الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاطبة الوالدين بعصبية تجاوز لحدود الله

السؤال

أعاني من كثرة المشاكل بيني وبين خطيبي رغم أننا يحب كل منا الآخر جدا فلا أعلم من أين تأتي المشاكل ولا أعلم من منا المخطئ، فالمشاكل تأتي لأتفه الأسباب وعندها أشعر بحالة حزن شديدة وأتحدث بعصبية إلى كل من حولي وهم لا يراعون غضبي ويسامحوني بل يغضبون علي وخاصة أبي فعندما أكلمه بأسلوب لا يعجبه، يوبخني ولا يتحدث إلي بعدها فأصاب بضيق أكثر مما كنت عليه وأحس بالوحدة، علما بأن خطيبي يعمل بالخارج وأتحدث معه على الانترنت وهو أيضا يريد تعجيل الزواج ولكن ليس لدينا الإمكانيات الكافية ولا أحد يساعدنا، فأفيدوني لأن هذا يحدث لي كثيرا..... أرجوكم ساعدوني......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها، ولا أن تحدثه على النت أو غيره لغير حاجة معتبرة بمفردها، ولا ما وراء ذلك، وهو كسائر الناس حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة. وأما ما يفعله بعض الناس من تمكين الخاطب من رؤية المخطوبة فيما زاد عما يحصل به قبول كل منهما بالآخر والجلوس مع المخطوبة والخلوة بها، فهذا منكر عظيم وإثم مبين.

فالواجب عليك أيتها السائلة بعد أن حصل الركون من كل منكما لصاحبه أن تقطعي كل اتصالاتك بخطيبك هذا تماما إلى أن يتم عقد النكاح.

وما يحدث بينكما من مشاكل ومشادات واختلافات يحتاج إلى مراجعة النفس في العلاقة بعلام الغيوب جل وعلا، وخصوصا فيما يتعلق بعلاقتك بخطيبك هذا، فإن الله سبحانه جعل السعة والفرح والسرور في طاعته واتباع أوامره، وجعل الهم والغم والضيق في معصيته والبعد عن سبيله، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97} وقال سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.

وأما ما تشتكين منه من أمر الغضب فعليك أن تعلمي أن الغضب ثمرة من ثمرات ضيق الصدر، وضيق الصدر ثمرة من ثمرات التقصير في جنب الله، فالإنسان إذا راعى أوامر الله حق رعايتها، سكنت نفسه واطمأن قلبه، وغشيته السكينة.

فاستعيذي بالله من الغضب فهو داء وبيل يورث العداوات والأحقاد وينغص العيش ويكدر صفوه، ويفتح الباب لتحكم الشيطان في الغضبان فيجعله يفعل ويتكلم بما يندم عليه إذا انطفأت نيران غضبه.

أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا تصرعه الرجال. فقال: لكنه الذي يملك نفسه عند الغضب.

وإذا كان هذا أمر الغضب ووصفه فإنه يزداد قبحه وبشاعته إذا كان على أحد الوالدين، اللذين أوصى الله الإنسان ببرهما والإحسان إليهما في كل الأحوال حتى في حالة كفرهما.

فعليك أيتها السائلة أن تلتزمي الرفق واللين والأدب الكامل في معاملة الوالد، وألا يكون ردك عليه وتعاملك معه كسائر الناس، فحقه عليك عظيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي, وصححه الألباني.

وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وننصحكما بتعجيل عقد النكاح حتى لا تدعا فرصة للشيطان يفتح منها أبواب الفتن، وإذا كان هناك ضعف في الإمكانات المادية –كما تقولين - فيمكن معالجة ذلك بالتسهيل في الأمور من قبل جميع الأطراف، فلا داعي للمغالاة في المهور ولا داعي للتكلف في الأثاث ونحوه، وتحميل النفس فوق طاقتها، جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها و تيسير صداقها و تيسير رحمها، قال الألباني: حديث حسن.

وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد.. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم من فضله الواسع .

وللفائدة تراجع هاتان الفتويان: 31276، 38423.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني