الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العقد صحيح ولا يوجد داع للعقد الثاني

السؤال

أنا شاب مسلم والحمد لله منذ عامين قمت بالسفر إلى دولة أجنبية (دولة كافرة) وتعرفت على امرأة من قبل عن طريق الإنترنيت في دلك البلد فأعجبتني وهي كذالك وتم اللقاء بيننا عدة مرات فوقعت في الزنا فندمت كثيرا على ذلك لأني أول مرة في حياتي أقوم بهذا الفعل فتبت عند عودتي إلى بلدي ولكن بقيت في اتصال بي لأنها تريد الزواج يعني أتزوجها في الحقيقة وقعت في حبها وهي كذلك فبقي الاتصال بيننا عبر الانترنيت فعلمت أنها لا دين لها وأنها متزوجة (ولعلمكم أنها طلبت الطلاق من زوجها عدة مرات ورفض ذلك ولم أكن أعلم أنها متزوجة كانت تقول لي إنها مطلقة فقط فعند سماع زوجها بذلك أنها لها علاقة بي طلقها وكانت تريد ذلك وبعدها ألحت عليا بالزواج بها، بصراحة لم أرد أن أكون سبب طلاقهما وقد كلمتها مرارا على ذلك وأردت الابتعاد عنها ونسيانها أصلا ولكن وقعت في حبها وهي كذلك وخاصة بعد طلاقها وبعد مدة عرفت أني مسلم وأني لا يمكن الزواج بها إلا بدخولها الإسلام ولعلمكم أيضا كانت تعيش بعد الطلاق وحدها وبعيدا عن أهلها وتعيل نفسها لوحدها وكانت أستاذة وأبواها كفار ولا دين لهم، فقلت لها لا يمكنني الزواج بك إلا بدخولك الإسلام فطرحت علي كثيرا من الأسئلة في ذلك وأوضحت لها كل شيء في قواعد الدين الإسلامي فقبلت بذلك إلى غاية إعلانها لشهادتين فدخلت الإسلام وبعدها قررت الزواج ( قمت بصلاة الاستخارة وتوكلت على الله وكانت حاجتي في نفسي بهذا الزواج التوبة إلى الله بما فعلت وتعليمها قواعد الإسلام لعل الله يغفر لنا ويتوب علينا لفعلتي بعد عام سافرت إليها فكان اللقاء فعانقتني وقبلتني وقبلتها بصراحة أردت النفور منها ولكن لم أستطع فلمست جسمها ولكن لم يكن اللقاء الجنسي بيننا ففسرت لها الموضوع لا يمكن مجامعتك إلا بعد العقد فقبلت بعد العقد في المسجد فكان الموعد اللقاء في صباح الغد في المسجد (وقد علمتها قبل الذهاب إلى المسجد يجب أن تغتسل الغسل الأكبر والتشهد ففعلت ذلك وأنا كذلك ) فتم اللقاء في المسجد وعقد علينا إمام المسجد بكل شروط العقد فعشت معها مدة فترتب علي العودة إلى بلدي وذلك من أجل الفيزا فقلت لها انتظريني فقبلت فطال الرجوع إليها لحكم عملي وتهيئة الأوراق اللازمة من أجل الزواج القانوني لأني عقدت عليها فقط في السجد ففقدت نوعا ما الثقة في وفائي بالعودة إليها ولكونها أستاذة ثانوية ومتعلمة أصابها نوع من عدم الرجوع إليها رغم بقاء الاتصال بيننا عبر الانترنيت في تعليمها أصول الدين تدريجيا لأنها لا تعرف شيئا إطلاقا وبعد 9 أشهر وقعت هي في خيانتي مع رجل آخر كان يحبها (يعني لقاء جنسي ) يمكن أن تقول غير مقصود حسب تصريحها لأنها مع حكم عملها وزميلاتها أدرجوها لذلك، فقالت كل شيء لي بعد ندمها وأطلعتني كيف التوبة من ذلك بأنها نادمة أشد الندم فسقط علي كصاعقة في الحقيقة أردت تركها وطلاقها نهائيا ولكن بعد سماعي لإرادتها التوبة من ذلك وإرادة أن أسامحها على ذلك ومع بكائها الدائم لأجل الخطأ وكانت تصوم لذلك من أجل أن يغفر لها الله، تقبلت ذلك بعد طرح القضية لإمام المسجد لذلك فقال يجب أن تنتظرها حتى تطهر يعني بعد 3 أشهر وبعد 4 أشهر سافرت مرة أخرى وتم لقاؤنا في منزلنا لأني من قبل اشترينا منزلا بعد عقدي عليها في أول مرة فقبلتني وقبلتها وكان شغفي لاشتيا قها ولمست جسمها ولمست جسمي فكان قذف المني من طرفي في السروال ولم يكن لقاء جنسي فقلت لها لا أستطيع مجامعتك يجب العقد مرة أخرى في المسجد فكان ذلك صباح يوم الغد فذهبنا إلى المسجد وتم العقد مع شروطه وتم كذلك الزواج القانوني وبعد مدة 3 أشهر من العيش معها، الحمد لله إنها تصوم وتصلي علمتها على ذلك والتستر فعدت بعدها إلى بلدي من أجل بعض الأعمال... لي الآن 3 أشهر وبعد أيام سأسافر إن شاء لله ....والمقصود من هاته الرسالة أنه يراود نفسي الشك والخوف من الله من عدم صحة العقد بيننا ليس من جانب الإمام وإنما من جانب تقبيلها ومعانقتها وملامسة جسمها (دون اللقاء الجنسي) في أول اللقاء بيننا قبل العقد الأول وكذلك في العقد الثاني، وإني خائف من لله أن أعيش معها في الحرام أو أن العقد باطل أو ما شابه ذلك، وكذلك لكونها كانت متزوجة بكافر من قبل، فما الحكم في ذاك فضيلة الشيخ، وشكرا لكم. في انتظار ردكم.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا كانت المرأة قد وكلت إمام المسجد أو غيره ليتولى العقد عليها فالعقد صحيح، وما كان منكما من أخطاء لا يؤثر على صحته، فلم يكن هنالك داع لتجديده، ووقوعها في الخطأ أو الزنى لا يبطل العقد وإنما يستبرأ رحمها من ماء الزنى بثلاث حيضات على الراجح، وبناء عليه فزواجكما صحيح وعليكما أن تتوبا إلى الله تعالى مما كان وتُقبِلا عليه يغفر لكما، وينبغي أن تسكنها معك حيث تسكن وتقيم حفظا لها ولك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليكما هو التوبة إلى الله تعالى مما وقعتما فيه من أخطاء قبل زواجكما أو بعده، والله سبحانه يقبل توبة التائبين ويمحو إساءة المذنبين المنيبين لأنه هو التواب الرحيم. قال سبحانه في وصف عباده: ...... وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {68-70}

وأما العقد المذكور فإن كانت المرأة قد وكلت إمام المسجد أو غيره ليعقد عليها فالعقد صحيح ولم يكن هنالك داع للعقد الثاني، ما لم تكن طلقتها بعد العقد الأول، ووقوعها في الخطيئة لا يفسخ النكاح ولا يؤثر على صحته؛ لكن يستبرأ رحمها من ماء الزنى بثلاث حيضات قبل قربانها.

وبناء عليه، فزواجكما صحيح لكن عليكما أن تقبلا على الله عز وجل بنفوس خاشعة وقلوب صادقة يمحو إساءتكما ويقبل توبتكما ويتجاوز عما كان منكما فهو يفرح بتوبة عباده ويقبل إن أنابوا إليه مهما عظمت.

ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24127، 94600، 27691.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني