الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صور الإحسان إلى الوالد الإحسان إلى زوجته

السؤال

شيوخنا الكرام أرجو أن تفيدوني لأني أتعذب كثيرا فما فعلته جرم كبير في حق نفسي والآخرين فقد قمت بسرقة مبلغ مالي من جيب أخي فلم يشك بي مطلقا وشك في أمي التي هي زوجة أبيه فقام بطردها من المنزل الذي هو منزل والدي رحمه الله فمرضت أمي مرضا شديدا اضطررت لأن أرافقها وأترك المنزل أنا أيضا وبهذا تسببت في مشاكل كبيرة وقطع صلة رحم رغم أني لم أكن أقصد هذا أبدا وما زاد الطين بلة هو أن أخي لا يريد أن يعطينا ميراثنا فتعقدت الأمور بيننا كثيرا وأنا الآن نادمة ندما لا حد له وتبت والله وحده يعلم ذلك أبكي باستمرار وخوفي من عذاب الله لا حد له ولا تسألوني لماذا لم أخبر أخي لأنه لن يصدقني وكأنه كان ينتظر هذا ليطردنا من المنزل ويتزوج هو فيه.
أرجوكم انصحوني و أفيدوني وأنا مستعدة لفعل أي شيء يكفرعني هذه الخطيئة التي تؤرقني كثيرا كثيرا وبارك الله فيكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنك قد أخطأت خطأ كبيرا بما ارتكبته. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن. رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة.

كما أن أخاك قد أخطأ هو الآخر أيضا من عدة وجوه منها تصرفه تجاه أمك وكأنها سارقة حقا بإقرار أو بينة، والأصل حمل المسلم على السلامة من السرقة ونحوها، ومنها طرده لها ولو ثبتت سرقتها فعقوبة السارق معروفة والذي يقوم بتنفيذها هو ولي الأمر وليس ذلك لآحاد الناس، كما أنه ليس من البر بالأب أن تطرد زوجته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم. وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال : نعم ، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبو داود. كما أنه مخطئ أيضا في حرمانك وأمك من الإرث، لأنه على تقدير أن أمك هي السارقة لم يكن له أن يأخذ من إرثها إلا قدر ما سرقته منه، وبشرط ثبوت السرقة. والواجب عليك الآن أن تبادري إلى التوبة، ولا شك أن ما أنت فيه من الندم يعتبر بداية جيدة للتوبة، ويبقى أن تعزمي على أنك لن تعودي إلى مثل هذا الفعل. ولا نأمرك برد ما سرقته من النقود إذا كان حقك في الإرث يساويها أو يزيد. وينبغي أن لا يحملك ما فعله أخوك على قطع رحمه، بل صليه واطلبي منه حقك بما يتاح لك من الطرق، فإن أبى فلا حرج في الرجوع إلى القضاء ليفصل بينكما وبينه ويعطيك وأمك ما لكما من إرث، ولا بأس أن تعلميه بينك وبينه بأنك التي أخذت المال الذي كان في جيبه فربما يحمله ذلك على تصحيح موقفه والرجوع عن خطئه في حق أمك. واطلبي السماح من أمك فإنك - حقيقة - قد تسببت لها في ضرر كبير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني