السؤال
إذا أخذت بقول من يقول إن الطلاق في الحيض والطهر الذي جامع فيه غير واقع ولا يحتسب طلاقاً. فهل يجوز لي تخويف الزوجة برمي الطلاق عليها في هذه الفترات وأنا أعتقد أنه لا يقع طلاقاً أم لا يجوز، وهل يجوز لي إفتاء من يسألني أو أعلم أنه حصل له ذلك بأنه غير واقع بناء على قول من أخذتُ بقوله من أهل العلم. أم لا بد له هو أن يذهب بنفسه ويسأل العلماء؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
فلا ينبغي للزوج أن يتلفظ بطلاق زوجته حال حيضها مثلاً ولو بقصد تهديدها فقط بناء على كونه لا يرى وقوع الطلاق البدعي، فإن هذا ينافي الورع والاحتياط، فجمهور العلماء على وقوع الطلاق البدعي، ولا حرج عليك في نقلك قول من أخذت بقوله إن كنت ضابطاً لهذا القول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن الراجح من أقوال أهل العلم وقوع الطلاق في الحيض أو في الطهر الذي جومع فيه، كما بينا في الفتوى رقم: 3677.. وهو المفتى به عندنا، وعلى فرض أن الشخص يرى عدم وقوعه في هذه الحالة فلا ينبغي له أن يتلفظ بطلاق زوجته ولو بقصد تهديدها فقط، فإن هذا ينافي الورع والاحتياط، خاصة وأن من ذهب إلى وقوع الطلاق في الحيض هم جمهور العلماء، والدليل يؤيدهم، وقد نص العلماء على استحباب الخروج من الخلاف، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: القاعدة الثانية عشرة "الخروج من الخلاف مستحب". انتهى.
وقد جاء الشرع بوسائل لتأديب الزوجة في حال نشوزها تغني عن مثل هذا الأسلوب، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1103، على أننا ننبهك إلى أن هذا الطلاق لو رفع إلى القاضي فقد يقضي بالقول الآخر ولا عبرة باعتقادك حينها، وهذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال.
أما بخصوص الشق الثاني فالذي يظهر -والله أعلم- أنه لا حرج عليك في إخبار هذا الشخص عن فتوى من أخذت بقوله على سبيل الحكاية عنه إن كنت ضابطاً لما قال. قال ابن القيم وهو يتحدث عن فتوى المقلد: قال أبو عمرو -يعني ابن الصلاح- من قال "لا يجوز له أن يفتي بذلك" معناه لا يذكره في صورة ما يقوله من عند نفسه، بل يضيفه إلى غيره، ويحكيه عن إمامه الذي قلده. انتهى.
وقال ابن عابدين نقلاً عن ابن الهمام: قد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد، فأما غير المجتهد ممن يحفظ أقوال المجتهد فليس بمفت، والواجب عليه إذا سئُل أن يذكر قول المجتهد على وجه الحكاية، فعرف أن ما يكون في زماننا من فتوى الموجودين ليس بفتوى، بل هو نقل كلام المفتي ليأخذ به المستفتي. انتهى.
والله أعلم.