاقية، فالأمر - ولله الحمد والمنة - في أمنٍ وأمان.
كذلك أيضاً نفس المكان الذي يلعبون فيه حتى وإن كان في الشارع، ما دام ليس فيه ضرر أو خطر عليهنَّ أو إزعاج للجيران أو المارة فلا حرج في ذلك، ولكني كما ذكرت أتمنى أن نوظف الرغبة الشديدة في اللعب إلى تحقيق بعض الأشياء النافعة كما أشرت.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله تبارك وتعالى أن يعينك على النهوض بهنَّ، وأن يمنَّ عليك بذرية صالحة طيبة تكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه، وحجاباً لك ولزوجك من النار، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.