السؤال
لدي سؤال أتمنى أن يسع صدركم للإجابة عليه ولكم جزيل الشكرعمتي كانت تعيش مع أختها في إحدى المدن القريبة منا لم تتزوج بسبب عاهة وراثيه منعتها من الزواج وعاشت مع أختها وزوج أختها أكثر من 10 سنوات تربي الأبناء تقوم بإعداد الطعام وبعد فترة حدث خلاف بينها وبين زوج أختها فقام بطردها من المنزل لأسباب سأذكرها فيما بعد.وعادت إلى قريتنا وعاشت معنا أسرة أخيها ومعنا أمها الكفيفة التي نحبها أكثر من أنفسنا وبعد فترة ظهرت حقيقة عمتي بداية من إهانة أمها وسبها بألعن الشتائم، وأخيرا من سوء سمعتها وخروجها يوميا لمقابلة الرجال أمام أعيننا والتي كانت السبب في طردها من زوج أختها لأنه يخاف على بناته منها وزادت المشاكل وكلما حاول والدي أن ينصحها بأن تعود إلى ربها ولاتسيء لأمها تقوم بمحاوله انتحار ويصبح والدي هو المخطئ،أما أخواتها فاهملوا الموضوع كأن هذه السيدة ليست أمهم و ينصحوا والدي بأن لا يثير المشاكل لأن جدتي مريضة وإذا حدثت أي مشاكل فمن الممكن أن تموت فيها ويكون والدي السبب ويعيش في ندم طوال حياته... ساعدونا ماذا نفعل هل نتركها تسب أمها وتضربها وتمشي في الحرام مع الرجال أمام أعيننا حتى لا نكون سببا في وفاه جدتي، أم نقوم بما أمر به الله ولا نسكت على المنكر ونحن نحمل ذنوب سكوتنا كل يوم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة في الإسلام، بل هي الشعيرة المميزة للأمة المسلمة، كما قال الله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ {آل عمران:110}.
وهي الشعيرة الفارقة بين المؤمنين والمنافقين: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ {التوبة:67}.
فعلى المسلم ألا يقصر في هذا الواجب العظيم بحسب طاقته وإمكاناته, وبضوابطه الشرعية التي بينها العلماء رحمهم الله, والتي من أهمها: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أشد منه, وأن يكون المنكِر لديه القدرة على التغيير, وألا يعرِّض نفسه بسبب الإنكار إلى بلاء عظيم لا يطيقه, وأن يدفع المنكر بأيسر ما يندفع به.
وما ذكرته أخي السائل من حال عمتك, فإنا ندعوكم أولا إلى كثرة الدعاء لها بظهر الغيب وخصوصا في الأوقات التي هي مظنة إجابة الدعاء, لأن الله سبحانه بيده نواصي العباد وهو قادر على هدايتها وردها إلى الطريق المستقيم , ثم بعد ذلك ننصحكم أن تديموا نصحها بالرفق واللين, وأن تقدروا في ذلك ظروفها النفسية بسبب ما ذكرته من أمر إعاقتها الخَلقية, وأيضا بسبب عدم الزواج فهذا أمر شديد على النفس، وإن كان بكل حال ليس مبررا للفساد والانحراف, ثم بعد ذلك إن أمكنكم أن تغيروا المكان الذي تعيشون فيه حتى تقطعوا علاقاتها بالرجال الذين ارتبطت بهم, وتفرقوا بينها وبينهم, فهذا أمر طيب, ثم إن لم ترتدع عما هي فيه وأصرت على تلك الأخلاق التي ستلحق الضرر بالعائلة كلها, عند ذلك ننصحكم بأن يجتمع كل أفراد العائلة ويأخذوا منها موقفا موحدا لتمنعوها عن غيها, وذلك بأن تمنعوها من الخروج إلى الشارع ومن مقابلة الأجانب, ولو تحتّم خروجها لمصلحة معتبرة ولأمر ضروري فلا بد أن يخرج معها أحد من محارمها إلى أن تنقضي حاجتها ثم ترجع معه إلى البيت، مع العلم بأنه إذا لم يحدث شيء مما ذكر فإنكم تكونون قد أديتم واجبكم ولا إثم عليكم بعد فيما ترتكبه هي، ولا يترك إنكار المنكر لمجرد توهم أن أمها قد تتأذى بذلك، لكن إن تحقق أو غلب على الظن أن ذلك قد يؤدي إلى تأثر أمها بما يؤدي إلى تلفها فهذا ضرر أكبر. نسأل الله سبحانه أن يهديها إلى الصراط المستقيم وأن يوفقها للتوبة والرجوع إليه إنه سبحانه تواب رحيم .
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 22063, والفتوى رقم: 17092.
والله أعلم.