السؤال
أخي الكريم لي قطعة أرض كتبها لي أبي كما كتب لإخوتي فقمت ببناء منزل فيها وقد كلفني هذا كفاح عمر طويل ومصاريف باهظة؛ وأنا يا أخي لست متزوجة وليس لي أبناء ولي إخوة ذكور ونساؤهم يكرهونني كرهاً شديداً حتى أن إحداهن تمنت أن لا أسكن منزلي؛ وبالفعل تعطلت أموري كلها وحتى الآن لم يتيسر السكن فيه؛ ولي أخت ولكن أريد أن أعطي أو أوصي جل ما أملك لأختي، فكيف أتصرف دون أن أخالف ما جاء به ديننا، وهل أستطيع أن أعطي قطعة الأرض والمنزل الذي يوجد فيها هبة لأختي في حياتي ولكن إن كتب لي ربي الإنجاب (وهو أمر صعب) عند ذلك أسترجعها، أو هل أستطيع أن أكتب شيكا بمبلغ بقدر قيمة قطعة الأرض والمنزل ولا تستلمه مني ولا تتصرف فيه إلا بعد مماتي، مع العلم بأنه ليس لي هذا الرصيد لذلك يصبحون ملزمبن بتسليم قطعة الأرض والمنزل لها مقابل الشيك، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله عز وجل أن يلين قلوب إخوتك وأن يؤلف بينكم، أما بالنسبة لسؤالك فقد سبق في الفتوى رقم: 76456 بيان أن من حق الشخص المؤهل للتصرف أن يوزع جميع ممتلكاته بهبة أو صدقة أو غيرهما، إذا كان ذلك على سبيل النفاذ بحيث يتصرف كل من وهب له شيء تصرف المالك في ملكه، أما إذا كان ذلك معلقاً بموت الواهب فإنه يأخذ حكم الوصية فلا يجوز أن تكون لوارث ولا بأكثر من الثلث، إلا إذا أجاز ذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء، ولا يجوز فعل أي من الفعلين بقصد حرمان الورثة من حقهم الذي فرضه الله تعالى لهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن فعل ذلك عومل بنقيض قصده.
وعلى ذلك فلا يجوز لك أن تقصدي حرمان إخوتك من نصيبهم من الميراث الذي فرضه الله تعالى لهم، ولا يجوز التحايل على ذلك بأي صورة من الصور، وإنما ننصحك بالصبر على أذاهم ودعاء الله تعالى وكثرة الاستغفار، ونذكرك بما رواه الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال. فقال:
"يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك. وفي رواية: واعف عمن ظلمك. قال المنذري في الترغيب والترهيب: ورواة أحد إسنادي أحمد ثقات.
والله أعلم.