الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصَّر في دوامه ويريد إعادة الحق لجهة عمله

السؤال

لقد أجريت مقابلة عمل العام الماضي مع إحدى الشركات وقبلتني لأعمل معها كمهندس. ثم إحالتي على شركة ثانية لأوقع معها عقد العمل. وبذلك كنت أتقاضى راتبي من عند صاحب الشركة الثانية التي مهمتها فقط أن تعير مواردها البشرية لشركات أخرى تتولى استخدام هذه الموارد في مشاريع مختلفة. وبما أن الشركة الأولى كانت متخصصة في مجال الاتصالات فقد كلفتني بالعمل على مشروع لها مع شركة ثالثة. وإبان العمل كانت تمر أيام آتي فيها متأخرا إلى العمل ولربما خرجت في بعض الأيام بدون استئذان لإجراء مقابلات أخرى لتغيير العمل.
وأريد الآن أن تبرأ ذمتي من شبهة المال الحرام فأنا أخاف ألا يستجيب الله لي دعائي.
سؤالي هل يجب علي رد المال للشركات الثلاث باعتبار أن ظلمي لحقهن كلهن.
أم أن الشركة الثالثة فقط هي التي تستحق ذلك علما أنها كافأت الشركة الأولى على عملي ثم هذه الأخيرة قد أعطت للشركة التي وقعت معها العقد أجرا نتيجة إعارتها إياي لها.
وهل يصح إذا أردت أن أرد مالا فيه شبهة إلى شركة أن أعطي هذا المال لأحد موظفيها مع التزامه بالتنازل لشركته عن مستحقات له عندها كتكاليف سفره إبان العمل علما أني بدلت الآن عملي وأعمل مع شركة جديدة؟
وجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من عون للمسلمين.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يجب رد المال إلى مستحقه بأية وسيلة ممكنة، وإذا رد بطريقة لا تضمن وصوله فإن الذمة لا تبرأ بذلك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت فيما أردته من التوبة والتخلص مما لا يحل لك من المال؛ لأن المال الحرام لو لم يكن فيه من الضرر إلا كونه حائلا بين المرء وبين أن تستجاب دعوته لكفى. وقد صح في السنة أنه يمنع إجابة الدعاء، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.

وفيما يخص موضوع سؤالك، فالواجب عليك هو رد المال إلى الشركة التي تغيبت عن عملها في وقت يجب عليك البقاء فيه عندها. وأما غيرها من الشركات فإنه ليس لها عندك من حق، ولك أن ترد هذا المال بأية طريقة تضمن وصوله إلى مستحقه. وأما الكيفية المذكورة في السؤال فإنها لا تضمن وصوله؛ إذ الموظف قد لا تكون له حقوق عند الشركة، وإذا كانت له حقوق فقد يطالب الشركة بها فيما بعد، وبالتالي فلا نرى أنك تبرأ من هذا المال بهذه الطريقة؛ والذمة لا تبرأ إلا بمحقق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني