الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقه على علاقة بامرأة مع كونه متزوجا وله طفلان

السؤال

سوف أدخل مباشرة في الموضوع عندي صديق عمره 32 سنة متزوج و أب لطفلين والمشكلة هي أنه منذ ما يفوق العام وهو على علاقة بامرأة أخرى عشيقة مما أثر على علاقته ليس معي فقط ولكن مع زوجته ووالدته و إخوانه وأخواته، أما أنا فبعد إن كنا كأخوين مدة 6سنوات أصبحنا لا نتبادل سوى التحية الجافة. وبالنسبة لي هدا الشرخ في علاقتي معه لا يهم. الإشكال هو بينه وبين أسرته من جهة وبينه وبين زوجته التي حاولت الانتحار. وقد راسلني أخوه الأكبر لكي أتدخل وأنصحه لكي يعود إلى رشده. ولكن كما أسلفت فإنني لم أعد على علاقة جيدة معه فما هو الحل أثابكم الله وسدد خطاكم فالحالة مستعجلة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحل الأمثل في هذه الحالة أن تقوم أنت أو من ترون أنه من أهل الخير والصلاح بمناصحة هذا الرجل بأن ما يقوم به إنما هو من كبائر الذنوب التي توجب غضب علام الغيوب, فإن الزنا من الكبائر التي يعلم تحريمها كل أحد، وهو محرم في كافة الملل وذلك لما يجلبه على المجتمعات من الأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره، ويشيع بينهم البغضاء، ويتسبب في كثير من الجرائم، وبه تختلط الأنساب، وتضيع العفة، وقبل ذلك كله جالب لسخط الله وعقابه.
وقد رتب الله عليه عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. {الفرقان:698،69}.

وقد جاء في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام : فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. رواه البخاري.
وهذا عذابهم في البرزخ حتى تقوم الساعة، وقد حذر الله من الزنا بقوله سبحانه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}.
وعقوبة الزاني في الدنيا هي أنه إذا ثبت زناه عند الحاكم المسلم فيجب أن يقام عليه الحد، وهو جلد مائة جلدة للزاني البكر (الذي لم يسبق له الزواج) وينفى الرجل من بلده عاماً، وأما الزاني المحصن (الذي سبق له وطء زوجته في زواج صحيح) فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت، ويستوي في هذا الحد الرجل والمرأة، قال الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ {النور:2}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، وعلى الثيب الرجم. رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وهذا لفظ ابن ماجه، وينبغي لكم أن تذكروه بحقوق أولاده وزوجته عليه وأن أولاده أمانة عنده وهو مسؤول عنهم أمام الله, والواجب عليه أن يكون قدوة حسنة صالحة لأولاده, لا أن يكون قدوة سيئة لهم فينشؤوون أول ما ينشؤون على المعاصي والذنوب، وأما بالنسبة لزوجته فإنا نوصيها بالصبر عليه واستدامة النصح والتذكير له, فإن لم يرجع عن غيه وبغيه فلها حينئذ طلب الطلاق منه لما يلحقها هي وأولادها من ضرر عظيم , وسمعة سيئة جراء ارتباطها بهذا الرجل.

وأما الانتحار فليس علاجا بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد جاء فيه من الوعيد ما تفشعر منه الأبدان وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 10397. وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71600 , 35221.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني