السؤال
السؤال كالتالي: هل التعامل اليوم مع الدنمارك ومنتجاتها حلال أم حرام، لأنه انتشر في الشارع المسلم أن التعامل مع الدنمارك حرام حسب فتاوى العلماء، إذا كانت المقاطعة الأولى والأقوى والأعنف ومطالبة الشركات الدنماركية للدولة بالتوقف واحترام مشاعر المسلمين لم تمنعها من نشر الصور للمرة الثانية، فهل ما زلنا نراهن على ضغط الشركات لها بالعدول عن موقفها اليوم، بناء على السؤال السابق إذا كان موقف الشركات معروفا اتجاه القضية لأن التجارة تعتمد على المصالح ولا تتدخل بالأديان ومشاكلها فلماذا نعاقب أشخاص لا ذنب لهم وأين قاعدة (ولا تزوا وازرة وزر أخرى)، وبناء على السؤال هذا ما ذنب التاجر المسلم من هذه القضية بعد أن غطت مستودعاته بالبضائع، نقوم بعقابة وأين قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، ما هو الحل الأمثل لعلاج هذه الأمور أن نضرب التجارة والتجار والنصارى الذين لا علاقة لهم بالموضوع، أم نتجه نحو قطع العلاقات مع الدنمارك بناء على سياسة الدولة ومتابعة ولي الأمر، السؤال: تعلم الدولة نتيجة الهيجان المسلم والضرر الواقع من جرائه فلماذا تعيد الكرة إلا إذا كان موضوع الشركات والمقاطعة لا يهمها، فلماذا نضر أناسا لا ذنب لهم (مسلم ونصراني) نرجوا الرد وشكراً للعلماء الإجلاء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز في الأصل أكل الأطعمة المصنعة في الدولة المشار إليها إذا كان الطعام مباحاً في ذاته، ولكن من المعلوم من الدين بالضرورة أن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه واجب شرعي، ومن المعلوم أيضاً ما قامت به صحافة تلك الدولة من التهجم على سيد المرسلين وإمام النبيين والاستهزاء به، فإذا كانت المقاطعة لبضائع تلك الدولة فيها نصر النبي صلى الله عليه وسلم وزجر لأولئك الكفرة من العودة لمثل ما فعلوه -وهي كذلك- فينبغي للمسلمين أن يقاطعوا منتجاتهم على اختلاف أصنافها، سواء كانت طعاماً أو غيره حتى تضعف شوكة المستهزئين ويكفوا سخريتهم ويعلموا أن المسلمين يقدمون الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم على مصالحهم، وأن الدنيا كلها تهون في ذلك، وما أقبح حال المسلم يشتري بضائعهم وهو يسمع ويقرأ صباح مساء إصرار تلك الدول على شنيع فعلتهم وقبح جريرتهم.
وأما ما ذكره السائل من أنه لماذا يعاقب أشخاص لا ذنب لهم... إلخ فجوابه أن مقاطعة تلك الدولة بأجمعها لا يتعارض مع قول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، وبيان ذلك أن وجود بعض الكفار الذين لم يشاركوا في تلك الإساءة لا يمنع جواز مقاطعتهم، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال رضي الله عنه حين قطع عن أهل مكة الحنطة مع أنه كان يوجد في مكة بعض الكفار المتعاطفين مع النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان فيهم مسلمون مستضعفون فقطع عنهم ثمامة جميعاً الطعام وحاصرهم حصارا اقتصادياً شديداً، حتى جاء في سنن البيهقي: ... ومنع الحمل إلى مكة، حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والدنمارك ليس بيننا وبينهم رحم فليستمر الصادقون من المؤمنين في مقاطعتهم، وحتى لو لم تصدر منهم الإساءة، فإن المسلمين ليسوا ملزمين شرعاً بالتعامل معهم حتى يقال لماذا يعاقب الأبرياء منهم، وأما التجار المسلمون الذين اشتروا بضاعتهم فهم أصناف قطعاً، فمنهم من لا يبالي بتلك الإساءة ويستمر في شراء بضاعتهم فهذا لا نبالي به والجزاء من جنس العمل، ومنهم من توقف عن التعامل معهم بعد صدور تلك الإساءة وهؤلاء لا بأس بشراء ما عندهم من تلك البضاعة إذا علم مقاطعتهم بتلك الدولة لأن المقصود مقاطعة تلك الدولة وقد حصلت، وليس المقصود معاقبة التجار المسلمين.
والله أعلم.