الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الأخ الفاضل سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن هناك درجة معقولة من لوم النفس مطلوبة، والنفس اللوامة تستشعر صاحبها بأهمية الانضباط السلوكي والتسامي والتحلي بالخلق الرفيع، ولكني أتفق معك إذا وصل هذا اللوم لدرجة الإطباق والتسلط الشديد والمبالغة لا شك أن ذلك له آثار سلبية تؤدي إلى المزيد من القلق، وكذلك افتقاد الثقة بالنفس والإحباط.
والصورة التي عكستها لنا تقريباً تمثل هذا المحور وهو محور اللوم الشديد للنفس وغير منطقية وغير مستبصرة للدرجة التي أخذت أيضاً الطابع الوسواسي.
وهذا تأتي منه هذا المزاج الاكتئابي، والكدر الذي تحس به، والتفكير فيما أسميته بالمصائب المستقبلية، فأريدك أن تفكر في أن هذا الأمر فيه خير كبير لك، وما دامت نفسك غير متعالية وغير مفرطة وغير مهونة لأمور الحياة وأمور الدين، ففي هذا إن شاء الله خير لك، وهذا خير من أن تكون النفس نفس أمَّارة بالسوء، فقط عليك أن تسعى وبإرادة قوية وثابتة إلى أن تنقل هذا اللوم إلى شيء معقول، وذلك بتحقير الجانب السالب فيها، قل لنفسك: (درجة اللوم الشديدة هذه أشعرتك بالذنب دون أي مبرر، فلماذا لا أنقل نفسي إلى وضع يكون أكثر معقولية وأكثر قبولاً).
وهناك تمارين سلوكية بسيطة يمكنك أن تطبقها، من هذه التمارين: حين تأتيك فكرة تلوم فيها نفسك أرجو أن تضع الفكرة المخالفة لها تماماً. لا أقول لك: زك نفسك بصورة مطلقة، ولكن تأمل وفكر فيما هو مضاد لهذا اللوم غير المبرر وغير منطقي، وحاول أن تثبت الفكرة الجديدة. كرر هذا التمرين عدة مرات يومياً.
التمرين الثاني هو أن تحضر الرباط المطاطي الذي يستعمل في ربط الأوراق النقدية وضعه حول يدك على الرسغ، وبعد ذلك قم بشده بشدة ثم إطلاقه حتى تحس بألم شديد، هذا الألم الشديد يجب أن يُربط ربطاً مباشراً مع لومك المفرط لنفسك، الهدف من ذلك هو أن تربط بين الاثنين، ولا شك أن الألم استشعار منفر، وقد وجد علماء السلوك أن مثل هذا الربط – أي ما بين المنفر وما بين السلوك القلقي أو الوسواسي – يؤدي إن شاء الله إلى إضعاف (ضعف) هذا الوسواس وهذا القلق.. كرره يومياً عشر مرات، وإن شاء الله سوف تجد أن هذه الأفكار بدأت في الضعف والاضمحلال.
بجانب ذلك أريدك أن تضع صورة إيجابية عن نفسك، لا تدع هذه الأفكار التلقائية والأوتوماتيكية المشوهة تسيطر عليك، ولابد من أن تلجأ إلى برمجة فكرية جديدة تركز فيها حول إنجازاتك، تركز فيها حول النظرة المستقبلية للمستقبل بأمل ورجاء وأن تعيش حياتك بقوة.
وعليك بالصحة الطيبة، الصحبة الخيرة، وعليك بتطوير المهارات الاجتماعية والتواصل مع أهل الخير والبر والتقوى والإحسان، وأنصحك أيضاً أن تمارس الرياضة، وأن تجتهد في دراساتك العليا، وأن تدير وقتك بصورة جيدة وصحيحة... هذا إن شاء الله يوجه طاقاتك اتجاهاً إيجابياً يفيدك كثيراً.
بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك أنه بفضل الله توجد أدوية جيدة وطيبة، وتساعد في مثل هذه الحالات القلقية والاكتئابية والوسواسية، وأفضل دواء في حالتك عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، والذي يتميز أيضاً أنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن، بل ربما يؤدي إلى خفض بسيط في الوزن.
ابدأ في تناول البروزاك بجرع كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجراماً، يفضل تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراماً – استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك اجعلها كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
ويتميز البروزاك بأنه دواء سليم وغير إدماني، وفعاليته مشهود بها، ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج الإحباط سلوكياً في الاستشارات التالية: (
1131-
234086-
259784-
264411-
267822-
248493)، وختاماً نشكرك على هذه الرسالة الطيبة، وأتمنى أن ينفعك الله بما ذكرناه لك.
وبالله التوفيق.