السؤال
ابنة في العشرين من عمرها بارة بوالديها طائعة لهما ذات صلاح ودين... تسكن مع أمها المطلقة، ومع ذلك تذهب إلى بيت أبيها الذي لم يتزوج بعد لخدمته وعمل كل ما يريد من طبخ وغسيل وتنظيف... في هذه الفترة تكرر منه تصرف غير لائق مع ابنته من صدور كلمات تنم عن نفس خبيثة لا تريد إلا الشر.. حيث يقول لها أتريدين طاعتي؟ أتريدين أن تكوني بارة بي؟ فتقول: نعم. فيقول: أريد أن أعمل بك الفاحشة، فقد سألت العلماء وقد أفتوني بجواز ذلك حيث قالوا إن عليك تحصين أييك!!! ويتكلم بكلام فاحش بذيء... ويصدر منه تصرفات تدل وتؤكد ما يريد حيث يتعرى من الملابس ويطلب منها أن تدهنه وإلا سينالها ما لا ترضاه... امتنعت هذه الفتاة الحائرة من الذهاب إلى أبيها وجلست عند أمها؛ لأنها تعلم المصير إذا ذهبت إليه وكان ما يريد.. بدل أن كان يدعو لابنته أصبح وأمسى يدعو عليها لأنها لم تعد تزوره للأمر الذى أوضحته... البنت حائرة لا تعرف ماذا تعمل، وتخاف على نفسها من دعوة الأب المستجابة حيث ورد فى الحديث أنه من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم... فما حكم الشرع في هجر البنت لأبيها، هل القانون يحميها إذا تعرضت لإيذائه حيث يترصد لها أمام بيت أمها... فأرجو من فضيلة العلماء إفادتنا فى الموضوع بما يشفي الغليل... وأرجو من أهل الصلاح والخير أن يدعو لهذه البنت بأن يرزقها الله زوجا صالحا يحصنها ويكون سببا في سعادتها في الدارين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يفعله أبو هذه الفتاة وما يطلبه منها هو من أكبر الكبائر وأشنع الذنوب التي توجب لعنة علام الغيوب، وإذا كان الزنا بزوجة الجار إثم يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكفر بالله، كما في الصحيحين: قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (أن تدعو لله ندًّا وهو خلقك). قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك). قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تزاني بحليلة جارك). فما الظن بزنا الرجل بابنته؟!!
ولا شك أنه لا يفكر في هذا الفعل إلا إنسان قد سلب الحس والأخلاق والدين والعقل جميعاً، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري.
وصدق الرسول الكريم عندما حدث أصحابه عن فتن آخر الزمان التي تكون بين يدي الساعة فتعجب الصحابة أشد العجب حتى قال بعضهم: يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وقد أدركنا ما أخبر به الصادق المصدوق بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ولتعلم هذه الفتاة أنه يحرم عليها الخلوة بأبيها إلا أن يكون معها من يحميها منه من أخ أو عم ونحو ذلك، فلا يجوز أن يختلي بها أو أن تظهر أمامه مبدية بعض زينتها، بل عليها إذا أجبرت على لقائه أن تظهر أمامه متحجبة لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها وقدماها على أكثر الأحوال..
والذي ننصحها به هو أن تحاول نصحه وتذكيره بالله دون أن تلتقي به، بل بنحو الرسائل وغير ذلك وأن تطلب من أعمامها وأخوالها ونحوهم من أهلها أن ينصحوه ويذكروه بالله، فإن هو استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فعليها باللجوء إلى السلطات وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليحموها من شره وفسقه.
وأما ما يهددها به من دعاء عليها فلا تعبأ به فدعاؤه في هذه الحال لا يستجاب له فيه، بل دعاؤه عليها لامتناعها منه إثم ومعصية سيرى أثرها يوم يلقى ربه -إن لم يتب من فعله- ومع ذلك فإنا نوصيها بأن يكون بينها وبينه نوع من الصلة لأنه لا يحل لها بحال أن تهجره، ويمكنها أن تقتصر في هذا الأمر على السؤال عنه بالهاتف مثلاً، ونسأل الله أن يفرج كربها وأن يرزقها زوجاً صالحاً يعينها على طاعته ومرضاته، ومما سبق تدرك السائلة أن الذي يفتي بجواز ذلك أحمق من ذلك الأب وأجهل منه.. والله المستعان.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 109477، والفتوى رقم: 47916.
والله أعلم.