الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دخل بها بعد قراءة الفاتحة بحضور الشهود ثم تركها

السؤال

بالنيابة عن قريبة لي أطلب من فضيلتكم النظر في هذا الموقف... فتاة تقدم لها عريس يكبرها بعقدين، فقبلت به وتمت قراءة الفاتحة بحضور الشهود والإمام، مع العلم بأنه لم يتم تدوينها، وتم دفع المهر وتم تحديد موعد الزفاف خلال هذه الفترة تمت الخلوة بينهما ودخل بها دون الإعلان ودون علم الأهل، وبعد نهاية الفترة المتفق عليها لم يرد العريس صياغة العقد الرسمي عند القاضي وتم الانفصال دون علم الأهل بأنه تمت هناك خلوة وتم الجماع، واسترجع العريس المهر، فنرجو من فضيلتكم إفادتنا بفتواكم في هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن مجرد قراءة الفاتحة فضلاً عن كونه من البدع فإنه لا يتم به عقد الزواج ولو مع حضور الشهود على ذلك، وإنما يشترط حصول الإيجاب والقبول بين ولي المرأة وبين الزوج أو وكيله مع حضور شاهدي عدل على الأقل ولو لم يتم توثيق ذلك بالمحكمة، فإن كان قد حصل العقد مستوفياً لشروطه فإنه يترتب ما يلي:

أولاً: بمجرد إتمام العقد الصحيح تصير المرأة المعقود عليها زوجة لمن عُقِد له عليها، فيجوز له منها ما يجوز للرجل من زوجته كالخلوة والوطء ونحوهما، وليس ذلك مشروطاً بإقامة حفل زفاف في الحال أو في المستقبل كما يظن البعض، إلا أنه ينبغي مراعاة الأعراف والعوائد، فإن كان العرف أن لا يدخل الزوج بزوجته قبل الزفاف فينبغي للزوج التقيد بذلك رعاية لمشاعر أهل الزوجة وحرصاً على رضاهم وسدا لباب الخصام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2940.

ثانياً: إن كان قد تمت الخلوة الشرعية الصحيحة بعد ذلك (والدخول من باب أولى) فإن هذه الخلوة تستحق بها المرأة المهر كله عند جمهور الفقهاء، وتجب عليها العدة، وتستحق النفقة ما دامت في العدة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72001، 69252.

وأما إن لم يكن تم العقد على النحو الذي ذكرنا مع استيفاء الشروط السابقة فإن هذه الخلوة التي وقعت بينهما محرمة والدخول بهذه المرأة زنا إن كانا عالمين بحرمة ذلك، لأنها ما زالت أجنبية عنه وعليهما التوبة والاستغفار من ذنبهما.. ولا مهر للمرأة ولا نفقة لها، وإن أتت بولد فينسب لها ولا ينسب له.. قال في مطالب أولي النهى: (ومع علمها) أي المصابة أنها ليست زوجته، وأنها محرمة عليه، وأمكنته من نفسها فهي زانية لا صداق لها وعليها الحد، لانتفاء الشبهة. انتهى.

وأما إذا كانا جاهلين بالحكم فهو وطء شبهة وعليها العدة ولها النفقة مدتها ولها المهر، واختلف هل هو المسمى أو مهر المثل... وأن أتت بولد ينسب له.. قال ابن قدامة في المغني: إذا نكحها رجل فوطئها عالماً بالحال، وتحريم الوطء وهي مطاوعة عالمة فلا مهر لها، لأنه زنى يوجب الحد، وهي مطاوعة عليه. وإن جهلت تحريم ذلك، أو كونها في العدة فالمهر لها، لأنه وطء شبهة... ثم ذكر حديث أبي داود وفيه: لها الصداق بما استحللت من فرجها. انتهى.

والحاصل أن ما ذكرته من قراءة الفاتحة إن كان المقصود به أنه قد حصل عقد مستوف لشروط الصحة فإن المرأة تصير به زوجة لمن عُقِد له عليها، وإن دخل بها كان من حقها أن تحصل منه على جميع المهر، وبالتالي فليس من حق هذا الرجل أن يسترجع ما بذله من مهر، وأما إن كان المقصود أن العقد لم يحصل وأن الأمر لا يعدو أن يكون خطبة فما وقع من دخول هذا الرجل بها هو زنا إذا كانا عالمين بذلك ولا مهر لها؛ وإلا فهو وطء شبهة فيحكم لها بالمهر على خلاف بين العلماء هل هو مهر المثل أم المسمى؟

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني