الرغبة في فراق الزوج بسبب عدم اهتمامه بالزوجة والتقصير معها
2002-05-28 19:54:23 | إسلام ويب
السؤال:
أنا امرأة متزوجة منذ ست سنوات ولي بنت وولد، أشعر بعدم التوافق بيني وبين زوجي في الطباع والتفكير والعلاقات الأسرية والمعيشية، رغم محاولتي ذلك وتنازلي عن طباع كثيرة فيّ.
زوجي رجل متدين ذو علم ودين؛ ولكنه مقصر معي في النواحي العاطفية والنفسية، فهو يحب الصمت معي فقط، ويشعرني أنه لا مكانة عنده لي، وأن هناك من هو أفضل مني، وأني كأي امرأة يتزوجها أي رجل، وقد يصرح أحياناً بأنه لا يهمه بقيت معه أم تركته وفارقته.
يعاملني بشدة، وقلبه قاس، لا يرضيني، ولا يطيب خاطري، لا يهمه حزني ولا فرحي، لا يلقي لي بالاً، وهو بالرغم من ذلك لا يشعر بظلمه لي.
قد فكرت فعلاً في طلب الفراق؛ لأني أشعر أني لا أستطيع التعامل معه كما يحب، وأثر ذلك على علاقتي معه، ولم أعد أشعر بالأمان معه والثقة به، أعيش معه وأنا في قلق وأرق أفكر في مصيري معه، فهل بطلبي الفراق من زوجي أكون ظلمت أولادي؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أمة الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لقد اطلعت على رسالتك، ولا يسعني بداية إلا أن أدعو الله أن يثبتك على الحق، وأن يوفقك في مشوار الحياة الشاق الذي تقطينعه، وأن يقويك حتى تواصلي الرحلة إلى نهايتها رحمة بالأولاد الصغار الذين إن أخذتهم معك جاعوا، وإن تركتهم لوالدهم ضاعوا.
فعلاً ما أصعب الحياة إذا انعدم فيها الأمن والاستقرار والتفاهم، وما أشقاها وأتعسها، ورغم ذلك يبقى هناك وسط هذه الظلمات من يحمل مشعل النور، ويقاوم أعتى الأمواج ويصبر على أحر من الجمر لأنه مؤمن بالله القادر على كل شيء الذي حرم الظلم على نفسه ونهى عباده عنه، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، سبحانه مالك يوم الدين، يوم تجتمع الخصوم بين يدي رب العالمين للفصل بين عباده، وإعطاء المظلوم حقه ممن ظلمه، حتى لو كان الظالم بهيمة أو حيواناً أعجمياً والمظلوم مثل ذلك، وأحسبك أختي أمة الله، من هؤلاء الأبطال الذين لم ولن يهزموا بإذن الله مهما كان تصرف زوجك وانصرافه عنك، وسوء معاملته.
المرأة التي تصبر حتى يصبح لديها طفلان بريئان جميلان بلا شك امرأة حديدية وإلا لهربت من اللحظات الأولى لتلك الحياة الصعبة، فأوصيك أولاً وعاشراً بعدم التفكير في الطلاق مهما كانت الأسباب.
الآن دعينا نبحث عن حل آخر، إذا لم يكن من أجلك أنت، فعلى الأقل من أجل هذه البراعم الصغيرة التي من حقها علينا أن تضحي من أجلها، وأن نصبر من أجلها، عساها أن تكون يوماً سندنا بعد الله وملاذنا إذا أنكرتنا الأيام وتخلى عنا الأحبة.
دعينا نبحث عن ظروف زوجك وما جعله يسلك معك هذا السلوك، رغم ما هو عليه من علم ودين - كما تذكرين - لأن هذا من الأمور المحيرة فعلاً إذ يصعب عليَّ أنا شخصياً أن أتصور رجلاً لديه أدنى مسحة من علم ودين يعامل أهله هذه المعاملة، لذلك أكاد أجزم أن زوجك غير طبيعي، ويحتاج إلى مساعدة قوية حتى يعود إلى وضعه الطبيعي؛ لأن مثله يفترض فيه أن يكون على علم بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لأهله حتى قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
أين هو من قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:19] وقوله: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة:228]، لذلك أتصور أن زوجك إما أن يكون ضحية تربية خاطئة صورت له الحياة بغير صورتها الحقيقية، أو أنه يعيش مشكلة خاصة في شبابه جعلته يتعامل معك بهذه الطريقة.
لذا أرى أن تجلسي معه جلسة مصارحة، وأن تتعاملي معه بلطف وهدوء ومحبة، وتسأليه عن السبب وراء هذه التصرفات بعيداً عن أي توتر أو عصبية، وبيَّني له أهمية هذه الجلسة، وإنك تعانين من هذه التصرفات، وتحتاجين إلى معرفة السبب وراء ذلك، فإن لم يستجب لك، فلا مانع من عرض المشكلة على بعض الثقات، وحثيه على التدخل بينكما لمعرفة الأسباب والدوافع وراء تلك التصرفات، على شرط أن يكون هذا الشخص محل احترام وتقدير زوجك حتى يستجيب له.
المهم حاولي عمل أي شيء يمكنك من خلاله مساعدة زوجك على الخروج مما هو فيه فتصوري أنه مريض، وأنه يحتاج إلى وقوفك معه حتى يتغلب على تلك الحالة، ولا تنسي أهم وأخطر سلاح وهو سلاح الدعاء فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء.
ونسأل الله لك ولزوجك التوفيق والسداد.