السؤال
أنا إمام مسجد وحوله أثرياء موسرون جداً جداً وأنا فقير ومديون ولا يعلمون بحاجتي وفقري وديوني ولو علموا بها لغرقوني بالمال لكنّ عفتي وخشيتي من تشويه صورة الأئمة وأهل القرآن منعاني من الاستعانة على الدين بغير الله تعالى وسيقضيه عني إن شاء الله لأني تحملته بنية الأداء لا المماطلة، وقد طلبتُ فاعل خير أن يساعد بعض الفقراء والمعسرين المحتاجين وأنا شافع لهم فقط وأعطاني مبلغاً كبيراً لم أتوقعه فتوليت صرفه على الفقراء والمساكين لكني جعلت لإخوتي ووالديّ نصيباً أكبر من غيرهم حيث صرفت في ديونهم وحوائجهم أكثر من شطر المبلغ والله يعلمُ أنهم محتاجون ومستحقون وأنا بصفتي وكيل عن الرجل فعلتُ ذلك فهل هذا صحيح أم لا؟ وهل علي ضمان فيما فعلت إن كنت مخطئاً؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك فيما فعلت إذا كان والدك وإخوانك محتاجين مستحقين للصدقة، بل لك أيضاً أن تأخذ من هذا المبلغ لسداد ما عليك من ديون لا تستطيع سدادها إذا كان الرجل قد وكلك في صرفها على الفقراء والمعسرين والمحتاجين توكيلاً عاماً، ولا تحتاج في ذلك إلى استئذانه، وقد روى البخاري عن معن بن يزيد بن الأخنس رضي الله عنهم قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
ووجه الدليل فيه أن يزيد أطلق فيمن يستحق الصدقة بالوصف، فكان معن ممن يستحقها بالوصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لك ما نويت يا يزيد من أجر الصدقة، ولك ما أخذت يا معن لأنك داخل في وصف الفقراء.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: فأمضى النبي صلى الله عليه وسلم الإطلاق لأنه فوض للوكيل بلفظ مطلق فنفذ فعله، وفيه دليل على العمل بالمطلقات على إطلاقها، وإن احتمل أن المطلق لو خطر بباله فرد من الأفراد لقيد اللفظ به.
والله أعلم.