الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للأم أن تتعسف مع أولادها بما يحرجهم

السؤال

صديقي يعاني من مشكلة فهم برّ الوالدين، فإذا طلب الوالدان شيئًا، أو خدمة لهما في غير معصية، ولم يلبّ الابن، فهذا عقوق لا اختلاف فيه، ولكن إن طلبت الأمّ مثلًا أن يقوم الابن بعمل ليس لها منفعة منه، كأن تطلب منه أن لا يخرج من بيته إذا مرض، مع العلم أنه أب لثلاثة أطفال، وخرج في ذلك اليوم، فهل ذلك عقوق؟ وهل يعق الابن أمّه إذا لم يستجب لطلب أمّه أن يلبس كذا وكذا، وهو أب قد جاوز الثلاثين؟ خصوصًا إذا كانت الأمّ من النوع المحبّ للسيطرة، فهذا متعب جدًّا للأبناء، فهل أجد إجابة عندكم. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا لم يكن فيما ذكر ضرر، أو معرّة، أو حرج، وهو يستطيع؛ فإن امتثال أمر أمّه فيه برّ لها، وتطييب لخاطرها.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فإن طلب برّ الوالدين من المعلوم من الدِّين بالضرورة عند كل مسلم، فقد أوصانا الله عز وجل بطاعتهما، والإحسان إليهما في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم حقّ الأمّ خاصة ثلاث مرات، وقال لرجل استأذنه في الغزو: «هل لك من أمّ؟»، قال: نعم، قال: «فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها». رواه النسائي، وابن ماجه، واللفظ للنسائي.

ومع ذلك؛ فينبغي للأبوين أن يعينا الأبناء على برّهما، فلا ينبغي للأبوين - وخاصة الأمّ - أن تتعسف مع ابنها، وتأمره بما يحرجه، وخاصة إذا لم تكن لها في الأمر فائدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري، ومسلم.

والمعروف الذي تجب فيه الطاعة: ما كان من الأمور المعروفة شرعًا، قال صاحب النهاية: والمعروف النصفة، وحسن الصحبة مع الأهل، وغيرهم، والأمر المعروف بين الناس هو الذي إذا رأوه لا ينكرونه.

وإذا أمرت الأمّ ابنها - ولو كان كبيرًا- بما ليس فيه معصية، ولا ضرر، أو معرّة، وهي ترى أن في ذلك مصلحته، وهو يستطيع فعله، فلا شكّ أن تنفيذ أمرها من برّها، وتطييب خاطرها.

وإذا كان لا يحبّ هذا الأمر، فبإمكانه أن يحاورها بهدوء، ورفق، ولين؛ حتى يقنعها، وترضى بما يريد؛ فإن الأمّ في الغالب لا تريد لابنها إلا الخير، وما فيه مصلحته. وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 11649، 50556.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني