الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال المكتسب من بضاعة محرمة وما بقي منها

السؤال

يوجد لدي محل لبيع الشيشة ومستلزماتها والسيجار في موسكو وقد كنت أعلم أنه مكروه بحسب إفتاء بعض العلماء ولكن الآن قرأت عدة فتاوى بتحريمه، وقد تبت إلى الله وعزمت إغلاق المحل، ولكن يوجد علي ديون فهل يجوز أن أبيع البضاعة المتبقية لتسديد ديوني في أقرب وقت وإغلاق المحل، وأنا قد عزمت على السفر نهائيا من هذه البلاد فماذا أفعل، أنا قد كسبت أموالا من هذه التجارة فتزوجت وبنيت بيتا لأبي وأمي وإخواني لأن ظروفنا كانت صعبة وأبي لا يعمل لأنه مصاب بمرض نفسي واشتريت أراضي وأنا العائل الوحيد للأسرة لأني أكبر إخواني, فما حكم هذه الأموال وماذا يجب أن أفعل فيها في مثل هذه الحالة، فأرجو إفتائي بما أمر الله ورسوله؟ جزاكم الله خيراً....

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يجوز بيع البضاعة المتبقية من الشيشة والسجائر ولو لسداد ديونك، وإذا كان لك مال آخر مباح فاقضها منه وإلا فلا حرج عليك في تأخير سدادها حتى تجد مالاً مباحاً لذلك، وما اكتسبته سابقاً من مال من بيع هذه الأشياء وأنت لا تعلم بحرمته وتظن كراهته فقط بناء على من أفتاك بذلك فلا يحرم عليك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله أن وفقك للتوبة من بيع هذه المحرمات ونسأله سبحانه أن يتقبل منك ويثبتك إنه ولي ذلك والقادر عليه، واعلم أنه لا يجوز بيع البضاعة المتبقية من الشيشة والسجائر ولو لسداد ديونك، لأن ثمن هذه البضاعة مال محرم لا يجوز لك الانتفاع به، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه.

وإذا كان لك مال آخر مباح فاقضها منه وإلا فلا حرج عليك في تأخير سدادها حتى تجد مالاً مباحاً لذلك، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، وما اكتسبته سابقاً من مال من بيع هذه الأشياء وأنت لا تعلم بحرمته وتظن كراهته فقط بناء على من أفتاك بذلك فلا يحرم عليك، ولك أن تنتفع به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما اكتسبه الرجل من الأموال بالمعاملات التي اختلفت فيها الأمة كهذه المعاملات المسؤول عنها وغيرها وكان متأولاً في ذلك ومعتقداً جوازه لاجتهاد أو تقليد أو تشبه ببعض أهل العلم أو لأنه أفتاه بذلك بعضهم ونحو ذلك، فهذه الأموال التي كسبوها وقبضوها ليس عليهم إخراجها؛ وإن تبين لهم بعد ذلك أنهم كانوا مخطئين في ذلك وأن الذي أفتاهم أخطأ.

وراجع الفتوى رقم: 32762.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني